قال محلل أسواق النفط الدكتور محمد الشطي: يعد تطور إنتاج النفط الصخري من أبرز وأهم الأمور التي أثرت -وما زالت- في أسواق النفط خصوصا منذ العام 2010 وإلى اليوم، حيث يشهد زيادة سنوية لم تشهدها الأسواق من أي منتج آخر في العالم، واضطرت الأوبك وتحالف المنتجين الآخرين OPEC+ لتحقيق توازن السوق النفطية وتصحيح مسار الأسعار ليكون في صالح الاستثمار والموازنات والاقتصاد العالمي، وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية ارتفاع إجمالي إنتاج النفط في الولاياتالمتحدة من 11 مليون برميل يوميا في 2018 إلى 12.3 مليون برميل يومياً في 2019 ثم 13.3 مليون برميل يومياً، ومن المعروف أن حقول النفط المسؤولة عن هذه الزيادة يتقدمها بيرميان والذي ساهم ب 2.6 مليون برميل يوميا في 2018، ثم إيغل فورد 1.3 مليون برميل يوميا في 2018 ثم بيكان والذي ساهم أيضا بما يقارب من 1.3 مليون برميل يوميا في العام 2018م، وتتوقع الدراسات في أسواق النفط بأن إنتاج النفط الصخري يستمر في الارتفاع على الأقل إلى العام 2025 ثم يعتدل أو يثبت الإنتاج إلى 2030 ثم يبدأ في الانخفاض بعد ذلك، ولكن هناك توقعات مثل تلك الصادرة عن البيت الاستشاري سيرا حيث يرى أن إجمالي إنتاج النفط الأميركي يستمر في الارتفاع من 11 مليون برميل في العام 2018 ليصل إلى 16.6 مليون برميل يوميا خلال 2035 ثم يبدأ في الانخفاض التدريجي ليصل إلى 11.3 مليون برميل يومياً في 2050 وهذا هو حسب سيناريو الأساس. وتابع بقوله: الشاهد من هذا هو أن النفط الصخري لاعب موجود في السوق ويبقى يؤثر ويمثل تحدياً أمام OPEC وتحالف المنتجين ربما لسنوات قادمة، ولا بد من تطوير استراتيجيات تضمن إيرادات ثابتة ومتزايدة للمنتجين خصوصا التي تعتمد بشكل رئيس على النفط وهو أيضا يحمل بين طياته أن استخدامات النفط باقية لإيفاء احتياجات الطلب العالمي باعتبار نمط أكبر منتج ومستهلك في العالم وهو الولاياتالمتحدة الأميركية، لكن بلا شك إنتاج النفط الخام الأميركي يتأثر بعوامل أبرزها مستويات أسعار النفط الخام وأداء الاقتصاد العالمي وأسواق المال والأسهم في العالم، وقد اتضّح في العام 2016 عندما هبط سعر نفط خام برنت إلى متوسط الأربعين دولاراً للبرميل انخفض معه الإنتاج الأميركي بمقدار 600 ألف برميل يومياً في العام ذاته، لذلك فإن انخفاض أسعار نفط خام برنت إلى مستويات ال 50 دولاراً أو أقل بلا شك سيؤثر على وتيرة الزيادة والإنتاج الفعلي للنفط الأميركي، وقد أوضحت الأيام السابقة ذلك عبر هبوط بعض الأسهم المهمة في الولاياتالمتحدة وتبرز أهميتها كون 24 شركة من إجمالي 32 شركة مسجلة في مؤشر S&P500 لقطاع الطاقة، ولذلك فإن تراجع الأسهم يعني تحقق خسائر وذلك بلا شك سيؤثر على أداء الشركات هناك، وقد يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى انخفاض نشاط عمليات الحفر في تشكيلات النفط الصخري في الولاياتالمتحدة في الوقت الذي يبدو فيه موقف الشركات المالي يواجه بعض التحديات، كما أن تغريدات الرئيس دونالد ترمب التي أشعلت وتيرة الحرب التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين قد ساهمت في تراجع الأسعار وتأثر أسهم شركات النفط الصخري وأدائها المالي، ربما يكون إنتاج النفط الصخري قد حقق ارتفاعات غير مسبوقة عن أي منتج للنفط في العالم حاليا، وربما تكون كلفة إنتاج البرميل قد انخفضت في بعض الحقول الأميركية إلى قرابة ال 35 دولاراً للبرميل، إلا أن معظم شركات النفط الصخري تعاني من الخسائر، حيث تعاني الشركات المنتجة للنفط الصخري في أميركا من خسائر من عمليات الإنتاج النفطي، كما أن التدفقات النقدية في قطاع النفط الصخري تتراجع، وقد اندمجت بعض الشركات مع أخريات، من جهة فقد انخفضت منصات الحفر الأفقية على مدار العام السابق وهو ما يعادل فقدان 300 ألف برميل يومياً في المتوسط، ولكن الأمر يعتمد على سحب أو إيقاف عدد المنصات التي لم تكتمل DUCs، ومن المرجح أن تقوم التوقعات بخفض الزيادة في إنتاج النفط الصخري الأميركي بمقدار 700 ألف برميل يومياً بدلا من مليون برميل يوميا لعام 2020 ليعكس ذلك انخفاض عدد المنصات بصورة مستمرة. وأضاف بقوله بطبيعة الحال فإن جهود OPEC وتحالف المنتجين OPEC+ سيضمن استقرار الأسواق والأسعار لكن استمرار ارتفاع الإنتاج الأميركي يمثل تحدياً، ويضغط على أسعار النفط في ظل تخفيض معدلات الطلب عليه، وهو ما يعني في النهاية تحدياً أمام صناعة النفط والغاز في أميركا والشركات النفطية الأميركية عموماً، كما أن تراجع سعر النفط يهدد شركات إنتاج النفط الصخري التي تكافح بدورها لتفادي المزيد من التراجع الذي يمكن أن ينتهي بها للإفلاس ويعتقد البعض أن صناعة النفط الصخري الأميركي تواجه تحدياً رغم نجاحاتها المتواصلة التي تفاجئ المراقبين، مع تصاعد الضغط على منتجي النفط الآخرين، وأجواء التوترات التجارية بين الصين وأميركا تواجه الشركات الضعيفة تهديداً بتضاؤل الاستثمار وتعثر الإنتاج والاضطرار لبيع الأصول واحتمال الإفلاس وهو الأمر الذي حدث لبعضها.