أدّت جائحة كورونا إلى عرقلة عجلة الحياة، وتعطيل الأسواق، واختبار كفاءة الحكومات، ودفعت العالم باتجاه الإسراع في هيكلة النظام الدولي الذي سيتحدد على إثره المنظومة السياسية والاقتصادية لعقود مقبلة. ولم يكن العام 2020م، عام كورونا فحسب، بل أبرز الخلل في الواقع الدولي، وأكّد على تصدّع العولمة بصيغتها الراهنة، وفشل اتحادات كان يشار لها بالبنان. وسنتطرق في هذا التقرير، إضافة إلى جائحة كورونا، إلى أهم الأحداث التي جرت حول العالم في العام المنصرم. أولاً: جائحة كورونا يعتقد الإنسان في القرن الحادي والعشرين أن الطب لا يعجز عن شيء، ولن يستطيع فيروس يشبه الإنفلونزا الوقوف في وجهه؛ لكن انتشار المرض في الغرب خصوصاً أظهر خيبة أمله، وأوصله إلى مستوى عالٍ من الخوف والتشاؤم، وذلك يعود إلى: أ. اهتزاز صورة العولمة لجأت دول العالم المختلفة إلى تبني واتخاذ إجراءات طارئة لإدارة أزمة جائحة كورونا ما ساهم نسبياً في اهتزاز صورة العولمة الغربية، مع تحوّل يبدو تدريجياً للنفوذ من الغرب باتجاه الشرق، في ظل استجابات أكثر كفاءة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي وكوريا الجنوبية وسنغافورة والصين، من خلال انتهاج سياسات صارمة مكنتها من احتواء الفيروس إلى حدّ بعيد. وفي المقابل، اتسمت استجابة الحكومات الغربية بالبطء والعشوائية، وتغليب المصالح الاقتصادية على صحة الإنسان، مما زاد من تشويه الهيمنة الغربية، وعلى الرغم من ذلك، أن الطبيعة التنافسية للسياسة العالمية لا تزال قائمة، ولم تنهِها الأوبئة السابقة، لكن لا شك أن جائحة كورونا ستخلق عالماً جديداً أقل انفتاحاً وازدهاراً وحرية. وقد بات من الصعوبة بمكان أن يعود العالم إلى طرح العولمة الغربية التي تم طرحها في بداية القرن الحادي والعشرين، وهو ما يتطلب انضباطاً كبيراً للقادة السياسيين في الاستمرار على التعاون الدولي، بعيداً عن المنافسة الجيوسياسية، لا سيما أن جائحة كورونا قد لعبت دوراً فارقاً في تغيير نمط الاتجاهات الاقتصادية العالمية. واستندنا في طرحنا هذا إلى فقدان الشعب الأميركي في ظل الجائحة جزءاً كبيراً من ثقته بالعولمة والتجارة الدولية واتفاقياتها، على عكس الشرق الذي كسب التزاماً اجتماعياً واقتصادياً. ب. ارتباك الدور الأميركي امتلكت الولاياتالمتحدة أكبر اقتصاد في العالم، وأبرز الجامعات ومراكز البحوث، إضافة إلى قوات عسكرية لم تتمكن أي دولة أن تجاريها، الأمر الذي جعل دول العالم يعدها نموذجاً لعالم يزداد عولمة، لكن تبني الولاياتالمتحدة الضرورات الاقتصادية وسياسة فك الارتباط مع العالم في جائحة كورونا أثر في صورتها النمطية في إدارة الأزمات. كما اتسمت الاستجابة الأميركية تجاه جائحة كورونا بالارتباك والتأخير، والذي كبّدها آلاف الوفيات وتريليونات الدولارات، مما شوّه صورتها كدولة قائدة في الأزمات العالمية، لا سيما أن الولاياتالمتحدة قد رفضت أن تكون شريكاً في أي عمل دولي لمحاربة الجائحة، لا سيما مع استنكار ألمانيا محاولة الولاياتالمتحدة استقطاب عدد من العلماء الألمان لإنتاج لقاح لعلاج فيروس كورونا تحتكره هي دون غيرها.كذلك أطلقت الولاياتالمتحدة على الجائحة مسمى (فيروس ووهان) أو (الفيروس الصيني) ما يؤكد الاستمرار في معاداة الصين، بينما لعبت الصين بورقة (القوة الناعمة) بمهارة، والتي تعني القدرة على الحصول على ما تريده من خلال الجذب بدلاً من الإكراه، والذي كان بالأصل لعبة الولاياتالمتحدة لمدة طويلة، إلا أن الصين لعبت مع الولاياتالمتحدة بأوراقها نفسها نتيجة احتوائها لفيروس كورونا، ليس كحاضنة للوباء، لكن كزعيم مسؤول يقدم المساعدات الطبية في أزمة عالمية. ج. تصدّع الاتحاد الأوروبي كشفت جائحة كورونا ضعف التضامن الذي يُعدّ جوهر الاتحاد الأوروبي، وأساس قيامه، وباتت مؤسساته غير قادرة على احتواء الفيروس، إضافة إلى تبني دوله سياسات منفردة، لا سيما أن غالبية الدول الأوروبية تعاني من نقص في الأدوات الطبية، أكثرها لا يحظى بأي دعم من الاتحاد، خصوصاً من قبل الدول الكبرى كألمانيا التي منعت تصدير المعدات الطبية، وصادرت شحنة من المستلزمات الطبية وعدد (800) ألف قناع كانت في طريقها إلى إيطاليا، وأعلنت النمسا وسويسرا عن عدم رضاهما من الموقف الألماني الخاص بوقف تصدير المستلزمات الطبية اللازمة لمكافحة الفيروس، إضافة إلى توجيه إيطاليا اتهامات للتشيك لمصادرتها شحنة كانت الصين قد أرسلتها لمساعدة إيطاليا تتضمن مئات الآلاف من المعدات الطبية وأجهزة التنفس، مما أثار العديد من التساؤلات حول موضوع التضامن الأوروبي.لذلك عكست سياسات الدول الأوروبية خلال الأزمة مدى هشاشة التضامن الأوروبي، وهذا ما أكده الرئيس الصربي، الذي قارن بين المساعدات الصينية وتقاعس الاتحاد الأوروبي عن مساعدة دوله، مع غياب تبني المفوضية الأوروبية لسياسات تكاملية. ولا شك أن عدم التضامن الأوروبي تجاه الجائحة أدى إلى تبني الأحزاب الشعبوية في دول الاتحاد الأوروبي نهج الانسحاب من الاتحاد، خصوصاً بعد خروج بريطانيا رسمياً مطلع 2020م، ويبدو أن الجائحة جاءت لتزيد تفتيت أواصر الاتحاد من خلال السياسات الفردية التي تتبناها دول الاتحاد دون تنسيق فيما بينها، وفي ظل نقص حاد في المستلزمات الطبية، ومع صعوبة استيرادها من الولاياتالمتحدة التي تعاني هي الأخرى من نقص المستلزمات، بينما تركز الدول الأوروبية الكبرى على تقليل حجم خسائرها، بعيداً عن نجاة الاتحاد كلّه من هذه الأزمة. د. احتواء صيني بدأت الصين عام 2020م بشكل سيئ وبصعوبة في مواجهة الوباء، وتوقف اقتصادها عن العمل بشكل شبه تام، وانخفضت المبيعات بشكل كبير، لكن سرعان ما احتوت انتشار الجائحة، وأنهت هذا العام مع العودة إلى النمو الاقتصادي، لكن ما يخيف الصين هو تراجع الطلب الأجنبي، حيث يستمر الفيروس في الانتشار دولياً، ما يؤدي إلى تراكم الديون المحلية التي لا يمكن تحملها، والتي يمكن أن تتحول بالمستقبل إلى عبء يُهدد نمو اقتصادها. وكان من المتوقع أن يكون الاقتصاد الصيني أكبر المتأثرين بهذه الجائحة، لا سيما مع انخفاض الطلب العالمي على السلع الصينية، وفي المقابل تعدّ سرعة انتعاشه مؤشراً رئيساً يمكن القياس عليه مدى سرعة عودة الاقتصاديات العالمية إلى وضعها الطبيعي. كذلك كان التوسع السريع للاقتصاد الصيني الرقمي أحد مصادر القوة، لا سيما أن ربع مبيعات التجزئة الصينية حدثت أثناء الجائحة عبر الإنترنت، وهذا الأمر قطع شوطاً طويلاً نحو تعزيز المرونة الاقتصادية للصين. ه. الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إنّ الانخفاضات في أسعار النفط وعائدات السياحة ومعدلات الاستهلاك المحلي نتيجة جائحة كورونا قد أثرت سلباً على أغلب اقتصاديات دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي لم تفعّل خططاً بديلة باستثناء دول الخليج العربي التي طرحت خططاً تنموية بديلة واجهت الأضرار المحتملة للجائحة. ولكن مع استمرار انخفاض أسعار النفط سيؤدي إلى إطالة مدة التعافي المطلوبة من الجائحة، وبالتالي إبطاء وتيرة الإصلاح الاقتصادي، بالرغم من أن الدول الخليجية استفادت من الاحتياطيات المالية مع تأجيل العديد من الاستثمارات الرأسمالية. وفي المقابل أدت جائحة كورونا إلى الإسراع في وتيرة انهيار اقتصاديات دول سياحية بسبب تقليص الاستهلاك والسياحة. و. ملامح نظام جديد كان التعاون الأميركي - الصيني في بداية الجائحة واعداً بشأن الاستجابة لجائحة كورونا، لا سيما أنهما أمام عدو مشترك، فقد أبلغت الصينالولاياتالمتحدة بحالة المرض في 03 يناير 2020م، وشاركت التسلسل الجيني لفيروس كورونا مع الولاياتالمتحدة، مما ساعد واشنطن من تطوير اللقاح، كما تحدث رئيسا الدولتين عبر اتصال في 7 فبراير 2020م، وأعرب الرئيس ترمب عن استعداده لتقديم المساعدة من خلال إرسال خبراء إلى الصين، لكن الإجراءات اللاحقة وأدت التقارب بين البلدين، ففي يناير 2020م، وقع ترمب على أمر تنفيذي يمنع جميع الرعايا الأجانب الذين كانوا في الصين من دخول الولاياتالمتحدة، أعقبها تصريح لوزير التجارة الأميركي قال فيه إن تفشي المرض في الصين سيساعد على تسريع عودة الوظائف إلى الولاياتالمتحدة. بينما الصين لم تكن مستاءة من المسؤولين الأمريكيين فحسب، بل أيضاً من وسائل الإعلام الأميركية، فقد نشرت صحيفة وول ستريت جورنال في 03 فبراير 2020م مقالاً تحت عنوان «الصين رجل آسيا المريض الحقيقي»، مما دفع الصين إلى طرد ثلاثة مراسلين من وول ستريت جورنال في بكين، ورداً على طرد الولاياتالمتحدة ل (60) صحفياً صينياً من الولاياتالمتحدة، ثم صعّد الرئيس ترمب الخلاف مع الصين بقوله: (الفيروس الصيني)، وهو ما زاد من حدة المنافسة بين البلدين. وفي المقابل نجحت الصين في استثمار الأزمة من خلال طرح نفسها القائد البديل للنظام العالمي من خلال تقديم المساعدات للدول المتأزمة من فيروس كورونا، ورافق ذلك إرسال موسكو فرقاً طبية من جيشها لمساعدة أوروبا الغربية. ونلحظ مما سبق أن الدول الكبرى ركّزت على الخلافات اللحظية والمكاسب والخسائر التكتيكية، ولم تنظر إلى الجائحة على أنها خطر داهم يهدد الجميع، وتجب مواجهته بأي ثمن، لهذا كشف وباء كورونا عن شخصية بشرية غير إنسانية، عنوانها: (تموت اليوم وأموت غداً!). ولقد أظهرت الجائحة فقد المجتمع الدولي الثقة بالمنظمات الدولية، رغم إمكاناتها المحدود، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، كما أن المجتمعات الغربية لم تثق أيضاً في حكوماتها، لأنها أخفت الخطورة الحقيقية للجائحة، ومن جانبها لا تثق بعض الدول الكبرى في بعضها البعض، مما أدى إلى ظهور حلقة مفرغة من انعدام الثقة بينها، والذي بات أرضاً خصبة لاستفحال جائحة كورونا. ز. تحوّلات اجتماعية اعتادت المجتمعات في معظم مناطق العالم على ارتداء الأقنعة، وإلغاء التجمعات الاجتماعية والتجارية، وتخزين الضروريات، وإلغاء مواعيد السفر، إضافة إلى العمل من المنزل، ومن المتوقع أن تستمر هذه العادات الجديدة التي فرضتها الجائحة لمدة طويلة حتى لو تمت السيطرة على جائحة كورونا. ومن جانب آخر اضطرت شركات التصنيع الدولية إلى قطع جزء من اعتمادها على الصين، وإعادة التفكير في تحديد مكان إنتاج سلعها وأسواقها وتحويل مساراتها بطرق أكثر دقة، لا سيما مع مخاطر الاعتماد على مصدر واحد للمكونات والتي كشفتها الحرب التجارية بين الدول الكبرى. كذلك دفعت الجائحة الشركات العالمية نحو تكثيف الاستثمارات بقطاعات أخرى لم تحظَ بالأهمية سابقاً، إضافة إلى هذا بدأت الشركات العالمية تعزيز خيارات العمل عن بُعد، مما أدى إلى حقبة تجارية جديدة. ح. القطاعات الأكثر تأثّراً ألقت جائحة كورونا ثقلها على مجمل قطاعات الأعمال بسبب اختلافات أنماط العرض والطلب، مما جعل صناعاتها عرضة للتأثر سلباً بانتشار الجائحة، حيث ظهر التأثير الأكبر في الصين، بسبب إجراءات الحجر الصحي وعزل المقاطعات بعضها عن الآخر. ولقد شهدت صناعة السيارات تراجع معدلات نموها، وواجهت صناعة السياحة خسارة كبيرة حتى في البلدان التي لم تتأثر كثيراً بانتشار الجائحة، كما واجهت شركات الطيران وخطوط الرحلات البحرية والفنادق تحديات اقتصادية بسبب حظر السفر. كذلك أدى انخفاض النشاط الاقتصادي العالمي إلى خفض الطلب على النفط، وهبوط أسعاره إلى أدنى مستوياتها بسبب تفشي الجائحة، وكون الصين أكبر مستورد للنفط في العالم، مما قلل الطلب العالمي، وتسبب في تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي. ط. القطاعات الأكثر انتفاعاً أنفقت حكومات العالم أموالاً طائلة على الرعاية الصحية، وتأتي على رأس هذه الحكومات حكومة المملكة العربية السعودية لتجنب التكلفة الهائلة المرتبطة بالجائحة، ولا أدل على ذلك من تخصيص المملكة قسماً كبيراً من ميزانيتها للرعاية الصحية. وشهدت الرعاية الصحية تغييرات واضحة في مجال توسيع منتجات التأمين، وطلب المنتجات الطبية عبر الإنترنت لتعويض النقص الناجم عن الأزمة، والكشف المبكر والوقاية، إضافة إلى ظهور أعمال جديدة في قطاعات الصحة، مثل الخدمات اللوجستية، والتسجيل عبر الإنترنت، خصوصاً في مجال التعليم والترفيه وتجارة التجزئة.كما استفادت صناعة الأدوية بشكل كبير من خلال الفوضى الناجمة عن الجائحة، حيث تعدّ شركات الأدوية الأكثر انتفاعاً، لأن المجتمعات تحتاج إلى منتجات صيدلانية، لا سيما العلاجات واللقاحات والمعقمات التي سجلت ارتفاعات كبيرة من حيث المبيعات والأرباح. كذلك ارتفع سعر الذهب، والذي يعدّ ملاذاً آمناً ليرتفع سعره لأعلى مستوى خلال سبع سنوات. ي. قمة مجموعة العشرين جاءت قمة مجموعة العشرين في الرياض في 20 و21 نوفمبر 2020م في وقت استثنائي جداً، ذلك لأنها تُعقد افتراضياً للمرة الأولى، علاوة على أنها جاءت في ظل جائحة كورونا، ومنذ بدء عقد قمم العشرين لم تحدث أزمة مشابهة لهذه الأزمة، ربّما تكون هناك أزمة اقتصادية أو صحية، لكن لم تعقد قمة في ظل أزمة مشتركة صحية اقتصادية. وتوجت جهود المملكة العربية السعودية على مدار عام كامل في رئاسة مجموعة العشرين، بإعلان سلسلة من التوصيات الهادفة لتحفيز الاقتصاد العالمي، وحماية البيئة والإنسان وتمكينه، وتحقيق الشمول المالي الرقمي، فضلاً عن دعم المواجهة العالمية لجائحة كورونا وتداعياتها الشديدة على العالم، لا سيما الدول الأكثر فقراً. وأقرت المجموعة في بيانها الختامي أنها لن تدخر جهداً لضمان حصول جميع دول العالم على لقاحات مضادة لكورونا بأسعار مناسبة، مع ضمان حصول الدول الفقيرة عليها، والالتزام بضمان إبقاء طرق النقل وسلاسل الإمداد العالمية مفتوحة وآمنة، فضلا عن توصية استمرار تعليق مدفوعات خدمة الدين حتى يونيو 2021، المتوقع أن يستفيد منها أكثر من مليار إنسان في الدول المدينة. كما تضمنت مخرجات القمة السعي نحو إيجاد توافق دولي حول القضايا الاقتصادية المطروحة، وتسريع وتيرة معطيات الاقتصاد الأخضر كأحد أهم أهداف التنمية المستدامة، إضافة إلى معالجة قضايا التجارة الدولية ومكوناتها المتعلقة بالأمن العالمي ومرونة أدائها وتذليل معوقاتها، والطاقة والتقنية والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والابتكارات والاستثمار الدولي والبيئة النظيفة والتغير المناخي وقضايا الصحة والغذاء وإنتاجه بطرق مستدامة.وبرغم تداعيات الجائحة وضغطها على اقتصاد وسياسات العالم أجمع، إلاّ أن المملكة نجحت في قيادة مجموعة العشرين في عامٍ استثنائي بظروف وأحداث سياسية واقتصادية وصحية غير مسبوقة، وتمكنت من خلق توافق دولي واسع على 30 بنداً شملت حياة الإنسان وعمار كوكب الأرض. ثانياً: أحداث عالمية مختلفة على الرغم من سيطرة جائحة كورونا على المساحة الأكبر من اهتمام العالم خلال العام 2020م، إلاّ أنه لم يكن الحدث الوحيد، بل هناك أحداث أخرى مهمة حدثت سياسية واقتصادية وجغرافية، ومن أهمها: أ. اغتيال سليماني بدأت الأحداث المهمة في بداية أيام عام 2020م، حيث جرى الإعلان في 03 يناير 2020م، عن مصرع قائد فيلق القدس الإيراني، المجرم قاسم سليماني، وذلك بغارة أميركية استهدفته بعد وصوله بدقائق إلى مطار العاصمة العراقية. وتمثل حادثة مصرع قاسم سليماني التصعيد الأخطر بين الولاياتالمتحدة والنظام الإيراني، والتي تجاوزت في خطورتها حادثة اقتحام السفارة الأميركية في طهران واحتجاز الرهائن الأميركيين فيها، عام 1979م. ب. أزمة تركية - أوروبية منذ بداية العام 2020م، تصاعد التوتر بين تركيا واليونان، على خلفية أزمة عمليات التنقيب عن الغاز في البحر الأبيض المتوسط، التي أجرتها تركيا في مناطق متنازع عليها مع اليونان، والتي كانت أن تصل إلى حدّ مواجهات عسكرية بين الجانبين. ج. انفجار مرفأ بيروت لقد كان للبنان نصيب من ويلات العام 2020م، وتحديداً في 04 أغسطس، حيث هزّ انفجار كبير مرفأ بيروت، بسبب تفاعلات شحنة من مواد نترات الأمونيوم، التي كانت موجودة في العنبر رقم 12 العائدة لسيطرة ميليشيات حزب الله.وكان سبب الانفجار تخزين (2750) طنًا من مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار في المرفأ منذ أكثر من ست سنوات، وقد أسفر عنه كارثة كبرى أدت بحياة أكثر من 200 شخص وإصابة 6 آلاف وتشريد 300 ألف شخص، ما أدى إلى استقالة رئيس الحكومة حسان دياب. د. اتفاقيات السلام بعيداً عن الحروب والنزاعات، شهد عام 2020م توقيع عدة اتفاقيات سلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل وعدد من الدول العربية هي البحرين والإمارات والسودان والمغرب. وكانت هذه الاتفاقيات تحت رعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أعلن عن خطته للسلام في الشرق الأوسط في مايو الماضي. ه. الانتخابات الأميركية وصدمة ترمب استمرت أحداث العام 2020م حتى الأيام الأخيرة منه، حيث شهدت الانتخابات الرئاسية الأميركية، والتي خسر فيها الرئيس دونالد ترمب أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن.كما شهدت العام نفسه محاولة الديمقراطيين بقيادة نانسي بيلوسي، إقالة الرئيس ترمب من منصبه، قبل نهاية ولايته، لقضايا تتعلق باستغلال المنصب. ختاماً.. لا شك أنّ الأزمات الدولية تكون تداعياتها على الأطراف الدولية كافة، بينما حجم التباين وطرق التعاطي في هذه التداعيات بين قوة دولية وأخرى، يبقى المحدد الأبرز في صياغة هيكل النظام الاقتصادي القادم. لذلك ما بعد كورونا ليس كما قبله، فأول ما تقوم به الحكومات بعد انتهاء الجائحة هو التفكير في الاعتماد على التكنولوجيا والمزيد من المكننة والأتمتة، لأن هذه الجائحة ليست اختباراً للحكومات الوطنية فحسب، بل إنها اختبار للإنسانية ذاتها، وأنّ خير الفرد يبقى مهدداً طالما الخير الجماعي في خطر. نتمنى لمملكتنا الحبيبة، وللعالم أجمع، عاماً جديداً خالياً من الأوجاع ومليئاً بالسعادة والنجاح.