في وقت تتزايد فيه الحشود العسكرية بالقرب من مدينة سرت الليبية، التي أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أنها والجفرة خط أحمر، الجزائروباريس تعلنان التوافق في وجهات النظر، بخصوص ما يحدث في ليبيا ومنطقة الساحل، في موقف متناغم إلى حد بعيد مع ما أسفرت عليه مشاورات، الرئيس الفرنسي مع نظيره التونسي، قيس سعيد، الاثنين الماضي. وقالت الرئاسة الجزائرية في بيان صحافي، السبت، إن الرئيس عبدالمجيد تبون استعرض في مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي، إيمانوال ماكرون، المسائل الإقليمية ذات المصلحة المشتركة في ضوء آخر تطورات الوضع القائم في الساحل وفي ليبيا، والتي حصل بشأنها توافق في وجهات النظر. وتعد المكالمة الهاتفية بين الرئيسين، الثانية من نوعها في غضون شهر واحد، في إطار التنسيق والتشاور المتواصل حول ما يحدث في ليبيا ومنطقة الساحل، بالنظر إلى الدور المحوري للجزائر، وتمسك الجزائر بمواقفها الثابتة، تجاه حل الأزمة الليبية، باعتبار الأخيرة صمام الأمان، لحدودها الجنوبية، حيث تتمركز، حقول النفط، ناهيك عن العلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين، وغياب أي أطماع اقتصادية. وتأتي المباحثات قبيل قمة مجموعة الخمس لدول الساحل، التي تستضيفها نواكشوط، الثلاثاء، لاستعراض الجهود المبذولة في مواجهة الجماعات الإرهابية في المنطقة، ولعل ما يثير قلق الطرفين، احتمال عودة نشاط الجماعات الإرهابية، خاصة مع التحذيرات الأخيرة، للسفير الأميركي، بليبيا، من استفادة التنظيمات المتطرفة من الفوضى، وأيضاً تحذيرات خبراء أمنيين جزائريين من تحالف بقايا تنظيم داعش الإرهابي مع بقايا تنظيم القاعدة، بعد مقتل زعيمها في بلاد المغرب الإسلامي، واحتمال عمليات انتقامية. ويرى متابعو الشأن السياسي في الجزائر، أن التوافق في وجهات النظر بين الجزائروباريس، يتعلق أساساً بالملف الليبي، واعتماد المقاربة السياسية، بعيداً عن التدخلات العسكرية الأجنبية، وخاصة تركيا. ويعتقد الباحث في العلاقات الدولية، بجامعة واد سوف، د. علي قابوسة في تصريح ل»الرياض»، أنه مع تطور الوضع الليبي، تبلورت قناعة عند الجميع، بما فيها فرنسا، بأهمية الجزائر في تسوية النزاع، مستدلاً بالزيارة الأخيرة، لطرفي الصراع في ليبيا للجزائر خلال شهر يونيو الجاري. وحول النقاط التي حدثا فيها توافق بين الجزائروباريس في ما يتعلق بالقضية الليبية، قال د. قابوسة: «تتعلق بدون شك في رفض التدخل العسكري الأجنبي في المنطقة، والجلوس على طاولة الحوار لتسوية الأمر، غير أنه لا بد أن يكون هناك التزام فرنسي جدي، أي أن يكون رفض التدخل الأجنبي قولاً وفعلاً من قبل باريس، وفق مخرجات مؤتمر برلين». وأكد قابوسة أن التوافق حول هذه المسألة أيضاً مع الشقيقة تونس، التي ترفض التدخل العسكري الأجنبي في المنطقة، وتسير مع الجزائر في مقاربة واحدة، وهو ما عبر عنه الرئيس قيس سعيد خلال زيارته إلى باريس، ولقائه بالرئيس ماكرون. وهو ما يؤكده الخبير الأمني، والضابط السابق في الجيش الجزائري، د. أحمد كروش في تصريح ل»الرياض»، فالتوافق الذي تحدث عنه بيان الرئاسة الجزائرية، لا يعني التطابق في وجهات النظر كلية في ما يتعلق بتسوية الأزمة الليبية، وإنما يخص رفض التواجد الأجنبي في ليبيا -التواجد التركي-، وضخ المزيد من السلاح والمرتزقة، وتوقيف القتال، والذهاب إلى الحوار. وأضاف كروش، يمكن القول إن هناك توافقاً ثلاثياً بين الجزائروفرنساوتونس حول عدم قبول أي وجود أجنبي، والدعوة لوقف الاقتتال، والحل السياسي السلمي.