أنجزت المملكة مراحل تحول ضخمة في قطاعي الطاقة والصناعة مدفوعة بزخامة الفرص الاستثمارية ذات الجدوى الاقتصادية التي تهيأت للقطاعين، وبفرص يجري اغتنامها وتحديات جاري تجاوزها لتضع المملكة في مكانتها العالمية المرموقة التي تليق بأكبر منتج ومصدر للنفط الخام والغاز الطبيعي وعموم منتجات الطاقة في العالم في تحول مدهش وجريء جداً نحو تعظيم العوائد غير النفطية المتوقع بلوغها ترليون ريال في 2030، لتساهم بدور رئيس في تنويع موارد الدخل والاستغلال الأمثل لكافة موارد الطاقة وتعظيم قيمها المضافة داخل البلاد التي لا ترضى بعودة تلك الموارد التي تصدرها في أشكال من المنتجات الاستهلاكية التي كان بالأحرى صناعتها محليا. وهو أمر وقفت رؤية المملكة أمامه بكل حزم وعزم بالتوجه للاقتصاد غير النفطي وعدم تصدير المواد الخام التي لا يعكس تصديرها أي ميزة تنافسية أو ابتكار وهذا ما حول البلاد بأكملها لورش عمل ضخمة وطنية 100 % نجحت بإشادة العالم من دول ومنظمات مالية صناعية من رفع عوائدها غير النفطية من 199 مليار ريال في 2016 حين إطلاق الرؤية، إلى قيمة 256 مليار ريال في 2017، وقيمة 294 مليار ريال في 2018، وقيمة 315 مليار ريال في 2019، وتوقع بلوغها 320 مليار ريال في 2020، في قمة ازدهار غير نفطي لم يسبق له مثيل. ولم يكن لتلك النجاحات أن تتحقق لولا إدراك القيادة الحكيمة التي وضعت النقاط على الأحرف حينما حددت مكامن التحديات والمعوقات وصياغتها في رؤيتها الذهبية ليمضي الوطن قلباً واحداً نحو تحقيق حلم عدم الاعتماد على صادرات النفط كأكبر مورد، كتعهد لن يتحقق دون تضافر الجهود الحقيقة، في وقت برزت المملكة أمام العالم في تحقيق كل ما تعهدت به بدءا من تحويل جوهرة النفط والغاز والطاقة المتكاملة، شركة أرامكو السعودية إلى شركة مساهمة وما صادفته من صنوف شتى من التهكمات حيال مصداقية طرح جزء من أسهم أرامكو للاكتتاب العام، ومن ثم تأكيد القيادة على القيمة السوقية التي قدرتها للشركة البالغة اكثر من 2 تريليون دولار. فضلاً عن تعهدات المملكة بالمحافظة على استقرار سوق النفط العالمي باستمرارية خفض إنتاجها بأكثر مما التزمت به في صفقة أوبك+ لتقود سوق الطاقة لحقبة تاريخية بثت الأمل لبلايين سكان العالم، وأكدت أخيراً موثوقية إمداداتها لأمن الطاقة العالمي على الرغم من قساوة الاعتداءات المتكررة على منشآت البلاد وبناها التحتية للنفط الخام والغاز ومنتجات الطاقة في وقت كانت ثلة من ساسة العالم تتهكم بمصداقية قدرة البلاد على احتواء الاعتداءات ومعاودة الإنتاج في غضون ساعات الذي الجم كافة الافواه الحاقدة على هذا التحول المزدهر للاقتصاد السعودي. ويقف العالم أجمع الآن عرفانا بالثقل الذي تمثله المملكة في نهضة واستقرار الاقتصاد العالمي الذي لم تتوان السعودية من رفده بكل ما يتعلق بنموه وازدهاره حتى لو كلف الأمر تنازلاتها عن حقوقها في ضخ 10,14 ملايين برميل في اليوم من النفط الخام الذي خفضت إمداداته إلى 9,74 ملايين برميل في اليوم بمقدار نقص نحو -400 برميل في اليوم مقابل سعيها لتوازن أكثر لسوق العرض والطلب الذي يعد القضية التي أشغلت سوق الطاقة وجعلته متضاربا إما يرى نقصاً في ظل وقف وتدهور إنتاج عدة دول رئيسة وأبرزها فنزويلا وليبيا والمجبرة على تصفير إنتاجها إيران، أو يرى زيادة في إمدادات السوق في ظل خرق اتفاقية أوبك+ المتكرر من عدة دول على مدى الأشهر الماضية. الأمر الذي دفع المملكة لتأخذ دورها القيادي بهيمنتها الإنتاجية والاحتياطية لضبط السوق وبث الطمأنينة لبلايين المستهلكين وسكان العالم بقدرتها على ضمان استقرار توازن السوق رغم الهجمات المتكررة على مختلف منشآتها النفطية الرئيسة من أنابيب نقل النفط مروراً بناقلاته العملاقة عبر الخليج العربي، إلى أكبر اعتداء على أكبر معامل إنتاج النفط الخام والغاز. والمملكة ليس لديها تحديات إلا أن تكون في منزلة الطليعة والقمة التي تليق بها وقد بلغتها بالفعل في صناعة النفط والغاز والتكرير والكيميائيات معاً، وبلغت كذلك منزلة أقوى دولة للطاقة المتكاملة، والثالثة في دول العشرين في قلة انبعاثات الكربون الناتج عن صناعة النفط والغاز، والقادرة على تحقيق أمن سلة الغذاء المستدام والطاقة معا بفضل موقعها الريادي اللوجستي المهيمن على إمدادات أمن الطاقة عبر الخليج العربي والبحر الأحمر وتنوع مناخها الطبيعي لأمن الغذاء، والاستثماري لأمن الطاقة بالرغم من نجاحها في تقليص الاعتماد على تصدير النفط وتحفيز إيجاد مصادر جديدة مبتكرة للدخل بعيداً عن عوائد صادرات النفط وهي في طريقها للريادة العالمية في المعادن الطبيعية والصناعية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي والتوازن مع نجاح مشاريع الإصلاح الاقتصادي. وبالرغم من انخفاض وتذبذب النفط واثره في تدهور اقتصاديات دول عدة إلا أن المملكة قد شرعت بتعزيز استثماراتها المتنوعة الدولية من خلال صندوق الاستثمارات العامة الذي ظفر بأهم الاستثمارات للطاقة النظيفة ومنها استثماره الضخم في صناعة السيارات الكهربائية على نطاق العالم ونجاح المملكة الاكبر في تخصيص أكبر شركتين في العالم للنفط والغاز والكيميائيات، "أرامكو"، و "سابك".