في أكتوبر الماضي كشف الإسباني فرناندو تريساكو رئيس لجنة الحكام في الاتحاد السعودي لكرة القدم الغطاء عن قضية خطيرة تقف خلف فشل تجربة تقنية الفيديو «فار» في المسابقات السعودية في تحقيق الحد الأدنى من الرضا حتى الآن؛ حين قال في مؤتمر صحافي إن الإخراج التلفزيوني وكاميرات الشركة الناقلة هي المسؤولة عن فشل التقنية في الوصول إلى قرارٍ صحيح في بعض الحالات، مؤكدًا أن حكم الفيديو ومساعده يعتمدان على اللقطات والزوايا التي يبثها المخرجون، وليس لدى الفريق التقني كاميرات خاصة تمكنه من الحصول على زوايا غير تلك الزوايا واللقطات التي ينتقيها لهم مخرج اللقاء!. هذه الحقيقة المضحكة المبكية تؤكد أن حكم «فار» الحقيقي في مسابقاتنا السعودية هو مخرج اللقاء، وليس لحكم «فار» ولا لمساعده ولا لحكم اللقاء القدرة على رؤية الحقيقة بجلاء ما لم يكن المخرج «عاوز كده»!. هذا يقودنا إلى السؤال عن ضبابية الصورة حول الشركة الناقلة وأسماء المخرجين وهوياتهم التي أصبحت مؤخرًا سرية وغامضة، بعد أن كان المشاهد السعودي في فترات سابقة يعرف أسماء المخرجين والمصورين وكامل طاقم النقل أيام المخرجين الطيبين سعد الوثلان وطارق ريري وعبدالعزيز الرويشد وغيرهم!. في مباراة الهلال والاتفاق الخميس الماضي ضمن ربع نهائي كأس الملك عاد الحكم الاسكتلندي بوبي مادن إلى «فار» ليتأكد من وجود ركلة جزاء لمصلحة لاعب الهلال صالح الشهري فتم عرض لقطات غير واضحة ومن زوايا عمياء لا يمكن معها الجزم بوجود ركلة جزاء ليقرر الحكم استمرار اللعب، وما إن استكمل اللعب حتى عرضت على الشاشة لقطة شديدة الوضوح تؤكد وجود جزائية فاضحة، بل ربما طرد لمدافع الاتفاق الربيعي، لكن تلك اللقطة لم تكن ضمن اللقطات التي عرضت على الحكم، وهذه الحالة واحدة من عشرات الحالات التي تكررت كثيرًا في مسابقاتنا وأثرت في قرارات الحكم، خاصة حين يكون الاشتباه لمصلحة الهلال، أمَّا إن كان الاشتباه ضده فسيشاهد الحكم كل الزوايا واللقطات الممكنة التي تشجعه على احتساب القرار. ما يحدث حاليًا باختصار هو أن دور مخرج اللقاء أصبح أهم من حكم الساحة ومساعديه، وأهم من حكم تقنية الفار ومساعده، بل أصبح المخرج المجهول الغامض المختبئ في مكانٍ ما في الملعب دون أن يعرف أحد هويته أو هوايته هو كل هؤلاء في رجل واحد، وهو الذي بيده أن يقرر إن كان «عاوز كده» .. أو «عاوز كده». على اتحاد القدم أن يفض سريعًا هذا الاشتباك المخل، وأن يسارع إلى الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة التي سبقتنا في استقدام تقنية الفار، وأن يؤمِّن الاستقلالية التامة لهذه التقنية بكاميراتٍ خاصة تمنح حكامها وحكم اللقاء القدرة على اتخاذ القرار بدون تأثير من شخصٍ مجهول لا يبدو أن هناك من يراقبه أو يحاسبه، حتى نتأكد على الأقل من أنَّ الأخطاء التحكيمية التي تحدث هي أخطاء تحكيمية تقع من حكم اللقاء أو من غرفة الفار، وليس من غرفٍ أخرى.