الاتصال الداخلي المتجدد في المؤسسات، هو ما يعزز انتماء الموظفين وولاءهم لمنظماتهم، واليوم التنافس الحقيقي هو في خلق أفضل بيئة داخلية مميزة تحافظ على نشاط وإنتاجية الموظفين وتعزز من قدراتهم وتكون في الوقت ذاته متنفساً لهم في ممارسة ما يشبع رغباتهم ويعبر عن أفكارهم. والواقع الذي تفرضه البيئات الحديثة للعمل، يتطلب خلق مفاهيم جديدة للتنافس الداخلي، وتحويل الطاقات نحو أهداف تخدم الإنتاجية، وتعزز نموذج «القدوة» المحفزة على النجاح، والتي تتعاطى مع مختلف ظروف العمل بإيجابية وتفرض نمطاً متجدداً في العلاقة الوظيفية بين الزملاء، من خلال حالة من التغاضي عن كل الظروف والتحديات والتركيز على الإبداع والإنتاج والبيئة الجاذبة. هذا الامتداد يقودنا إلى مبادرة رائعة ونموذجية قدمتها الهيئة السعودية للتخصصات الصحية حملت عنوان «أنت ملهمي» لتطلق العنان لموظفيها لاختيار ملهمهم في المنظومة الوظيفية، ومن هو صاحب التأثير عليهم ووقودهم نحو الإبداع، ما خلق جواً إيجابياً في اختيار ملهمي الهيئة ويدفع الآخرين أن يكونوا ملهمين لغيرهم، الأمر الذي سيكون له تأثير إيجابي قوي نحو أداء المنظومة وإنتاجيتها في المستقبل. لاشك أن هذا النموذج من المبادرات له تأثير فكري وسلوكي، بداية من ناحية خلق البيئة الابداعية الملهمة، وانتهاء بانعكاسها على إنتاجية المنظومة وقدرتها تغيير المفهوم التقليدي للوظيفة الذي ينتهي بنهاية يوم العمل. «الملهم» لم يكتف بنفسه، بل امتد أثره إلى الآخرين ليكون هو وقودهم نحو الإبداع، وبالتالي هذه الطاقة التي تنتقل بين الموظفين في منظومة واحدة لاشك تعزز من انتمائهم وتخلق مفاهيم إيجابية عن بعضهم البعض ويصبحون مع الوقت قدوات لبعضهم متجاوزين الأطر المعروفة في الزمالة ليتحولوا لملهمين وقادة في الوقت ذاته. الحافز القوي والمؤثر لأي موظف هو وجود البيئة الإيجابية التي تمنحه الثقة وتوفر له الأجواء الصحية الإيجابية لمواصلة العطاء بمهنية وجودة، وهو ما نراه يتجسد في استراتيجية الهيئة التي اعتمدت في محاورها على توفير بيئة داخلية إيجابية ومنتجة تعتمد على قيم الجودة والإبداع والمهنية وغيرها من القيم التي تنعكس على عطاء الموظفين الذين يحمون المجتمع والمرضى.