كلما فتحت التلفزيون تقابلني كلمة عاجل حتى بدأت تفقد جاذبيتها لأن بعض الأخبار المصاحبة لها أخبار عادية. قنوات عالمية صارت فيها كلمة عاجل ثابتة على الشاشة. وبمناسبة الانتخابات الأميركية الرئاسية الأخيرة بين ترمب وبايدن، ما سبقها وما حدث بعدها اشتعلت معركة إعلامية بين وسائل الإعلام تعكس حالة الانقسام في الشارع الأميركي، وفي داخل الوسائل الإعلامية تنافس بين الخبر والرأي كانت الغلبة فيها للرأي بهدف إحداث التأثير الذي يخدم سياسة الوسيلة الإعلامية. اختارت صحف وقنوات تلفزيونية تأييد مرشح الحزب الجمهوري، واختارت أخرى تأييد مرشح الحزب الديموقراطي، أما تويتر فكان ساحة المعركة المفضلة لدى الرئيس ترمب، وكانت هناك مباراة مثيرة بين السي إن إن، وقناة فوكس حيث تؤيد الأولى بايدن، والثانية تؤيد ترمب، وفجأة انقلبت فوكس نيوز على ترمب، مشاهدة المباراة ممتعة وفي الوقت نفسه تثير كثيراً من الأسئلة وعلامات التعجب المتعلقة بالمهنية والمصداقية، يقدم المذيع خبراً ثم يستضيف بعض المتابعين والمحللين للتعليق على الخبر، ومن النادر –وهذا أمر جديد في أميركا– استضافة من له رأي مخالف لسياسة القناة، تنتهي فقرة المذيع ويأتي مذيع آخر يعيد نشر الخبر السابق ويستضيف ضيوفاً آخرين للتعليق، وهكذا ينتهي اليوم على هذا التكرار، ومن ملاحظاتي التي أجدها جديدة وغريبة على الإعلام الأميركي أن المذيع لا يكتفي بطرح السؤال على الضيف بل يمهد للإجابة التي يسعى إليها وتتفق مع توجه الوسيلة الإعلامية التي يعمل بها. وسط هذا التنافس خارج الملعب، يبحث المشاهد عن الموضوعية والحياد، وقد يجدها في وسائل إعلامية خارج أميركا تتناول الشأن الأميركي. في الإعلام المصاحب للانتخابات الأميركية الأخيرة قد تتحول أشياء وأخبار صغيرة جداً إلى قضايا كبيرة، وقد يحدث العكس، فكورونا، والرعاية الصحية، والعنصرية، والمناخ، والاقتصاد، قضايا كانت محورية في الوصول إلى البيت الأبيض، لكن الإعلام يتعامل معها أحياناً بطريقة انتقائية حسب سير الانتخابات والاستطلاعات. أعتقد أن التغطية الإعلامية الأميركية للانتخابات الرئاسية بسلبياتها وإيجابياتها وبما فيها من إثارة ممتعة أحياناً ومملة أحياناً أخرى، هي مادة ثرية لعرضها كحالة للمناقشة في الجامعات ومراكز التدريب وللعاملين في مجال الإعلام.