أعلنت طهران عبر وزيرها للمخابرات، محمد علاوي يوم الأربعاء أنها مستعدة لإجراء محادثات مع واشنطن في حال رفعت العقوبات، وذلك بحسب وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية، وذلك بعد ساعات من تهديد النظام الإيراني برفع نسبة تخصيب اليورانيوم والتخلي عن التزامات الاتفاق النووي. ويقول المسؤول السابق في سي آي أي، نورمان راؤول ل"الرياض": إن تغير خطاب إيران من التهديد برفع تخصيب اليورانيوم إلى استعدادها للقبول بمحادثات خلال 24 ساعة، يعكس حالة التخبط ونجاح حملة الضغوطات القصوى التي تطبقها الإدارة الأميركية ضد النظام الإيراني. مضيفاً "الانهيار الاقتصادي يدفع إيران للانتحار ومحاولة جر المنطقة إلى الفوضى والخراب والتدهور الاقتصادي، والعجز الأوروبي عن مساعدة إيران يزيد نظامها عبثاً". ويقول راؤول: إن ما ستعرضه أوروبا على الإيرانيين هو السماح للمزيد من المواد الإنسانية والطبية بالدخول إلى إيران، أمام حالة مستمرة من عجز الحكومات الأوروبية على اقناع قطاعاتها الحيوية بالتعامل مع إيران، الأمر الذي لن ترضى به الحكومة الإيرانية المتعطشة للموارد". مردفاً، ليس فقط في أوروبا ولكن أيضاً في آسيا تم استنفاذ جميع الطرق دون القدرة على إيصال موارد حقيقية للنظام الإيراني ويقول: "لا أقدر أن أسمي شركة آسيوية ضخمة تتعامل مع إيران". ويرى راؤول أنه ورغم شدة العقوبات الأميركية، إلا أن التحدي الحقيقي هو في الداخل حيث تزداد الصراعات بسبب إدراك الشعب الإيراني أن التدهور والتضخم والبطالة التي تصل إلى أعلى المستويات ليست صناعة "أميركية" بالكامل، فجزء كبير منها سببه سوء إدارة الموارد من قبل النظام الإيراني والفساد والحروب الخارجية، ف 150 مليار دولار في عهد أوباما كانت كفيلة بتغيير الواقع في إيران لسنوات طويلة للأمام ولكن النظام أخطأ الحسابات ولم يفكر بالمستقبل. ويقول راؤول: إن هذا المتسع من الوقت لتعمل العقوبات بفاعلية هو من صالح واشنطن وحلفائها بينما تؤلم كل دقيقة تمر النظام الإيراني، فواشنطن تعتزم على بناء استراتيجية متكاملة وتحالف واسع لمواجهة نفوذ إيران وسلوكها في المنطقة، حيث بات استهداف الحوثي لأراضي المملكة العربية السعودية استهدافاً لكل المجتمع الدولي والاقتصاد العالمي وخاصة أنه موّجه ضد مناطق مدنية ومطارات ما يرفع فاتورة النظام الإيراني ويبقي الإدارة ملتزمة بتغيير سلوك النظام برمته وليس فقط سعيه للحصول على سلاح نووي. ويختتم راؤول؛ "لنتذكر أمام التصريحات الإيرانية المتناقضة أن تحديهم ليس فقط العقوبات ولكنه أيضاً صراع وتخبط داخلي كبير بسبب لوم النظام على الإسهام في تدمير الاقتصاد وضياع الموارد وبالتالي الكثير من التصعيد الكلامي للمقاومة الداخلية". وبينما بات النظام الإيراني يسمي حملة العقوبات الاقتصادية الأميركية المشددة ضد إيران بأداة "حرب"، يقول بيهنام بن تاليبو الباحث الإيراني الأميركي ل"الرياض" إن الداخل الإيراني ينظر لما يحدث على أنه مسؤولية الحكومة نتيجة طبيعية للفساد وسوء إدارة الموارد، ولا يصدّق أنه من فعل العقوبات الأميركية فلوم أميركا على كل فشل ليس أمرا جديدا على الإيرانيين بل أمر متكرر منذ 40 عاما، حيث تظهر الإحصاءات أن تكاليف الأسرة الإيرانية ازدادت بنسبة 50 % في العام الحالي، كما تزداد كل يوم نسبة الشعب الإيراني الذي يعيش تحت خط الفقر ولا يقدر على تحمل تكاليف المواد الغذائية التي ازدادت بنسبة 74 % وتكاليف اللحوم ومنتجات البروتين التي ارتفعت بنسبة تفوق ال 95 %. كما يقود ارتفاع أسعار السكن في إيران بنسبة 26 % مقارنة بالعام السابق إلى انتقال الكثير من الإيرانيين إلى العيش بأحياء وبيوت عشوائية وغير صالحة للسكن في بعض المناطق مثل الأحياء الفقيرة المحيطة بطهران التي تزداد الكثافة السكانية فيها كل يوم بسبب سلب الثروات، فيما يقول بن تاليبو: "رغم كل المشاهد المأساوية والفقر، لا يزال أبناء حكام إيران محافظين على نفس مستوى المعيشة في فيلاتهم الفاخرة".