غادر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فايز السراج الجزائر بعد لقائه الرئيس عبدالمجيد تبون السبت، في نفس اليوم دون الادلاء بأي تصريحات اعلامية، كما جرت عليه العادة، في استقبالات سابقة لتبون مع مختلف المسؤولين الأجانب، كان آخرها رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، ما اعتبره الكثير من المراقبين عدم رضى للسراج عن موقف الجزائر، خاصة مع تعلق برفض التدخل الخارجي. رئيس «الوفاق» يهرب من الجزائر دون إدلاء تصاريح إعلامية وسارعت الرئاسة الجزائرية مع بداية اجتماع تبون مع ضيفه السراج إلى التأكيد في بيان إعلامي على أن الزيارة، تدخل في إطار الجهود المكثفة التي تبذلها الجزائر من أجل استئناف الحوار بين الفرقاء الليبيين لإيجاد حلّ سياسي للأزمة الليبية، يكون قائماً على احترام ارادة الشعب وضمان وحدته وسيادته، بعيداً عن التدخلات الأجنبية، وهي رسالة واضحة من الجزائر على رفض التواجد التركي بليبيا، الذي تبرره أنقرة بدعوة من حكومة الوفاق. وقال المكتب الاعلامي، لحكومة فايز السراج في بيان اعلامي، إن الرئيس تبون قال للسراج: «الجزائر تقف دائماً الى جانب الاشقاء الليبيين»، وأضاف البيان، المحادثات تطرقت للجهود الدولية لتحقيق السلام في ليبيا، والمقترحات التي أعلنتها الجزائر لدعم هذه الجهود في اطار الاتفاق السياسي وبالتعاون مع كل من تونس ومصر. بدورها أكدت مصادر دبلوماسية ل»الرياض»، أن السراج جاء محملاً برسالة من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لدعم الوجود التركي في لليبيا، والضغط على المشير خليفة حفتر لسحب قواته من مدينة سرت والجفرة، كشرط لوقف اطلاق النار، وهذا ما رفضته الجزائر، التي تدين أي تدخل عسكري أجنبي في المنطقة، مهما كانت مبرراته. وبينت المصادر أن الرئيس الجزائري، أبلغ السراج، أن حل الأزمة في حوار ليبي - ليبي تحت اشراف دول الجوار، وهذا لن يتأتى الا بقبول الطرف الآخر، والجلوس على طاولة الحوار لبحث سبل تسوية الأزمة سياسياً. ومنذ اعلان القاهرة سارعت الجزائر لجمع الفرقاء الليبيين على طاولة الحوار شهر اغسطس القادم، بالتنسيق مع مصر وتونس، استناداً الى مخرجات مؤتمر برلين، الذي يحظر التدخل الأجنبي واستقدام المرتزقة، في بلد بات محل أطماع تركية - قطرية. ولعل ما يبرر مخاوف الرئيس الجزائري، والمجموعة الدولية، الأرقام المرعبة التي قدمها المرصد السوري لحقوق الانسان، بخصوص الزج ب 15 الف من المرتزقة السوريين، بينهم عناصر متطرفة، ونحو 300 طفل تم استغلال أوضاعهم المزرية باغراءات مادية. ويؤكد الخبير في العلاقات الدولية، والمستشار السابق في الرئاسة الجزائرية، د. اسماعيل دبش في تصريح ل»الرياض»، أن الحلول العسكرية ليس فيها رابح أو خاسر، ومهما كان ستؤول الأمور للحل السياسي، وهذا ما تقوم عليه المقاربة الجزائرية التي تلح عليها، وأبلغتها مجدداً لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فايز السراج خلال لقاء الرئيس تبون به. ويرى د. دبش ان خطاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يندرج في اطار استرجاع الحل السياسي، وفق مبادىء مؤتمر برلين، ويضع العالم أمام مسؤوليته للضغط، لوقف اطلاق النار، لأن التصعيد في شرق ليبيا عمل خطير جدا سيؤدي بليبيا الى أوضاع اخطر عن ما كانت عليه 2011. لافتا في ذات السياق الى موقف الولاياتالمتحدة الأميركية، التي أعلنت دعمها لبيان الرئيس المصري، الذي أكد أهمية أن تعمل ليبيا وجيرانها، وكل الدول الفاعلة معاً، لتعزيز وقف اطلاق النار عند خط المواجهة الحالي. ودعا جميع الليبيين الى ضرورة الجلوس على طاولة الحوار، لأن الخاسر الأكبر هو الشعب الليبي. وبخصوص، التدخل التركي في ليبيا، يرى الخبير الأمني، والضابط السابق في الجيش الجزائري، أحمد كروش، أن التدخل يشرعن لتدخلات أخرى في ليبيا. وقال كروش: «تركيا تبرر وجودها على الأراضي الليبية، باتفاقات مع حكومة السراج، وربطت مجيئها بعقود ومصالح مثل تحديد الحدود البحرية وانشاء عقود للتنقيب عن النفط والغاز وعقود اقتصادية أخرى». وأضاف، تربط تركيا ضخ هذه القوة بوجود قوة جوية روسية في مطار الجفرة حسب تقارير «أفريكوم»، مع أن هذا التواجد قد يدفع دول أخرى متضررة من النفوذ التركي في شمال افريقيا، الى الزج هي كذلك بقواتها في أرض ليبيا، ما يهدد المنطقة بحرب اقليمية أو عالمية مصغرة. ولفت كروش الى تقارير اعلامية تركية تتحدث عن «اقامة تركيا لقاعدة بحرية في مصراته وقاعدة جوية في مطار الوطية بغرب ليبيا، المسترجع حديثا من قوات حفتر، وقواعد وثكنات برية في طرابلس.