دعونا نتفق؛ إذا لم يوجد أهداف استراتيجية واضحة للمنظمة أو للمرء، فلا يمكن أبداً بناء استراتيجية تواصل ناجحة مهما توفر لديك من موارد أو إمكانات! هناك خطوات متسلسلة تستطيع متى اتبعتها أن تبني استراتيجية تواصل قابلة للنجاح، لا بد أن تبدأ أولاً بتقييم الوضع الراهن، لأنك لن تستطيع معرفة وجهتك ما لم تعرف موقعك! ومن أهم الأدوات طرح أسئلة التحليل الرباعي للخروج بنقاط القوة، الضعف، الفرص، التحديات، وغيرها من أسئلة الإجابات المفتوحة التي سوف تزودك بوصفٍ للواقع وحقائقه، وكذلك غير المحسوس من حولك. ثم التعرف على خريطة أصحاب المصلحة، الذي يشمل من يؤثر عليك ومن تؤثر عليه، وحصر شرائح الجمهور المستهدف، وترتيبهم حسب الأولوية والأهداف، مع ضرورة دراسة خصائص الجمهور الثقافية والديمغرافية وتفضلاته الاتصالية، ثم الاطلاع على المقارنات المعيارية، وبالذات تجارب وممارسات التواصل الناجحة والقابلة للتبني في مجالك. يلي ذلك صياغة الأهداف الاستراتيجية ثم الإجرائية لاستراتيجية التواصل، ومن نافلة القول إنها يجب أن تكون مستقاة من أهدافك الاستراتيجية، مرتبة حسب الأهمية وأثرها، ذكيّة أي محددة وقابلة للتنفيذ والقياس، واحذر من الوقوع في فخ تحول الأهداف إلى "تكتيكات"، مثل تحديد أدوات أو إنتاج مواد. الخطوة التالية هي كتابة الرسائل المركزية، وهي الرسائل التي يجب أن ترتكز عليها جميع المبادرات والمشروعات الاتصالية، متسقة مع الأهداف الاستراتيجية، محتوية على المعلومات الأساسية، مقنعة للجمهور، داعمة للأهداف، مساعدة على رفع الوعي بالمنظمة وأعمالها، ثم خطوة اختيار الوسائل والأدوات، عبر تحديد القنوات والفعاليات والمواد الأفضل كفاءة، والأقدر على الوصول إلى شرائح الجمهور المستهدف، مثل نوع منصات التواصل الاجتماعي المناسبة. يلي ذلك الخطوة الأهم؛ وهي تحويل ما سبق من معلومات ورؤى إلى خطة عمل تنفيذية، عبر مسارات متوزاية لتحقيق الأهداف، لتخرج برزنامة زمنية واضحة للفعاليات والأنشطة، بالإضافة إلى معرفة التكاليف التقديرية والإمكانات التي يجب توفرها من مالية، بشرية، معدات، برامج إلكترونية وغيرها، تستطيع من خلالها تخطيط وتوزيع الموارد لتنفيذها في المواعيد المتوقعة، وبالطبع يجب صياغة خطة تواصل تفصيلية لكل مشروع تشمل جميع عناصر استراتيجية التواصل ولكن على مستوى المشروع. بالطبع سوف تشتمل الاستراتيجية على صياغة سياسات وإجراءات عمل وتحديد مؤشرات أداء، سوف نتحدث عنها لاحقاً، غير أن إطلاق استراتيجية التواصل لا بد أن يصاحبها وسائل قياس وتقييم واضحة، سواء عبر قياس الأثر في المنصات الاتصالية، أو عبر الوسائل البحثية الأخرى كالاستبانات والمسوح، مما يساعد على تصحيح الانحراف وتجنب الأخطاء، ناهيك عن أن المراجعة تساعد على رفع الكفاءة، عبر إلغاء أو دمج البرامج الاتصالية في بعض الحالات، أو ابتكار أدوات أسرع وأكثر تأثيراً. من الممكن الإسهاب في كل خطوة من خطوات بناء استراتيجية تواصل فعالة، لكن يبقى حجر زاوية نجاحها أن تكون منبثقة من أهدافك الاستراتيجية أولاً وأخيراً.