لم يكن الأول من أمس (الأحد) يوماً عادياً في تاريخ شركتي أرامكو السعودية وسابك، بعدما استحوذت أرامكو على 70 في المئة من أسهم شركة سابك، عبر 4 صفقات خاصة، وبقيمة إجمالية ضخمة، بلغت 259.1 مليار ريال. الإعلان عن إتمام الصفقة في ظل جائحة كورونا، وتنامي أعداد المصابين بالفيروس في المملكة وبقية دول العالم، يحمل رسالة ذات مضمون قوي إلى الجميع، وفي المقدمة فئة المستثمرين داخل المملكة وخارجها، بأننا سنواصل السير في طريق تعزيز برنامجنا الاقتصادي الطموح، لاستكمال ما بدأناه من أهداف وتطلعات أُدرجت ضمن رؤية 2030، مع التأكيد على أن الجائحة رغم قسوتها وتداعياتها السلبية على الكثير من مناحي الحياة، فلن تكون عائقاً أمام الانطلاقات التي تخطط لها القيادة الرشيدة في الكثير من المجالات والقطاعات. وحتى اللحظة، تتوالى التحليلات الفنية والتوقعات لثمار صفقة استحواذ أرامكو على سابك، وتأثيراتها الإيجابية سواء على مشهد الاقتصاد السعودي وما يحققه من قفزات نوعية منذ الإعلان عن رؤية 2030 وحتى اليوم، أو على مسيرة أرامكو وسابك، وقدرتهما على توجيه بوصلة أسواق الطاقة والبتروكيميائيات العالمية خلال الفترة المقبلة، وهذا ما أكدته المؤسسات الاقتصادية العالمية، التي رأت أن إتمام الصفقة في هذا التوقيت يعكس عزم المملكة وإصرارها على تنفيذ برنامجها الاقتصادي بكل حكمة واقتدار، رغم أي صعوبات أو تحديات تخلفها الجائحة. وتتوافق الصفقة، التي أُعلن عنها بدايةً في مارس من العام الماضي، مع استراتيجية أرامكو السعودية، التي تركز نشاطها في قطاعي تكرير النفط والبتروكيميائيات، من أجل تلبية احتياجات الطلب حول العالم، وتأمين منافذ للنفط الخام، والتوسّع في صناعاتها التكريرية، وترسيخ تكاملها مع إنتاج البتروكيميائيات، وتشمل هذه الاستراتيجية أيضاً تنفيذ مشروعات التحول الشامل التي تستهدف ما هو أبعد من مجرد الهيمنة النفطية إنتاجاً وتصديراً وتأثيراً في سوق النفط العالمي، إلى الهيمنة الأقوى في صناعة الطاقة المتكاملة، يساعد على ذلك ما تتمتع به «سابك» من قدرات وخبرات مميّزة وهائلة. ولا تقتصر الفائدة من صفقة الاستحواذ على أرامكو وسابك فحسب، وإنما تمتد أيضاً وبقوة إلى صندوق الاستثمارات الذي تتلقى خزينته قيمة الصفقة، وبالتالي ستتوفر لديه رؤوس الأموال الضخمة واللازمة لتعزيز استراتيجية الاستثمار طويلة الأمد في الكثير من المشروعات والصفقات العالمية، التي تحقق أهداف الرؤية، وتضمن نمو دخل المملكة من قطاعات جديدة غير النفط، ولا نستبعد أن يعلن الصندوق قريباً جداً عن مشروعاته وبرامجه الجديدة التي كان يخطط لها في الفترة السابقة، رغم تحديات جائحة كورونا.