تبدلت أحوال الزمان، وأصبح الإنسان يعيش صراعًا مريرًا في كل آن؛ إنه صراع البائس المسكين الذي ألهب في داخله حب الدنيا والتذلل لسلطانها، وسمح لسكناته ونظراته وتأملاته أن تأسره في ذلك القفص المهين الذي يسمى «المصلحة الشخصية»، فبدأ يتخبط في هذا العالم المشحون، مبتعدًا شيئًا فشيئًا عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، ومتجاهلًا للأخلاق الحميدة المستمدة من شريعتنا السمحة، فأخذته خطوات الشيطان إلى جحيم الدنيا، فكانت النتيجة مؤلمة؛ انتُهكت فيها حرمات الإنسان، لم تعد هناك حقوق وواجبات؛ فلا الصغير يحترم الكبير، ولا الكبير يعطف على الصغير، وبر الوالدين أصبح من أخبار الزمان، ومكانة الجار لم يعد لها مكان، واحترام المعلم انقلب إلى نكران، وأمسى الوفاء لفظًا في عالم النسيان، والإخلاص والولاء استبدلا بالغدر والعصيان، والإساءة طغت على الإحسان. اختلطت كل الأمور، فضاعت القيم وسحقت معانيها الجميلة، وسيطرت الانهزامية على روح الإنسان، تسيِّره مصلحته الشخصية الآنية وفقًا لمعاييره القاصرة وبصيرته الأسيرة، حتى غدا آلة تحركها أزرار المصلحة، فأحد تلك الأزرار لابتسامة كاذبة، وآخر للغش والخداع، وثالث للرياء والنفاق، ورابع وخامس ومائة ألفٍ مسخَّرةٌ كلها للشر والعدوان؛ «آلة صماء في صورة إنسان»، آلة مجردة؛ لا كرامة فيها، ولا مروءة، ولا شهامة، آلة (الأنا) ومن بعدي الطوفان. ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله وحده المستعان. * عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين