أنهت أسواق النفط تداولات أسبوع كامل غلب عليه حالات الدعم من قبل عاملين أساسيين الأول اتفاق الخفض النفطي بين الدول الأعضاء والثاني بوادر شحّ الإمدادات النفطية القادمة من فنزويلا التي ترزح تحت نير عقوبات الإدارة الأميركية، لذلك فقد دارت أسعار خام الإشارة برنت في غالبية تداولات الأسبوع الماضي حول مستوى ال71 دولاراً للبرميل كأعلى مستوى سعري له منذ ستة أشهر مضت، وتشير المعطيات الحالية لأسواق النفط إلى استمرارية عوامل دعم الأسعار في المدى القريب والمتوسط؛ نتيجة التعاظم المتلاحق لأثر اتفاق الخفض النفطي من جهة، واتضّاح أثر العقوبات المفروضة على فنزويلا من جهةٍ أخرى، كذلك طهران هي الأخرى تمر بعقوبات اقتصادية على صادراتها النفطية نتيجة سلوكها الإرهابي في المنطقة، فالبيانات الحالية تشير إلى أن إنتاج فنزويلا سجل تراجعاً بمقدار 419 ألف برميل يومياً ما بين إنتاج شهري يناير ومارس للعام الجاري، حيث تراجع إنتاجها في مارس ل732 ألف برميل يومياً وذلك من مستوى 1.151 مليون برميل يومياً في يناير الماضي، كما سجّلت إيران تراجعاً في مستوى إنتاجها ما بين شهري يناير ومارس بمقدار 56 ألف برميل يومياً، حيث تراجع إنتاجها في مارس ل2.698 مليون برميل يومياً وذلك من مستوى 2.754 مليون برميل يومياً في يناير الماضي، وعليه فإن الأسواق النفطية (هذه الأرقام مرشّحة للزيادة خلال الأشهر القادمة) تفقد قرابة 0.5 مليون برميل يومياً من الإمدادات النفطية بالأسواق، بعيداً عن اتفاق الخفض النفطي OPEC+ المعمول به حالياً، لذلك من المرجّح أن تقوم الدول الأعضاء في OPEC+ بتغيير سياسة الإنتاج النفطية خلال النصف الثاني من العام الجاري 2019م وفكّ تقييد الخفض الطوعي الحالي البالغ 1.2 مليون برميل يومياً حسب الحاجة التي تقررها لجنة المراقبة الوزارية، وذلك كنوعٍ من الاحتراز وعدم تعريض أسواق النفط لصدمة شح في الإمدادات خلال النصف الثاني من العام، كما أن عملية تغيير مستويات الإنتاج للدول الأعضاء في اتفاق الخفض النفطي سيعتمد على "سياسة التخارج طويلة الأمد" أي أن مضمون الاتفاق سيظل مستمراً لنهاية العام الجاري وربما أكثر، إلا أن معطيات الأسواق الحالية تشير إلى أن الاتفاق سيمرّ بمرحلة تغيير في عملية تقييد الإنتاج الحالية وذلك خلال شهر يونيو القادم (منتصف العام الجاري). ومثّل الربع الماضي من العام الجاري المرحلة الأكثر تصحيحاً للأسواق النفطية، وذلك عقب حالة عدم اتزّان في أساسيات الأسواق ضغطت بدورها على الأسعار هبوطاً نحو مستوى ال 50 دولاراً لخام الإشارة برنت (25-26 ديسمبر 2018م)، وأثمرت الجهود التي قادتها المملكة خلال الربع الماضي في تحييد الأسواق النفطية عن سلبيات طغيان الفوائض النفطية التي ستؤثر بدورها في حجم الاستثمارات بالقطاع النفطي العالمي، وعاودت الأسعار موجة الصعود وصولاً لمستوى ال71 دولاراً بنهاية تداولات الأسبوع الماضي بحجم ارتفاع بلغ مقداره 21 دولاراً، ولا زالت المعطيات الحالية تشير إلى حدوث المزيد من الارتفاع في مؤشر الأسعار، نتيجة التراجع الملحوظ في الإمدادات النفطية خارج إطار اتفاق الخفض النفطي OPEC+، وبذلك تكون العوامل الجيوسياسية من أهم العوامل المؤثرة في أسواق النفط خلال الربع الثاني بخلاف الربع الأول من العام الذي شهد تأثير عاملين أساسيين هما اتفاق الخفض النفطي وإنتاج النفط الصخري بالولايات المتحدةالأمريكية يضاف إليهما المخاوف التي كانت تعتري الأسواق بين الفينة والأخرى جرّاء نمو الاقتصاد العالمي. المعطيات الراهنة للدول الأعضاء في اتفاق OPEC+ خلال بيانات الإنتاج لشهر مارس الماضي تشير إلى زيادة معدلات الامتثال والخفض من قبل الأعضاء، فالجزائر رفعت مستوى الخفض في إنتاجها لشهر مارس بمقدار 39 ألف برميل يومياً الذي كان عند 1.018 مليون برميل يومياً وذلك من إنتاجها الأساس عند 1.057 مليون برميل يومياً، حيث سجّل خفضها في يناير 16 ألف برميل يومياً وفبراير 31 ألف برميل يومياً، كذلك أنغولا رفعت مستوى الخفض لديها من 71 ألف برميل يومياً في فبراير إلى 74 ألف برميل يومياً في مارس بواقع إنتاج عند 1.454 مليون برميل يومياً، وغينيا الاستوائية رفعت حجم الخفض لديها من ألف برميل يومياً في فبراير إلى 3 آلاف برميل يومياً في مارس بواقع إنتاج عند 0.124 مليون برميل يومياً، كذلك العراق سجّلت تراجعاً في الإنتاج خلال مارس الذي كان عند 4.522 مليون برميل يومياً مقارنة بشهر يناير عند 4.669 ميلون برميل يومياً وشهر فبراير عند 4.633 مليون برميل يومياً، ونيجيريا سجّلت تراجعاً في الإنتاج خلال مارس الذي كان عند 1.733 مليون برميل يومياً مقارنة بشهر يناير عند 1.792 ميلون برميل يومياً وشهر فبراير عند 1.741 مليون برميل يومياً، وهو الأمر الذي يعكس زيادة نسبة الامتثال مقارنة بشهري يناير وفبراير الماضيين، ما يزيد حالة دعم الأسعار النفطية خلال الأسابيع القادمة.