القيادة الإدارية ضرورية في كل المستويات الإدارية بدءًا بقيادة الذات ثم قيادة الآخرين. من مسؤوليات القياديين اكتشاف المهارات القيادية بين أفراد فريق العمل وتعزيزها. بيئة العمل الإيجابية هي بيئة تعلم ونمو وفرص لتطوير الذات وتطوير العمل، وإعداد قادة المستقبل. كثير من القادة الإداريين الناجحين تحولوا إلى مدربين متميزين في إعداد جيل جديد من القادة الإداريين. من أشهر هؤلاء القادة جاك وليش، الذي توفي أخيرًا، وكان يلقب بأسطورة الإدارة، ومدير القرن. كان رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك من عام 1981 حتى 2001، وخلال تلك الفترة ارتفعت قيمة أسهم الشركة 4000%. كان موضوع تطوير القادة من أبرز اهتماماته، ولذلك كان رغم مشاغله يقتطع الوقت ليقوم بالتدريب في معهد تطوير القادة التابع للشركة. لم يكن ينظر للمتدربين كمنافسين، ولكن كجيل جديد من القياديين لا يمتلكون الطاقة فقط، وإنما لديهم القدرة أيضًا على تحفيز الآخرين. ومن مقولاته التي تعبر عن منهجه القيادي: (لتكن لديك جينات الكرم بأن تكون سعيدًا لترقية الناس، وأن تستمتع بنجاح الآخرين، وأن تكون سعيدًا بإعطاء الزيادات والمكافآت). مديرون تنفيذيون آخرون في شركات ومؤسسات مختلفة كانوا يقومون بالدور نفسه الذي قام به جاك وليش لإعداد جيل جديد من القادة الإداريين للقرن ال21. المؤلف برايس بريتشيت ألَّف كتابًا عن بناء القيادات في كل المستويات كمنهج تميزت به المنظمات الناجحة، وهو يرى أن هذه المنظمات وإن اختلفت في منتجاتها وخدماتها واستراتيجياتها وأساليبها، فهي تشترك في أساسيات، منها اختيار قياديين لديهم سجل ناجح لتولي مسؤولية تطوير القياديين الآخرين، ويمتلكون القصص الواقعية عن تجاربهم، ويبتكرون القصص عن مستقبل المنظمة، التي يعملون فيها بما يسهم في تفاعل المتدربين فكريًا وعاطفيًا. اكتشاف المهارات القيادية وتطويرها مسؤولية القياديين، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، مدير الإدارة ورئيس القسم والمشرف يتطلب عملهم مهارات إدارية وقيادية، لكن الكشف عن جيل جديد من القياديين يجب أن يشمل جميع الموظفين. ومن المهم في هذا المسار التدريبي ألا يسعى المدربون للوصول إلى قيادات تشبههم. يقول مدير صاحب تجربة: (الخبرة التي أريد نقلها للآخرين هي أن يدركوا أن من الجيد أن الآخرين لا يشبهونك، هناك نظريات وأنماط وآراء مختلفة، وهذا ليس مقبولاً فقط ولكنه الأفضل). نعم، من المهم في بناء الأجيال القادمة من خلال برامج التعليم والتربية والتدريب ألا يعمل المعلم أو الأب أو المدير على نسخ نفسه، فإن فعل ذلك فهو لم يأتِ بجديد.