تعكف شركة أرامكو السعودية على ضبط مستويات مخزونات النفط الخام السعودي، الذي يقدر بأكثر 200 مليون برميل في ظل السحب المتزايد لتعويض نقص الإنتاج بسبب الاعتداءات الأخيرة على البنى التحتية للنفط والغاز في منشأتي بقيق وخريص، التي أولا علقت إمدادات بطاقة 5,7 ملايين برميل يومياً من النفط الخام مؤقتا منها 4,5 ملايين برميل يومياً من معامل بقيق. وقامت الشركة بتعديل عمليات التسليم والشحنات للعملاء من خلال السحب من المخزونات وتوفير خيارات بديلة لإنتاج النفط الخام الذي توقف مؤقتًا، وبالتالي لم تؤثر شحنات الشركة الدولية لا من حيث التأخير ولا من حيث الإلغاء بسبب تلك الهجمات، وتمكّنت دائمًا من تلبية احتياجات عملائها العالميين، حتى في ظل الظروف الصعبة، بما في ذلك الصراعات التي شهدتها منطقة الخليج في الماضي. في حين قلت الضغوط على مخزونات النفط في الوقت الذي نجحت فيه شركة أرامكو في السيطرة التامة على تبعات الاعتداءات وتضييق آثارها؛ حيث جرى استئناف الإنتاج في معمل خريص بواقع 320 ألف برميل بعد 24 ساعة من الهجوم، إضافة إلى معاودة إنتاج بقيق بواقع مليوني برميل في اليوم خلال ثلاثة أيّام من توقف المعمل بعد الهجمات، وأنه سيعود لمعدلاته السابقة بالكامل في نهاية سبتمبر الجاري. وبشأن السحب من المخزون للغاز فقد تم تعليق إنتاج الغاز وتعطل نحو بليوني قدم مكعب من الغاز المصاحب، ونحو 1,3 بليون قدم مكعب من الغاز الجاف، و500 مليون قدم مكعب من غاز الإيثان، ونحو نصف مليون برميل من سوائل الغاز، التي أثرت في بداية الاعتداءات على بعض إمدادات اللقيم لبعض الشركات البتروكيميائية بنسبة دون 50% في بداية الاعتداء، ثم انخفضت إلى 10% وأقل لبعض الشركات، في حين لم تتأثر شركات نظراً لجدولتهم المسبقة لإغلاق مصانع للصيانة ووفرة مخزون لديهم. إضافة إلى بناء المخزونات من إمدادات المنطقة النفطية المحايدة المقسمة المشتركة بين المملكة والكويت بقطرة 500 ألف برميل في اليوم وهي ما تمثل أمنا لإمدادات الطاقة العالمية رغم أن آبارها غير نشطة لحين التوصل لاتفاق البلدين فيما يتعلق بالحصص الإنتاجية وتقسيمها وصياغة وثائق جديدة ووضع اللمسات الأخيرة على بعض التفاصيل الفنية. وقالت مصادر نفطية إن المنطقة المحايدة تمتار بأنواع من النفط الخام الحامض الثقيل، الذي تقلصت إمداداته العالمية بسبب تراجع العرض من إيران وفنزويلا، في حين من المرجح أن تساهم إمدادات المنطقة المحايدة في سد فجوة العرض، في وقت تشير التقارير إلى أن المملكة العربية السعودية والكويت تقتربان من التوصل إلى اتفاق بشأن المنطقة المحايدة. في الوقت الذي سعت فيه أرامكو مسبقا إلى توسعة طاقة مخزوناتها النفطية في مواقع استراتيجية مختلفة من دول العالم لتوفير إمدادات فورية عند الحاجة في مختلف الظروف والتقلبات؛ حيث سارعت الشركة إلى بناء منشأتين استراتيجيتين عالميتين لتخزين النفط الخام ليخدم الدول المستهلكة تحت أي طارئ وتوفير الإمدادات الآمنة أيضاً لمصافي أرامكو في الأسواق الرئيسة. وتستهدف «أرامكو» تأمين عشرات ملايين البراميل من نفطها في مراكزها العالمية للتخزين تحرزاً للمشكلات الجيوسياسية في مختلف أقاليم العالم، ويهيئ لها التجاوز الآمن للممرات والمنافذ البحرية المضطربة. وقد نجحت «أرامكو» عبر منشأتها لتخزين النفط في ميناء الفجيرة بالإمارات بتخزين أكثر من مليون برميل لدعم عملياتها التجارية الدولية وضمان تدفق إمدادات سريعة ومرنة للمشترين ولاسيما لدول آسيا التي تستحوذ على أكبر الواردات، وذلك بعيداً عن مضيق هرمز أكبر ممر ملاحي لتجارة النفط في العالم الذي هددت إيران بإغلاقه عدة مرات. وتنفذ «أرامكو» مشروعاتها الخارجية لخزن النفط وفق اتفاقات مع حكومات الدول تمكن «أرامكو» من استخدام صهاريج التخزين لأغراض تجارية مقابل إعطاء الأولوية لتوريد النفط الخام لتلك الدول في حالة طوارئ. ونجحت شركة أرامكو أيضاً في إقناع اليابان بتجديد اتفاقية تسمح لأرامكو بتخزين نحو 6.3 ملايين برميل من الخام في جزيرة «أوكيناوا» لتسهيل عمليات تسويق النفط في اليابان والدول المجاورة لها. في وقت تسعى المملكة للاحتفاظ بمكانتها التنافسية الريادية كأكبر مصدِّر نفط لليابان، التي تسعى شركاتها لزيادة وارداتها من شحنات النفط السعودية لأكثر من مليون برميل يوميا. فيما تسعى اليابان للاحتفاظ بأكثر من 300 مليون برميل من النفط الخام في احتياطي النفط الاستراتيجي، فيما تلتزم شركات المصافي والموردون في اليابان بالاحتفاظ بكميات تعادل فترة 70 يوما من استهلاك النفط الخام والمنتجات النفطية المحلية كجزء من حفظ احتياطي النفط الاستراتيجي. وزادت «أرامكو» طاقتها التخزينية للنفط الخام في «أوكيناوا» في اليابان بمقدار 1,9 مليون برميل إلى 8,2 ملايين برميل في سبتمبر 2017 حيث يدعم هذا المشروع عمق شراكة «أرامكو» مع اليابان، ويحقق أهدافا ذات فوائد كبيرة مشتركة للجانبين وفق اتفاقية استئجار لخزانات النفط الخام لمصلحة أرامكو تخولها للتخزين والتسويق لبلدان المحيط الهادي، في حين مقابل توفير مساحة التخزين تتلقى اليابان أولوية شراء كل الخام في الخزانات في حال حدوث نقص غير متوقع. وتمثل «أرامكو السعودية» أكثر من ثلث واردات اليابان من النفط الخام ما يجعلها الشريك المثالي لتوفير إمدادات فورية.