تعول الهند، ثالث أكبر دول العالم استهلاكا للنفط ومشتقاته، على المملكة، أكبر منتج ومصدر للنفط والطاقة في العالم، آمالا كبيرة لتعميق شراكتها الاستراتيجية لتتجاوز مجرد واردات النفط الخام السعودي وتحويلها من مشتر وبائع إلى شراكة استراتيجية أعظم لتبلغ آفاقا جديدة تتحدث عن رغبة قوية للهند للتحالف مع المملكة في مشروع الخزن الاستراتيجي للنفط في الهند، الملف الذي يحمله رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي في زيارته للمملكة للمشاركة في منتدى دافوس الصحراء الذي تستضيفه المملكة غدا الثلاثاء وينظمه صندوق الاستثمارات العامة على مدى ثلاثة أيام 29 - 31 أكتوبر الجاري. وتأمل الهند، التي كانت أكثر قلقاً وشجباً لاعتداءات 14 سبتمبر على أكبر منشآت النفط والغاز في المملكة والعالم، أن تثمر زيارة رئيس وزرائها للمملكة عن استكمال مذكرات التفاهم المتضمنة دعوة الجانب السعودي للمشاركة في الخزن الاستراتيجي الهندي للنفط، وقالت مصادر وزارة الخارجية الهندية بأن الهند، التي تستورد أكثر من 80 % من احتياجاتها النفطية من السعودية، تحرص على تطوير علاقاتها مع المملكة العربية السعودية إلى أكثر من كونها مجرد مشتر رئيس للنفط السعودي. وتضع الهند كامل ثقتها بإمدادات النفط السعودي الموثوقة الذي يمثل أمن الطاقة العالمي حيث برزت المملكة بعد اعتداءات 14 سبتمبر كأكبر مورد للنفط للهند وفق ما أظهرته البيانات، حيث لم تتأثر ولم تنقطع أي من شحنات النفط السعودي المجدولة للهند قبل الاعتداءات، إلا أن حاجة الهند لمشاركة المملكة في مشروع الخزن الاستراتيجي الهندي تبدو أكثر إلحاحاً وضرورة لتعزيز أمن الطاقة الهندي الشاسع النطاق في ظل كثافة الشعب أكثر من مليار. في حين تشكل الاعتداءات المتكررة على نفط المملكة وملاحة الخليج العربي والاضطرابات الجيوسياسية بالشرق الأوسط هاجساً مقلقاً للهند لن يبرح إلا بضمان المخزونات الهندية التي تدعمها المملكة شريك الطاقة طويل الأجل للهند، في وقت تستهدف الهند وبحلول العام 2026 الحصول على مخزونات نفطية بطاقة 87 مليون برميل لتلبية الطلب العاجل، فيما يمكن للهند حالياً تلبية الطلب الطارئ على النفط لفترة 10 أيام تقريباً من خلال 39 مليون برميل من طاقة الخزن الاستراتيجي. وتحتفظ جميع المصافي على قدرة تخزينية يصل مداها إلى 64 يوماً، ويبلغ إجمالي سعة التخزين تحت تصرف الهند 74 يوماً، وهو ما يقل كثيراً عن بيانات وكالة الطاقة الدولية البالغة 90 يوماً، وبلغت نسبة اعتماد الهند على النفط الخام والغاز الطبيعي المستوردين 83.7 % و47 % على التوالي في السنة المالية الهندية الأخيرة التي انتهت في 31 مارس. وتخطط الهند أيضاً لجذب أكبر الاستثمارات السعودية في قطاعات التكرير والبتروكيميائيات، بما في ذلك الشراكة السعودية في مصفاة الساحل الغربي للهند البالغة حجم استثماراتها 165 مليار ريال (44 مليار دولار)، بالإضافة إلى استثمارات البنية التحتية في الهند. وتخشى الهند أيضاً أن يتسبب ارتفاع حدة التوتر في أكبر منطقة لتجارة النفط في العالم في رفع أسعار النفط إلى مستويات تفرض ضغوطًا مالية على الهند، وتتأمل الهند أيضاً أهمية الدور القيادي الذي تلعب المملكة في سوق الطاقة العالمي وطلب الهند من المملكة أن تواصل دورها الريادي في الحفاظ على توازن سوق النفط واستقراره. وتتمتع الهند بالمرونة بالنسبة لأسعار النفط الخام التي تصل إلى 70 دولارًا للبرميل، حيث إن هذا المستوى من الأسعار مدرج بالفعل في ميزانية البلاد لهذا العام وأن الارتفاع في أسعار النفط الخام الذي يتجاوز 70 دولاراً للبرميل لن يؤثر فقط في الرياضيات المالية للهند، بل سيكون له تأثير متتالٍ على الصناعة المحلية والتضخم. في حين تشدد الهند على حساسية المستهلكين الهنود لتقلب أسعار النفط السائد من ظرف لآخر وتثمن الدور النشط الذي لعبت المملكة داخل أوبك وأوبك+ للحفاظ على أسعار النفط عند مستويات معقولة باعتبار السعودية الكيان القائد المنقذ لسوق الطاقة العالمي والتي يمكنها أن تقلل من ضربة أسعار النفط في ظل امتلاكها طاقات متاحة تفوق أغلب إنتاج دول أوبك. وكانت قد نجحت شركة النفط الهندية التي تديرها الدولة باستبدال ما يصل إلى 70 % من أحجام الخام الإيراني، الذي تم تصفيره بسبب العقوبات الأميركية، بشحنات متزايدة من السعودية بعد أن كانت أكبر مشترٍ للنفط الخام الإيراني. وظفرت أكبر مصفاة تكرير في الهند بالمزيد من الصفقات طويلة الأجل للخام السعودي.