تطوير استراتيجيات التدريب في الأعمال الاجتماعية    نتنياهو يلوّح بعدم تنفيذ الهدنة قبل الحصول على قائمة الرهائن    غوتيريش يؤكد على ضرورة احترام سيادة لبنان وانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية    موسكو وكييف متمسكتان بالحرب    «إسلامية المدينة».. الأولى في العمل التطوعي    محمد بن ناصر يرعى حفل موسم "شتاء جازان 25"    بدء الترشح لجائزة فهد بن سلطان للتفوق العلمي    400 متسابق سريلانكي يتنافسون في التصفيات النهائية لحفظ القرآن    الشيخ السديس: حصّنوا أنفسكم وأولادكم بالأوْرَاد الشَّرْعِية    الشيخ الثبيتي: لا تطغوا بعلمكم ولا تغتروا بقوتكم    الحكومة تغطي 49.1 % من النفقات الصحية الأساسية    مشروع «مؤشر اللغة العربية» يفوز بجائزة البابطين للإبداع في نسختها الأولى    الجامعة العربية: نسعى لتحقيق الاستقرار في سوريا    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالأحساء تفوز بدوري المناظرات    السعودية تشارك في المنتدى الاقتصادي العالمي 2025    تطوير منصة موحدة للنقل في مكة المكرمة    الهيئة الملكية للجبيل وينبع: رحلة تتحدى الزمن نحو التميز المستدام في المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس 2025»    مصر تعلن تشكيل غرفة عمليات مشتركة لمتابعة تنفيذ «صفقة غزة»    الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يغادر المحكمة إلى مركز احتجازه    الهلال الأحمر بالشرقية ينفذ مشروع "معاذ" لعدد من الجهات الحكومية والخاصة    ضبط مواطن في عسير لترويجه (5,838) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    رصد طائر البوم «الفرعوني» في شرق عرعر    شرطة الرياض تقبض على (4) أشخاص لسرقتهم مركبات واستخدامها في سرقة كيابل نحاسية    الرياض تحتضن مؤتمر تكنولوجيا الرعاية الصحية الدولي 2025 الشهر المقبل    أكثر من 102 ألف حالة وفاة سنويا في بنغلاديش بسبب تلوث الهواء    براً وبحراً وجواً.. ضبط 2124 حالة ممنوعة خلال أسبوع    السعودية تتصدر عالمياً بسعة أنابيب نقل تصل إلى 19.4 مليون م3 يومياً    مصادر ل«عكاظ»: الاتحاد يدرس شراء عقد العمري من النصر    قرارات في النصر بشأن بيولي وتاليسكا    رونالدو يُعلق بغضب على تعادل النصر أمام التعاون    محمد صلاح هدف الهلال الأبرز في يناير    تكريم 85 خاتمة لكتاب الله في خميس مشيط    ضبط 21,485 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    7.4 % نمو بالإنفاق على تكنولوجيا المعلومات    كنو يرفض 8 ملايين في الموسم    اليوم.. اقتران بين كوكبي الزهرة وزحل    ميدان فروسية الجبيل يقيم سباقه العاشر التصفيات التمهيدية لأبطال الميادين    هل يتفوق الروبوت على البشر في جراحات الكبد المعقدة؟    الموسيقار العالمي أنتوني هوبكنز يبعث من الرياض رسائل إنسانية وفنية عميقة    «تيك توك» تعلن تعليق خدماتها يوم الأحد في أمريكا    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    الحكومة الأمريكية تمنح «موديرنا» 590 مليون دولار لتطوير لقاح إنفلونزا الطيور    إنسان جازان.. لوحة فنية وأصالة شعرية في حفل افتتاح موسم شتاء جازان 25    جمعية الإستشارات النفسية بجازان تشارك بركن تعريفي في معرض «دن وأكسجين»    النصر يكسب القادسية بثلاثية في دوري السيدات    الحقيل يكرم وكالة شؤون الإسكان بأمانة القصيم لتحقيقها مستهدف التمليك    الرئاسة العامة تشارك بورشة عمل بعنوان (رقمنة التوعية في أداء المناسك)    مركز وتد الحياة يطلق مبادرة مجتمع واعي بالمدينة المنورة    بايدن يخفف أحكاما صادرة بحق 2500 شخص    محمية الملك عبد العزيز الملكية تنضم للقائمة الخضراء الدولية    خطيب المسجد النبوي: احذروا أن تتحول قوة الشباب من نعمة إلى نقمة ومن بناء إلى هدم    «الخارجية»: نرحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة    أمر ملكي بتشكيل مجلس هيئة حقوق الإنسان في دورته الخامسة    اضحك على نفسك    متحدث أمن الدولة: السعودية لم تكن يوماً أداة لخدمة الأهداف الخارجية    تعزيز مكانة محمية الملك عبدالعزيز البيئية والسياحية    إطلاق كائنات فطرية    أمير القصيم يؤكد على السلامة المرورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل ينتصر العالم لحضارته.. ويقوّض أيديولوجية إيران المتطرّفة؟!
نشر في الرياض يوم 25 - 09 - 2019

لا غرو أن يتّسم سلوك ملالي إيران بالمُداورة والمراوغة والتقية السياسية؛ حيث ما يعلنونه للعالم يتنافى ويتضاد مع ما يضمرونه من معتقدات وأفكار مترسّخة تعكس دوغمائية النظام الموغلة في التطرّف والإقصاء؛ وهو ما يعني ويثبت أنّ الثقة بهذا النظام والتقاطع معه حول أي هدف أو فكرة هو ضرب من المستحيل والتعامل معه بوثوق لا يعدو كونه عبث إهدار للجهود وللوقت..
لم تُمنَ أُمّة من الأمم بتشويه وتكريس لصور سلبية عنها تتّسم بالعدائية كما منيت به أُمّتنا الإسلامية على امتدادها؛ فبدا الإسلام للشعوب الأخرى ديناً منغلقاً ومتقوقعاً وعصيّاً على الفهم، يرزح في سلفية عاجزة عن التكيّف مع العالم المعاصر ومظاهره العصرية المختلفة. وقد تواترت تلك الصورة السلبية عن الإسلام من قبل بعض المستشرقين كآرنست رينان الذي كان يرى في المسلمين شعوباً متخلّفة خاضعة لحكم الإسلام محكوماً عليها بأن تقبع في التخلُّف؛ ولم يقف هذا التصوّر القاصر لديه عند هذا الحدّ بل إنه يعلن حكماً قيمياً مفاده: لم يوجد مفكّرون قط في الإسلام. وقد تبعه آخر هو اللاهوتي البروتستانتي جاك ايللول الذي ينكر على الإسلام صفة الدين المُنزّل، ولم يتردد في تصويره عدوّاً لدوداً ليهودية - مسيحية مزعومة ومؤمثلة، وفي جعل نفسه مبشّراً بصراع جديد بين الحضارات.
هذا التشويه المتعمّد لصورة الإسلام المعتدل النقي لم يقف على هؤلاء المستشرقين وأعداء الإسلام؛ بل إنه تشويه استمر من قبل بعض المسلمين - أو من يفترض أن يكونوا مسلمين - فالجمهورية الإسلامية الإيرانية كما تعبّر عن نفسها في هذا الاسم المضلِّل- لم تفتأ تمارس تشويهاً واعتداءً على الدين الإسلامي العظيم؛ تشويه كرّسه النظام الإيراني الراديكالي المتصلّب. هذا النظام الذي ابتُلِيَت به شعوبنا ودفعت ثمناً باهضاً من ويلاته وحماقاته التي تتدرّع بالدين والإسلام نتيجة أوهام بالعظمة ونزعات شرّيرة وحالة فصام يعاني منها الفكر والإيديولوجية الإيرانية الملتاثة التي عانت من عتهٍ مبكّر أفقدها رُشدَها فباتت تتوقّح بصلافة صارخة وتمارس السلوك المرضي والإرهابي باثّة أفكارها المغلوطة وترّهاتها وأطماعها وأحلامها التوسّعية والرغبة في الهيمنة والاستيلاء على جيرانها والعبث بمقدراتها وعقول شعوبها تحت ذريعة إنشاء نظام عالمي جديد مستند إلى مبادئ إسلامية وإلى معارضته للولايات المتحدة الأميركية والقيم الغربية عموماً؛ ولعلّ المتتبّع لسلوكها في سبيل تحقيق أفكارها وأيديولوجيتها يتفهّم تماماً السبب وراء إقامتها لصرح تذكاري فوق روابي طهران الشمالية أطلقت عليه "متحف الدفاع المقدّس" - والذي أفاض في كشف أهدافه والأفكار التي ينطلق منها إنشاؤه الباحث والمراسل للشؤون الخارجية لصحيفة وول ستريت جورنال جاي سولومون- حيث يشير إلى أن هذا المتحف أنشئ لتخليد ذكرى شهداء الحرب الذين سقطوا في سبيل الجمهورية الإيرانية؛ وهو متحف كلّفها ملايين عديدة من الدولارات ويهدف لتأريخ وتوثيق الحملة العنيفة التي شنّها قادة إيران في هذه المنطقة والتي بدأت بالثورة الإسلامية عام 1977؛ وفي الوقت الذي يخلد فيه ذكرى قتلى الحرب الذين سقطوا في سبيل الجمهورية الإيرانية؛ يتطلّع هذا الصرح أيضاً إلى أهداف إيران المستقبلية، موثّقاً هاجس إيران واهتمامها الشديد بإنشاء نظام عالمي هي من يقوده ويمتثل لأفكارها وإيديولوجيتها التوسعية النزاعة للهيمنة والاحتواء باعتبارها - كما يزعمون - صرحاً للقومية الإيرانية والثورة الإسلامية والدور التاريخي للبلاد بوصفها القوة التاريخية الأعظم الغنية عن التعريف في الشرق الأوسط. ولم يقف هذا الفكر الدوغمائي الطموح للهيمنة عند هذا الحد؛ فقد تم وضع صور ومقاطع مرئية لآية الله الخميني وهو يلقي خطباً ومواعظ حول القيم والمبادئ السامية - كما يعبّرون - للثورة لتلامس أسماع المؤمنين المتضرعين إلى الله وأسماع قادة العالم.
لذا فلا غرو أن يتّسم سلوك هذا النظام بالمُداورة والمراوغة والتقية السياسية؛ حيث ما يعلنونه للعالم يتنافى ويتضاد مع ما يضمرونه من معتقدات وأفكار مترسّخة تعكس دوغمائية النظام الموغلة في التطرّف والإقصاء؛ وهو ما يعني ويثبت أنّ الثقة بهذا النظام والتقاطع معه حول أي هدف أو فكرة هو ضرب من المستحيل كما أن إيلاء هذا النظام الثقة والأمان والتعامل معه بوثوق هو لا يعدو كونه عبث وإهدار للجهود وللوقت. وعلى العالم أن يقف موقفاً ناضجاً وواقعياَ مستصحباً معه تراكم مواقف وخبرات وأحداث دامية سبّبها هذا النظام خلال عقود مضت؛ ومن العقلانية والحنكة السياسية والحكمة إدراك أن البنيان لن يأتي بنيانه في حين أن الطرف الآخر بصفاقته ورعونته وأطماعه ونزعاته الشريرة وأهوائه يمارس عملية الهدم والتقويض واجتثاث كل أساس لبناء عالم متسامح قوامه الأمن والعدل والمساواة وضمان حقوق إنسانه وخيراته وأراضيه.
وإزاء هذا الصلف الإيراني والإيذاء المستمر وأمام حالة الوجوم والموقف المتخاذل دولياً - رغم إعلان أغلب الدول حالة التوافق حول تحميل هذا النظام مسؤولية هجمات أرامكو - لكنه موقف غير كافٍ. علينا أن نسترجع موقف ورأي سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبل فترة ليست ببعيدة والذي كان مفاده؛ استحالة التوافق أو التفاهم مع هذا النظام فقد عبّر سموه عن موقفه بقوله: كيف أتفاهم مع نظام يقوم على إيديولوجية متطرفة ولديه قناعة مترسخة منصوص عليها في دستوره وفي وصية الخميني أنه يجب أن يسيطروا على المسلمين والعالم الإسلامي ونشر المذهب الجعفري الاثني عشري الخاص بهم في جميع أنحاء العالم الإسلامي حتى يظهر المهدي المنتظر؟
اليوم يبزغ في سماء وعينا هذا التساؤل الممض المرُبِك: كيف نتفاهم ويتفاهم العالم مع نظام قائم على هذه الأيديولوجية المتطرفة؟ إن العالم الإسلامي بجميع منظماته ومؤسساته وكذلك العالم الدولي مطالب بموقف أكثر وضوحاً وفاعلية وعدلاً وإنصافاً؛ فلا من المسوّغ ولا المُبرّر أن يتم قبول هذه المهانة والصلف والحماقة من نظام أحادي التفكير والرؤية ضيّقها في حين أن العالم بكامل شعوبه ومصالحه القائمة على الطاقة التي تعدّ المملكة اللاعب الأكبر والأبرز في تأمينها؛ لنتحمّل تهديداته وحماقاته بلا موقف رادع؟ نعلم أن المملكة العربية بكامل حمولتها السياسية والاقتصادية والروحية قادرة على الرد - بما يتناسب مع الفعل ووفق خياراتها التي هي من يحددها-، لكن المنطق يقتضي أن العالم بأكمله معني بهذا التحدي والاستفزاز والتهديد، فهل ينهض العالم من رقدته ليقول كلمته المنتظره؟ هذا ما يرجوه الجميع وما يرتضيه قبله الوعي والعقل ورخاء العالم واستقراره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.