إن الرعاية الملكية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله -، ومن ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - لمجلس الشورى ستساهم مساهمة مباشرة في تعزيز أدواره الوطنية البناءة، وتمكنه من القيام بواجباته ومسؤولياته بكل اقتدار حتى يحقق الأهداف السامية التي من أجلها تم تأسيسه.. خمسة وتسعون عاماً هي عُمْرُ مجلس الشورى مُنذُ أن وضع أُسسه الصلبة وأقام بنيانه الشاهق رجل العروبة الأصيل والقائد الإسلامي العظيم الملك المؤسس عبدالعزيز - طيب الله ثراه - العام 1347ه الموافق 1928م، فكانت أُسسه المتينة وأبنيته الشاهقة تستمد قوتها من المبادئ والتعاليم الإسلامية العظيمة ومن القيم العربية الأصيلة، وكانت أهدافه الوطنية الجليلة التي يسعى لتحقيقها تستمد قوتها من التوجيهات السَّامية والكلمات الكريمة للملك المؤسس - طيب الله ثراه -. وعلى هذا المنهج القويم في خدمة الوطن والمواطن عمل مجلس الشورى بتوجيهات الملوك الأبرار - رحمهم الله - مما مكنه من المساهمة الفعَّالة والفاعِلة في خدمة الوطن والمواطن على مدى التسعة عقود الماضية. ومع بدء أعمال الدورة الثامنة لمجلس الشورى، يتشرف رئيس وأعضاء المجلس بأن تكون الكلمة الكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله - وما تتضمنه من توجيهات سامية ونبيلة، وما تحتويه من سياسات حكيمة ورشيدة، هي المنهج والطريق الذي سيسير عليه المجلس، والمحرك الأساس لجميع أعماله. وهذا الحضور الملكي الكريم والتشريف العظيم للمجلس وأعضائه يُعبر تعبيراً مباشراً عن أهمية ومكانة مجلس الشورى في الحياة التنظيمية والإدارية للدولة، ويأتي دعماً مباشراً للأدوار الرئيسة التي يقوم بها في الحياة التشريعية والرقابية التي يضطلع بها مع مؤسسات الدولة المعنية بالتشريع والرقابة. ومن الأهمية هنا أن نشير إلى هذه الأدوار التشريعية والرقابية الواسعة التي يضطلع بها مجلس الشورى إنما يستمدها من نظامه الأساسي الذي صدر بأمر ملكي العام 1412ه، وما طرأ على بعض مواده من تعديلات بأوامر ملكية كريمة. فالنظام الأساسي لمجلس الشورى تضمن عدة مواد توضح صلاحياته والأدوار القيِّمة التي يضطلع بها، ومن هذه المواد: "المادة الخامسة عشرة: يبدي مجلس الشورى الرأي في السياسات العامة للدولة التي تحال إليه من رئيس مجلس الوزراء، وله على وجه الخصوص ما يلي: أ - مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإبداء الرأي نحوها. ب - دراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات، واقتراح ما يراه بشأنها. ج - تفسير الأنظمة. د- مناقشة التقارير السنوية التي تقدمها الوزارات، والأجهزة الحكومية الأخرى، واقتراح ما يراه حيالها". و"المادة السابعة عشرة: ترفع قرارات مجلس الشورى إلى الملك، ويقرر ما يحال منها إلى مجلس الوزراء. - إذا اتفقت وجهات نظر مجلسي الوزراء والشورى تصدر القرارات بعد موافقة الملك عليها. - إذا تباينت وجهات نظر المجلسين يعاد الموضوع إلى مجلس الشورى ليبدي ما يراه بشأنه ويرفعه إلى الملك لاتخاذ ما يراه." و"المادة الثامنة عشرة: تصدر الأنظمة، والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، والامتيازات، وتُعدل، بموجب مراسيم ملكية، بعد دراستها من مجلس الشورى." و"المادة الثالثة والعشرون: لمجلس الشورى اقتراح مشروع نظام جديد، أو اقتراح تعديل نظام نافذ، ودراسة ذلك في المجلس، وعلى رئيس مجلس الشورى رفع ما يقرره المجلس للملك". إن مجلس الشورى في دورته الثامنة سيواصل أعمال المجلس الجليلة التي عمل عليها خلال مسيرته الوطنية المشرفة على مدى خمسة وتسعين عاماً - 1347 - 1442ه - ساهم من خلالها مساهمة فاعلة في مسيرة البناء والتنمية والتطوير والتحديث، وعمل يداً بيدٍ مع جميع مؤسسات الدولة، حتى أثمرت تلك الجهود الوطنية المتضافرة والمتكاملة نهضةً تنمويةً عظيمة ساهمت في رفاه المواطن وتقدم ورقي المجتمع وريادة المملكة على المستويات الإقليمية والدولية. لقد أُسس هذا المجلس لخدمة المصلحة العليا للدولة، وقد كان كذلك خلال مسيرته الوطنية الطويلة ملتزماً التزاماً كاملاً في خدمة الصالح العام داخلياً وخارجياً حتى أصبح منارةً وطنية شامخة تخدم المواطن في الداخل، وتمثل الوطن أمام مجالس وبرلمانات جميع دول العالم. إنها أدوار وطنية عظيمة يقوم بها مجلس الشورى، ويتشرف بمواصلة القيام بها تماشياً مع تطلعات وتوجهات القيادة الكريمة، وبما يتوافق مع الخطط التنموية الشاملة التي جاءت بها "رؤية المملكة 2030". وفي الختام من الأهمية القول: إن الرعاية الملكية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله -، ومن ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - لمجلس الشورى ستساهم مساهمة مباشرة في تعزيز أدواره الوطنية البناءة، وتمكنه من القيام بواجباته ومسؤولياته بكل اقتدار حتى يحقق الأهداف السامية التي من أجلها تم تأسيسه.