وأعني في جهود مكافحة هذا الوباء (كوفيد 19)، ومشاركة القطاعات الأخرى تحمّل عبء هذه المسؤولية، فكما نعلم أنه قد انتقلت خطوات محاصرة هذا الوباء، أو بالأحرى حامليه، من المنافذ الحدودية الدولية للمملكة، إلى نقاط العبور بين المناطق، ومن ثم إلى مداخل المدن، وانتهاءً في المرحلة الحالية إلى بعض الأحياء في عدد من مدن المملكة، التي تتقاسم هذه الأحياء فيها سمة مسيطرة وواضحة عليها وهي الكثافة السكانية العالية والازدحام الشديد بين القاطنين بها. لقد وصلنا في المرحلة الحالية إلى ما كنت أخشى منه، وتناولته بالطرح ضمن هذه الزاوية منذ نحو شهر تقريباً، حين بدأ الوباء في التفشي لدينا، وذلك حين أشرت في ذلك المقال الذي حمل عنوان (هل نحتاط من المساكن المكتظة؟) بأن معدل الاكتظاظ أو التزاحم تزداد حدته في الأحياء والبيوت القديمة في سط المدن مما يجعلها تمثل بيئة حاضنة لانتشار الأوبئة المعدية بين قاطنيها. إن الإعلان عن عزل تلك الأحياء السكنية في بعض مدن المملكة على مدار اليوم كإجراء احترازي صحي إضافي لمنع تفشي فيروس كورونا، هو بلا شك إجراء ضروري وخطوة أساسية في محاصرة ومكافحة هذا الوباء، إلا أنه قد لا يصل إلى مرحلة أن يتحقق منه تطبيق سياسة التباعد الاجتماعي داخل كثير من الوحدات السكنية الواقعة ضمن تلك الأحياء التي في تصوري أنه قد زادت حدة الكثافة السكنية في بعض وحداتها خلال السنوات الأخيرة بعد سفر كثير من أسر العمالة الوافدة وتجمع أرباب تلك الأسر مع بعضهم في وحدات مشتركة، لذا أجد أن هناك دوراً ومسؤوليةً للقطاع العقاري ممثلاً في المكاتب العقارية التي تمارس نشاطها ضمن تلك الأحياء في الدلالة على الوحدات السكنية التي يتم إشغالها بما يفوق طاقتها ويجعلها بيئة سكنية غير صحية بل وحاضنة للوباء وزيادة انتشاره. وكذلك على الوحدات السكنية الشاغرة في تلك الأحياء، أو حتى الأحياء المحيطة بها، التي يمكن بالاتفاق مع ملاك تلك الوحدات العمل على انتقال بعض سكان الوحدات المكتظة إلى الوحدات الشاغرة بالقدر الذي يخفف من معدل هذا الازدحام ويحقق إمكانية تطبيق التباعد الاجتماعي في الوحدات السكنية بتلك الأحياء، هذا إن لم نضطر إلى اتخاذ خطوة إضافية وهي الطلب من ملاك الأراضي الكبيرة الشاغرة في محيط تلك الأحياء السكنية السماح بإقامة وحدات إسكان متنقلة مؤقتة على أراضيهم تخفف من حدة هذا الاكتظاظ إلى حين انجلاء هذا الوباء عن بلادنا بإذنه تعالى.