إن تخصيص 175 مليار ريال في الميزانية الجديدة للصحة والتنمية الاجتماعية رغم الأزمات الاقتصادية العالمية يؤكد أن الإنسان هو الثروة الحقيقية في ذهنية القيادة، وأن الحفاظ عليه هو حفاظ على الحياة الصحية السليمة التي تعني استمرارية وتيرة النماء الاقتصادي والاجتماعي. الكبار يظلون كباراً طالما استمروا في اقتحام المصاعب، ويظلون كباراً وهم يتجاوزون الاكتفاء بالمعالجات إلى إضافات حقيقية في دروب التقدم والنماء. هكذا بدت صورة المملكة وهي تزف ميزانية 2021 إلى شعبها، فعواصف كورونا التي قصمت ظهر الاقتصاد العالمي، وأجبرت الكثير من الأقوياء على الانحناء، قابلتها المملكة بحنكة وحكمة وإدارة يقظة، رغم أن الجائحة بتداعياتها لم تكن ضمن التوقعات، وامتصت المملكة عبر ميزانيتها الماضية آثار الضربة الوبائية بمساحتها المرنة وترتيب الأولويات بحصافة وذكاء. الشأن نفسه تكرر وبصورة أكثر نصاعة في ميزانية الإرادة والطموح 2021، مع قدرة أشمل استمراراً للاستناد إلى رؤية 2030، وبخبرة أعلى في التصدي للتحديات، فمع استمرار وباء كورونا، واحتمالات تواصل موجاته على العالم وفقاً لحساب الاحتمالات، رمت المملكة بثقل معهود في الاهتمام بصحة الإنسان على أرضها، ورصدت بسخاء دعماً مالياً كبيراً سواء في مواجهة الجائحة، أو في الشأن الصحي بكل تفاصيله، ليكون الإنسان وصحته أولوية لا تدانيها أولوية. وأذكر في هذا المقام تصريحات الدكتور ماجد القصبي وزير الإعلام المكلف والتي أوضح فيها أن المملكة تعدإحدى أفضل 10 دول في احتواء التداعيات الاقتصادية لكورونا، فرغم هجمة الفيروس على الاقتصادات تمت إضافة 4000 سرير بزيادة 60 ٪ على العقود الماضية، وتم إجراء أكثر من 9 ملايين فحص لكورونا، و12 مليون استشارة طبية، وكانت من قبل قد حققت أفضل دولة تقدمًا في تقرير البنك الدولي لتحسين بيئة العمل. والأجواء الاحتفالية التي سادت القلوب مع تباشير ميزانية 2021 كانت من أهم مصادرها ما أثمرت عنه رؤية 2030 الثاقبة تجاه تنويع الموارد الاقتصادية، فقد تضاعفت الإيرادات غير النفطية في الأعوام الأخيرة، ولو كان النفط وحيداً في الساحة لجثمت المصاعب على صدر الميزانية الجديدة في ظل الجائحة، وقد ظل العالم كله يتابع ما تعرضت له أسعار النفط من تراجعات كبيرة مثلها مثل التراجعات التي شهدها المجتمع الدولي في قطاعاته الحيوية كالنقل والصناعة والسياحة والطيران وغيرها، لكن الرؤية السعودية استشرفت الآفاق بقراءة حاذقة، لتنحصر الآثار السالبة للوباء في أضيق نطاقاتها على مجمل الحراك الاقتصادي السعودي. إن تخصيص 175 مليار ريال في الميزانية الجديدة للصحة والتنمية الاجتماعية رغم الأزمات الاقتصادية العالمية يؤكد أن الإنسان هو الثروة الحقيقية في ذهنية القيادة، وأن الحفاظ عليه هو حفاظ على الحياة الصحية السليمة التي تعني استمرارية وتيرة النماء الاقتصادي والاجتماعي. كما أن مظاهر الاهتمام بالإنسان ومستقبله تتبدى جلية في صورة التعليم وما يحظى به من اهتمام، فمن نافذة التأهيل والرعاية لهذا القطاع تطل الركائز الكبرى لاستدامة النماء، ليكون نصيب هذه الفقرة 186 مليار ريال في ميزانية التعافي والانطلاق. إن السعادة التي غمرت النفوس بصدور الميزانية، وما حوته من أرقام تنساب في مصلحة إنسان هذه الأرض،تجعلنا جميعاً فخورين بقيادتنا الواعية التي تضع إنسان الوطن في حدقات العيون، وتجعلنا واثقي الخطى على هدى رؤية المملكة 2030 التي بدأنا نجني بعض ثمارها باكراً. حفظ الله قائد سفينة الوطن، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، اللذين ما فتئا يقومان بكل ما يحافظ على سلامة الوطن والمواطن، وكل ما يحفظ رخاء المملكة ومكانتها الرفيعة بين دول العالم. *الجميع يكرر الشكر والثناء لرمز هذا الوطن خادم الحرمين وولي عهده الأمين، ولا ننسى جهود وزير الصحة ونجاحه في مواجهة هذه الأزمة الدكتور توفيق الربيعة ورجاله، وكذلك جنودنا البواسل وكل من كان بصدد هذه المواجهة.