تتوالى السنين سنة تلو الأخرى وفي كل سنة نتعايش مع تطورات جديدة على جميع الأصعدة، قفزاتٌ نحو الأفضل في مجالات.. ونكَباتٌ وكوارث أخرى تقود المجتمعات نحو الأسوأ.. ولكن تفاجأ العالم في 2020 بسنةٍ مختلفة تماماً، أعطت درساً قاسياً للإنسانية وأعادت ترتيب كل شيء بطريقةٍ مختلفة جذرياً!! صحونا على أخبار وباء قاتل أطفأ جميع أنوار المدن وتوقفت الحركة ودب الرعب في قلوب جميع البشر، وازدادت ضحايا جائحة كورونا شيئاً فشيئاً يلتهم البشرية في مختلف أصقاع الكرة الأرضية، واقترب أكثر وأكثر وأنا ما زلت أراقب أخباره وأتابع مستغربةً كغيري من أفراد المجتمع. لم أكن أتخيل أن أصحو يوماً لتصلني رسالة من وزارة الصحة أن نتيجتي للمسحة الطبية كانت «إيجابية» وأنني سقطت في فخ هذا الداء، لم استوعب وقع الخبر خصوصاً أنني كنت أعاني من أعراض صحيّة مختلفة وإعياء وصل لحدّ الإغماء قبلها بعدة أيام. بدأت من هنا المرحلة الحقيقية لمعركتي مع كورونا، فليس هناك أي وقت لأصحو من خيالاتي أو تكذيب هول الموقف، استسلمت وانطلقت في كفاحي لمدة 30 يوماً، تتطور فيها الأعراض يوما بعد يوم لأتأكد أنني ماضيةٌ نحو النهاية المؤلمة، وعند كل منعطف خطير، يبدو لي من بعيد بصيص أمل وقليلٌ من القوة. في أحد الصباحات المؤلمة بعد أسبوع من العزل المنزلي، تم استدعائي إلى الحجر الصحي، إلى جحيمٍ آخر لا أدري كيف سأنجو منه، أيام ثقيلة كنت سأفقد فيها كل قوتي.. إلا أنني تفاجأت بأن قوتي تزيد!! كيف ذلك.. دعواتي وثقتي بربي كبرت أكبر وأكثر، دعوات أهلي التي رافقتني صباح مساء، واهتمام أقاربي وأحبابي وسؤالهم عني واتصالات الأصدقاء وتشجيعهم لي كانت هذه أسلحة زادت من حدة مواجهتي لشراسة عدوي الخبيث، ثم الرعاية اليومية الرائعة التي قدمتها لي وزارة الصحة والطواقم الطبية، أوقات صعبة تمرّ ببطء ولا يقتل هذا العناء إلّا حين أرتمي بين صفحات كتاب الله تعالى وبين ركعاتي وصلواتي، وقلمي ودفتري لأنثر الألم على شكل سطور، لم أكن وحيدة.. فكل ما حولي يزيدني قوة وقرباً من طوق النجاة. أخيراً.. أعزائي بعد مروري بهذه التجربة وانتصاري في معركة ال30 يوماً، أيقنت أن كورونا ليست مجرد خطر يهدد صحتنا فقط !! بل هي رسالة لتولد من جديد، هي صحوة بعد الغفلة، هي درس تتعلم منه ما معنى الحياة وما قيمة النعم وشكر الله عليها، هي موقف يعيد ترتيب أولوياتك وسطور عمرك.