لعل مما تداول الناس من الحكمة ومن الأمثال الشعبية الحديثة قولنا: "احفظ قرشك الأبيض ليومك الأسود" هي عبارة جميلة بليغة فيها حسن اللفظ يقبلها السامع ففيها كلمة البياض مقابل السواد مؤدية لمعنى يدعو للتنبه لها والأخذ بمضمونها. قد نقول تلك العبارة على أنها مثل أو من باب الإرشاد والتوجيه والحكمة، نقولها لهدف الرشد والترشيد، وقد نقولها لتوجيه العتب لأمر مضى، أو لأخذ الحذر من أمر قادم. قد نعترض على إنفاق ونتحجج بالمثل، وقد نقولها أيضاً من باب الفكاهة أحياناً. والقرش من المفردات التي تستخدم في الشأن المالي، وهي حديثة نسبياً وليست قديمة في محيطنا كقدم مسمى الدرهم أو الدينار أو الأوزان كالقنطار، كما نقول: درهم وقاية خير من قنطار علاج، أو نقول: الدراهم كالمراهم. واستخدم بياض القرش ليكون رمزاً للأمان، بينما رمز للفقر والحاجة باليوم الأسود، كما نشبه الليل وسواده بالضيق والصبح بالفرج, ولأن التراكيب وظفت توظيفاً جيداً استحقت العبارة التداول. يقول الشاعر رمضان المنتشري: ماينشد عن الديباج راعي الجنوب الحرش بعد عضت الدنيا بيمناه ويساره وراعي الرفاهية يبا الزل الأحمر فرش كثيره مطاليبه ويا مكثر اسفاره والارزاق وآجال البشر عند رب العرش كم اغنى فقير وكم هوامير منهاره ليا زان وضعك (بق لليوم الاسود قرش) الأوضاع تتغير والايام دوّارة.. ناصر الحميضي