تستهدف خطط التنمية على الدوام تحسين نوعية السكن من خلال تبني جملة من السياسات من بين أهمها اعتماد معايير ملائمة للكثافة السكنية يتم من خلالها تفادي الاكتظاظ في الوحدات السكنية جراء إقامة أكثر من أسرة في الوحدة السكنية الواحدة، أو زيادة كثافة الإشغال لكل غرفة بقدر يفوق المعدل المسموح به، لما في ذلك من أثر سلبي على الصحة العامة والراحة والرفاه للافراد والأسر المقيمة في تلك الوحدات السكنية. وكما نعلم أن إجمالي الوحدات السكنية لدينا في المملكة يصل إلى نحو 4.6 ملايين وحدة سكنية، يبلغ معدل كثافة الإشغال بها، الذي يعبر عنه بمتوسط عدد الاشخاص لكل وحدة سكنية بحوالي 5.7 أشخاص/وحدة سكنية، ويعد هذا المعدل منخفضاً عما كان عليه في السابق حيث كان في آخر رصد له يبلغ 6.1 أشخاص/وحدة سكنية، ويعود ذلك الانخفاض للزيادة في نمو عدد الوحدات السكنية مقارنة بالنمو في عدد السكان، إلا أن مما هو ملاحظ من بيانات قطاع الإسكان في المملكة من جانب آخر هو أن الوحدات السكنية الصغيرة تمثل الغالبية العظمى من إجمالي الوحدات السكنية المأهولة في المملكة، حيث تمثل الوحدات السكنية المكونة من ثلاث غرف فما دون أكثر من 83% من مجموع تلك الوحدات السكنية، بل إن الوحدات السكنية المكونة من غرفتي نوم فما دون تمثل نسبتها ما يزيد عن 64% من إجمالي الوحدات السكنية المشغولة لدينا في المملكة. وبالرغم من أن نتائج التعداد العام للسكان والمساكن في المملكة تشير إلى تحسن في أنواع المساكن من خلال ارتفاع حصص الوحدات السكنية التي توفر وسائل الراحة والرفاهية للأسرة مثل الفيلات والشقق السكنية في مقابل انخفاض حصة المساكن الشعبية، كما أطلق عليها في تلك النتائج حتى أضحت الفيلات والشقق السكنية تفوق نسبتها 66% مقارنة بالمساكن الشعبية التي تراجعت لنسبة 28% من إجمالي الوحدات السكنية في المملكة، فإن بيانات التعداد ذاتها تذكر أن نحو 56% من إجمالي الوحدات السكنية المشغولة بأسر سعودية تتسم بكثافة إشغال لكل غرفة تفوق المتوسط الذي هو في الغالب 2.5 شخص/غرفة، وهي بذلك تعتبر مكتظة حيث يتكون معظمها من غرفة إلى غرفتي نوم في الوحدة السكنية الواحدة. إن مما يخشى منه وفقاً لتلك النتائج عن بيانات قطاع الإسكان في المملكة، أن يؤدي الإلحاح الدائم للكثير من ملاك الوحدات السكنية وبالذات الفيلات على زيادة النسبة في مساحة الملاحق العلوية لتلك الفيلات لغرض استثماري بالدرجة الأولى، أو اقتصادي واجتماعي للأسر المقيمة بها بدرجة ثانية، والموافقة على تلبية تلك الرغبة، إلى آثار سلبية على كثافة الإشغال لتلك الوحدات السكنية، ليس فقط في ارتفاع متوسط الإشغال لكل غرفة بما يزيد عن 2.5 شخص/غرفة وإنما كذلك على إقامة أكثر من أسرة في الوحدة السكنية الواحدة، وهو مؤشر غير محمود على كفاءة التنمية لقطاع الإسكان وتحسين نوعية السكن بوجه عام لدينا في المملكة.