أشاد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الثلاثاء بموقف تركيا في إدلب حيث قال لافروف أن تركيا تفي بالتزاماتها بموجب الاتفاق مع روسيا لتسوية شمال غرب سورية. كما أكد «لافروف» خلال مؤتمر صحفي «نحن على دراية بأن الأتراك يسعون جاهدين لتنفيذ اتفاقات سوتشي في إدلب بما في ذلك إبعاد العناصر التي ترفض المفاوضات ومعاملتها على أنها إرهابية». وبينما تؤكد روسيا على التزام الحكومة التركية بتعهداتها في سورية، لم يلتزم الجانبان الروسي والإيراني بمناطق خفض التصعيد ومضوا قدماً في حملة عسكرية ضد إدلب وسط صمت الضامن التركي أمام مصير أكثر من أربعة ملايين مدني فقد معظمهم ماضيه للأبد وبدأ من جديد في إدلب. ولا تعد إدلب معقل المعارضة السورية الأخير وحسب، بل هي معقل صقور الثورة وأكثر فصائلها تمسكاً بالحلول العسكرية، حيث تضم فصائل من كل حدب وصوب من سورية بعضها قطع أكثر من عشر ساعات في باصات التهجير تاركين وراءهم مدنهم من داريا إلى دوما وحمص وحماة، كل هذا في سبيل البقاء في إطار مدينة تحمل علم الثورة وتناهض الأسد، ولكن في هذه الأيام ومع بدء الحملة ضد إدلب، يستشعر أهالي إدلب أن الدور بعد حلب وحماة وحمص ودوما، جاء عليهم. المفارقة أن أهل إدلب يشعرون بمرارة لعدم تصديق وعود أردوغان بحماية المعارضة رغم أن تركيا لم تصدق في حلب وحماة بعد أن قال (لن نسمح بتكرار المجازر) لتصل هذه المرة جيوش النظام السوري وروسيا إلى تخوم إدلب، دون أن تملك الفصائل فيها وأكثر من أربعة ملايين مدني أي خيار سوى مراقبة الوضع أمام خيبة أمل ويقين من أن تركيا لن تفي بوعودها وستذهب إلى خيارات تفيد المصالح السياسية لحزب العدالة والتنمية الذي يترقب إعادة الانتخابات المحلية في اسطنبول ويستخدم السوريين كورقة ضغط على الأوروبيين تارة وعلى المناوئين والمنافسين السياسيين في الداخل تارة أخرى. اللافت هو أن السماع من أهالي إدلب اليوم عن حقيقة شعورهم إزاء ما يحصل، لا يقل صعوبة وخطورة عن سماع آراء السوريين في أكثر عهود سورية استبداداً تحت حكم حافظ الأسد ووريثه بشار الأسد، حيث يبدي سكان إدلب خوفهم من الكشف عن أسمائهم الحقيقية إذا ما عبروا عن معاناتهم من التحديات التي تواجه إدلب على المستويات الاجتماعية والأمنية والاقتصادية حيث يقول طالب في جامعة حلب انتهى الأمر به في إدلب «لا نخاف تركيا فقط، بل نخاف من مخبريها المنتشرين في كل مكان من إدلب، فهم لا يختلفون كثيراً عمن كان يراقبنا ويكتب بنا التقارير للأمن السوري في المدن الخاضعة تحت سلطة النظام». مضيفاً « الحظوة في إدلب هي للأكثر عمالة للجانب التركي، والعمالة يعني أن تطمس هويتك العربية وتنساها وتتوشح باللون الأحمر التركي وتزايد على المواطنين السوريين لإرضاء الحاكم التركي والحصول على حفنة من المساعدات أمام الولاء الكامل وطمس الهوية». من جانبه يرى «القادري» وهو شاب عشريني قاتل مع فصائل مختلفة في إدلب يقول إن «الوضع سيئ اقتصادياً وتعليمياً وأمنياً، واللقمة لمن يقاتل لصالح الهوى التركي الذي يتغير بتغير المصالح، فاليوم تركيا تفرزنا ولا نعرف من سيتعرض لمقص القرار الروسي والفرز التركي في اتفاق سيمر على حسابنا لصالح الأجندة التركية». ويقول سامي شعبان «الناس في الشمال السوري لا تملك إلا أن تتمسك بأمل أخير، وهذا الأمل تعطينا إياه تركيا على شكل جرعات لنشعر أن أي شيء منها نعمة». مضيفاً «الشعور العام في إدلب هو الخوف، وتحديداً من مصير المدينة التي تريد تركيا أيضاً أن تساير فيها شريكها الروسي» ويلفت إلى أن الناس في الشمال لديها يقين بأن تركيا قد تتخلى عن إدلب ولكن لن تتخلى عن مناطق سيطرة ما يسمى ب «درع الفرات» و»غضن الزيتون» وهي اليوم مناطق ذات سيطرة تركية كاملة ويرتفع فيها العلم التركي وبالتالي الناس تتسابق الآن للنزوح إلى تلك المناطق لأننا ندرك أنها تهم تركيا أهم من إدلب. مشيراً إلى أن الوساطة والرشى والدفعات التي تكسر ظهر السوريين هي شرط الانتقال لتلك المناطق، فبعد أن كنا ندفع لنهرب إلى أوروبا ندفع لنهرب إلى مناطق سورية احتلتها تركيا. ويقول شعبان إن السوريين لم يعودوا يعولوا على تركيا لإنقاذهم «إنسانياً» لأننا نعرف أن شيئاً من هذا لن يحدث، إلا أننا نراقب التطورات السياسية ونعرف أن تركيا لن تحتمل موجة نزوح ل أربعة ملايين شخص في إدلب وبالتالي ننتظر أن تتدبر أمرها لتنقذنا وتنقذ نفسها.