المخاوف ليست مجرد عقبة تحجب عنا رؤية الحقيقة، أو تمنعنا من اغتنام الفرص، إنما تأثير المخاوف - بوصفها تراكمات - في حياتنا الحاضرة والمستقبلية فيما يتعلق باتخاذنا للقرارات وبأسلوبنا في التعامل مع المشكلات، ما يدفعنا لنسلك أكثر الطرق صعوبةً ومشقة رغبةً في أن نتفادى مواجهتها. فهي تشكّل قيودًا تمتد بتأثيرها لمستويات أخطر وأعمق، وتبني حواجز جديدة في كل مرة؛ لأنها تكبر وتستمر. ويؤكد عديد من علماء النفس أن المخاوف مكتسبة، وأن الإنسان يولد من الأساس بلا أي مخاوف. إن قوة التأثير الناتج عن اللاوعي يفوق في قدرتهِ القوةَ الناتجةَ عن الوعي، فكل المشاعر والمفاهيم التي نكتسبها من البيئة حولنا هي تراكيب تتجذر فينا، وتصنع سلوكياتنا، وتشكلنا منذ الصغر، وتستقر مع الزمن حتى تصير معتقدات نؤمن بها، وقوة تقودنا، تُترجَم عن طريق الأفعال والمبادئ الخاصة بنا في الحياة. ولا يصح لنا القول إن التجرد من كل المخاوف أمر ممكن، إنما بالتوكل والمواجهة نُسقط جزءًا كبيرًا من سيطرتها علينا وعلى طريقة تعاطينا مع مجريات الأمور، ويصبح الفرد بذلك أكثر وعيًا بذاتيته، بانكشافها أمامه، والعمل على مواجهتها وإصلاح ما أمكن منها. ويجب أن نتذكر دائمًا أن الوعي بنقاط الضعف والعمل على ملء الفجوات يعد من أهم أسباب النجاح.