47% من السعوديين غير ملتزمين بتناول أدوية الضغط كما وصفت لهم أغلب أمراض القلب هي أمراض مزمنة اتصل أحد المرضى على السكرتارية طالبا رؤية طبيب القلب بصورة عاجلة قبل نهاية دوام الاربعاء وعندما فحص الطبيب ذلك المريض وجد انه في حالة فشل قلب شديدة وادخل مباشرة للعناية المركزة وعلى الرغم من تأكيده بأخذ الادوية بانتظام وبدون تفريط منه الا ان افراد اسرته اكدوا جميعا عدم حرصه على اخذ الدواء كما وصف له. ومع تكرار رؤية هذه الظاهرة في اكثر من حالة سألت بعض الزملاء لي في نفس المهنة وافادوا جميعا انه من الملاحظ ان هناك مجموعة من المرضى لايتبعون ماقيل لهم .. فهل هو تقصير من الاطباء بعدم شرح اهمية اخذ الدواء؟ ام هل هو عدم ثقة من المريض في علاج الطبيب؟ ام هو عدم مبالاة المريض بصحته ونتائج عدم اخذه للدواء؟ ام هو نسيان بشري ويعذر المريض في ذلك؟ ام هو بسبب «الاميّة الصحية» health illiteracy أي بمعنى نقص الوعي الصحي ؟ ام هو عدم وجود مضاعفات صحية خطيرة ومباشرة لترك الدواء وبذلك يستسهل التراخي فيه؟ ام هو كل ماسبق ذكره مجتمعا؟ ام هو شيء يتعلق بالرؤية الثقافية للامراض وطرق علاجها والثقة بالطب البديل وعدم الثقة بالطب الحديث وادويته؟ فمثلا وجدت احدى الدراسات الحديثة ان بعض الاجناس البشرية اقل تمسكا بخطط العلاج والادوية مقارنة بالاجناس البشرية الاخرى (فمثلا الافارقة الامريكان رغم تعلمهم وانصهارهم لاجيال متعددة في المجتمع الامريكي الا انهم اقل تمسكا بخطة العلاج من الاوربيين المساوين لهم في المستوى المادي والتعليمي والاجتماعي) ولايعرف سبب علمي وجيه لهذا الاختلاف .ومثل ذلك المقارنة بين الايطاليين والدنماركيين في اخذ ادوية الدهون...حيث وجد ان الايطاليين اقل التزاما من الدنماركيين في ادوية الدهون في تلك الدراسة التي من الممكن ان يكون هناك اسباب متعددة لها. وهل الملاحظة السابقة في مجتمعنا هي شيء نادر حدوثه والنادر لاحكم له ويجب الا يعطى الموضوع اكبر من حجمه؟ لقد اوضحت احدى الدراسات الطبية التي اجريت في مدينة تبوك ان 47% من السعوديين في تلك الدراسة لم يلتزموا بادوية الضغط كما وصفت لهم.( Journal of Hypertension. 15)5(:561-,565 May 1997) وهذا الرقم يتماشى مع الارقام المنشورة عالميا لنفس المشكلة . خطط علاجية ان اغلب امراض القلب هي امراض مزمنة وتحتاج الى خطط علاجية قريبة وبعيدة المدى ولنجاح هذه الخطة يجب ان يكون هناك نوع من الشفافية والثقة المطلقة بين الطبيب ومريضة .. فاذا لم يستطع المريض اخذ الدواء لاي سبب كان فيجب ان يكون صريحا ويعترف لطبيبة بذلك .. .لأنه بذلك التصرف يساعد نفسه قبل ان يساعد الطبيب، فاذا لم تخبر الطبيب بما حصل فعلا.. فستجعله يفكر في احتمال اخر بعيد كل البعد عن الحقيقة وتجعل الطبيب يعالجك على ذلك الاساس وبالتالي يكون المتضرر الوحيد هو المريض نفسه، وفي الطرف الاخر لهذه العلاقة.. هذا المفهوم لايعفي بعض الاطباء من المسؤولية وعدم اعطاء الوقت الكافي للمريض وممارسة «طب الثلاث دقائق» فهناك حقوق وواجبات لكل من طرفي العلاقة: الطبيب ومريضة التي سبق وان بينها بشيء من التفصيل.. وحتى اذا لم تكن مقتنعا برأي الطبيب او تشخيصه فاطلب منه ايها المريض مايؤكد صحة تشخيص الطبيب ويطمئن به قلبك ويقنعك برأيه او اطلب رأي طبيب أخر.. المهم الا تخرج من تلك العيادة الا وانت وذلك الطبيب اما متفقان على تشخيص ما وخطة علاجية يجب الالتزام بها او متفقان في البحث عن رأي طبيب أخر. ان عدم الالتزام بالدواء هي مشكلة عالمية باعتراف منظمة الصحة العالمية قبل ان تكون محلية ففي تحليل احصائي ل 139 دراسة طبية عن الالتزام بادوية القلب (Int J Clin Pract. 2008 January; 62(1(: 76 ) وجد ان 40% من المرضى لايلتزمون بالدواء كما وصف لهم الطبيب ( MPR > 80% ) وهذا بلا شك يعرض مريض القلب بزيادة تتجاوز الضعف لخطر الاصابة بالوفاة القلبية او ازمة قلبية او سكتة دماغية مقارنة بمن ينتظم على الادوية، اضف على ذلك ان فيه تعريض للنفس للتهلكة وهدر للمال العام الذي تصرفه الدولة بملايين الريالات لعلاج المريض ولشراء الادوية التي لاينتظم عليها ولعلاج مضاعفات الامراض التي لاينتظم في علاجها وكذلك الخسارة الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للوقت المهدر في المقابلة الطبية التي لم يستفد من المريض او الطبيب.ومن الملاحظات الغريبة ان اكثر نسبة عدم التزام كانت لادوية الكلسترول 49% يليها ادوية السكر42% واقلها عدم التزاما هي ادوية الضغط 36%. وقد اتضح ان اغلب معدلات عدم الالتزام تحصل غالبا في السنة الاولى ثم بعد ذلك يستقرذلك المعدل. ونقترح لزملائنا الاطباء عندما يواجهون احد هؤلاء المرضى ان يبحث في الاسباب التي ادت الى عدم الالتزام التي قد تكون عضوية او نفسية او اجتماعية او عدم ثقة في تشخيص الطبيب او ظروف اقتصادية اذا كان هذا الدواء يحتاج المريض الى شرائه او عدم اهتمام بصحته ولكل من هذه الظروف طريقة للنقاش والمعالجة ويفضل اشراك احد افراد اسرة المريض في تلك المناقشة وايجاد الحلول المناسبة لكل حالة، وان يكون لكل مريض من هؤلاء مفكرة يومية تكتب للطبيب بأهم حوادث ذلك اليوم اذ وجدنا ان هناك فائدة كبيرة في متابعة حالته - بهذه الطريقة - خصوصا لدى كبار السن