تعد الكتابة من أولويات الإنسان منذ فجر التاريخ؛ حيث يملك الكاتب القدرة على نثر وتدوين المشاعر والقصص والحقائق والأخبار، كما تعكس الكتابة الثقافة الشخصية والمجتمعية، والكشف عن المحصول الفكري واللغوي عند أصحاب القلم، من ذلك المنطلق تُشكلّ الكتابة أهمية بالغة من عدة جوانب؛ حيث تعد نافذة للإطلال على الشعوب الأخرى وإرثا ثقافيا في غاية الأهمية، وأداة للتعبير والأرشفة وجسراً بين الماضي بالحاضر. لذلك يواجه بعض الكتاب صعوبة في الابتعاد عن القلم والورق، مثل محمد الماغوط حينما قال «عالمي هو الكتابة، أنا خارج دفاتري أضيع، دفاتري وطني» أما تولستوي فيقول: «علي أن أكتب كل يوم بدون استنثاء، ليس فقط من نجاح العمل، ولكن لكيلا أغادر روتيني»، في حين أن البعض يستمد الإلهام بطرق تخصه حتى الوصول إلى الفكرة، بينما البعض يتسم بطقوس خاصة أثناء الكتابة، والبعض يجمع هذا وذاك، نتيجة لتلك الأجواء التي تحيط الكتاب، يقول كاتب المقال اليومي عبدالله المزهر: «الكتابة اليومية تختلف عن الكتابة الإبداعية، لذلك مسألة الإلهام قد لا يكون لها تأثير في مجال الكتابة-الإجبارية- فالكاتب اليومي ملزم بكتابة مقال، والصحيفة لن تنتظر الإلهام يصل إلى الكاتب، بسبب ذلك الفكرة هي الركن الأساس، ولا ترتبط بالوقت أو المكان، كما أنه لا يوجد طقوس لاستجلابها، ولذلك أحيانا ألجأ إلى اللغة حين تغيب الفكرة القوية، أحاول أن يكون المقال جميلاً في لغته إن لم تكن الفكرة حاضرة بشكل مؤثر، ومع هذا يمكن القول إن التفاصيل اليومية الصغيرة التي قد لا يتوقف عندها أحد، وبالطبع هي «مستودع الأفكار» للكاتب اليومي الذي يحاول أن يكون في الحد الأدنى من احترامه لنفسه وللقراء وللصحيفة. أما كاتب القصة الصحفية عبدالرحمن عابد، فكل شيء خارج الصندوق يثير قريحته الكتابية وتلهمه الأفكار المجنونة والمقارنات الغريبة، كما أنه يحب الكتابة في الأماكن الهادئة بعيداً عن الصخب والجلبة، حيث إنه ينفر منها وتشتت أفكاره وتتوقف في مكانها، وفي العادة، يكتب عابد في المنزل، وأحياناً في العمل بعد الانتهاء منه، ويقول: أنا الآن في إجازة، لذلك أكتب وأنا على جناح السفر أينما حللت وارتحلت، ولا يوجد هنالك طقوس معينة، أهتم بالفكرة فمتى وُلدت في رأسي ستكون كتابة القصة سهلة للغاية. ويعتمد على حد قوله على كتابة معلومات جديدة بلغة بيضاء سهلة مفهومة، حيث إنه يقدم قصصا رياضية عميقة عن شخصية أو حدث معين. في حين تبدأ الفكرة عند كاتب السيناريو محمد الفهادي، في أي وقت انتظار مثل صالة المطار وحتى في المقاهي أو الانتظار في المستشفى، وتنتقل معه إلى مكتبه في المنزل، حيث يصف تلك العملية بالتشريح والتفكير في أبعاد الفكرة، ومن ثم الاستطلاع والسؤال والمعالجة حتى تتكون الحبكة المناسبة، بينما لا يجد فرقاً بين الكتاب إلا من ناحية المعادلات والطريقة. وينوه على أن الكاتب يحتاج أن يعيش مع الناس كيفما كانوا في أبعادهم الثلاثة، من الجانب المادي والاجتماعي والنفسي، على أن يتابع الأحداث القريبة والعواطف التي تمر بالبشر، ويقول «أستمد إلهامي من الحياة والناس». عبدالله المزهر عبدالرحمن عابد محمد الفهادي