من حمص وحلب والغوطة الشرقية وريف اللاذقية وحماة ومخيم اليرموك، وصل مئات الالاف من النازحين إلى إدلب، كلهم مدنيين طردوا مع الفصائل المسلحة من مناطق المعارضة بعد أن سيطر عليها النظام السوري. أكثر من 3 ملايين سوري باتوا يعيشون في المحافظة التي لا تتجاوز قدرة استيعابها المليون نسمة. سوريون من خلفيات ومشارب مختلفة، لا يجمعهم أي تاريخ مشترك، سوى الحافلات الخضراء التي وصلوا فيها جميعهم لتصبح رمز للتغريبة السورية. وفوق ضيق الحال والمكان والموارد في المحافظة السورية الفقيرة المكتظة بالسكان، وقعت الفصائل في إدلب في فخ النظام، الذي لم يقصف إدلب منذ أشهر، إذ تعول الخطة الحكومية لإدلب على حشر فصائل متناحرة ومختلفة في مكان واحد حتى تصفي نفسها بنفسها، وهذا ما يحدث كل يوم في إدلب، ورغم توقف قصف النظام، لا تتوقف محاولات الاغتيال والتصفيات الداخلية. وكان آخر الواصلين إلى إدلب مجموعات تابعة لتنظيم "داعش" توصلت إلى صفقة مع النظام في مخيم اليرموك لتركه والنزوح إلى إدلب، وتزامنا مع وصول داعش إلى المدينة، تم تفجير سيارة مفخخة في شارع الثلاثين، وسط إدلب، أردت أكثر من خمسين قتيلا وجريحا معظمهم من المدنيين. ويقول الصحفي حازم داكل ل"الرياض": في شارع الثلاثين، وهي منطقة يتمركز فيها مقاتلون شيشان وأوزبك، تضرب المفخخات بشكل مستمر ليقوم الأجانب بالرد في أماكن تواجد مناوئيهم. ويرى داكل أن بعض الفصائل في إدلب والتي توصف ب"المعتدلة" حاولت القيام بحرب مفتوحة وحاسمة ضد خلايا القاعدة التي تسيطر على المدينة إلا أن تدخل المخابرات التركية والقطرية يأتي سريعاً لمنع هذه المواجهة بشكل مباشر مما دفع الفصائل للجوء إلى خيار العبوات الناسفة والمفخخات. ويضيف للأسف القتال ليس بين معتدل ومتطرف بل بين متطرف وأقل تطرفاً لذلك لا يوجد ما يشجع على دعم أحد الأطراف" وتصف صحيفة "الجارديان" الحال في إدلب على أنه ديكتاتورية جديدة هرب السوريون منها ووقعوا في فخها في إدلب. ويقول حامد الأحمد -36 عاما- وهو تاجر في إحدى مدن إدلب المحاذية للحدود التركية "وصلنا إلى مرحلة لا نستطيع أن نتحدث فيها بشكل ناقد عن تركيا أو سلوكها الاستغلالي لظرفنا" ويضيف "لا شيء مختلف عن طريقة النظام التي اعتدنا عليها، إذا تكلمت بالسوء عن الأسد فستختفي وراء الشمس". وبحسب الجارديان، يوجد في إدلب اليوم حوالي 10 آلاف مسلح، يسيطر المقربون من القاعدة منهم على مركز المحافظة، وبينما نصبت تركيا وروسيا نقاط مراقبة وتفتيش في إطار اتفاق تخفيض التصعيد، مما أدى إلى توقف قصف النظام وروسيا، تدفع إيران النظام إلى معركة إدلب إذ تقف المحافظة الأخيرة بيد المعارضة كحجرة عثرة أمام خطة الممر البري من إيران إلى البحر المتوسط عبر سورية والعراق، وبعد سقوط الغوطة بيد النظام علق المستشار الأقدم لمرشد إيران، علي أكبر ولايتي قائلاً "إدلب هي وجهتنا التالية". Your browser does not support the video tag.