إذا سألت رجلًا قضى ثلثي عمره الأولين في صحراء الجزيرة العربية (متجولًا) على ظهر الجمل كوسيلة نقل عن ألوانه (ألوان الجمل) لأعطاك وصفًا دقيقًا لكل لون ومسمياته والفرق بينها. وجه السؤال نفسه لابن العشرين عامًا (مواليد 2000 ميلادي) الآن لتبلم؛ والكلام عن الأغلبية في الحالتين. وجه سؤالًا آخر مثلًا عن أفضل أنواع (الجوال) لتبلم الأول وأسهب الثاني بالوصف. وليس ثمة ملام على الاثنين، فالإنسان ابن بيئته التي يعيش ويتعايش ويتكيف معها، ومن ضمن تلك التكيفات بالطبع التكيف اللغوي. ما استدعى المثالين السابقين هذه الجملة الإنجليزية (a " heart-warming» news) حين قرأتها للمرة الأولى التي تترجم عربيًا ب (أخبار «تثلج» الصدر) مع أن معناها الحرفي لو دققت (أخبار مُدفئة للقلب)، ولكن لأن البيئة تلعب دورًا في التأثير في اللغة ترجمها العربي ابن الأجواء الحارة أصلًا بأنها (تثلج) الصدر لامتلاء بيئته بالحرارة والدفء الذي لا يحتاجه لتشبعه منه وبحثه عما يُبرد قلبه وصدره في خضم (السخونة) حوله طقسًا ومعيشةً. سليمان نويديس التمياط