عندما نختار أكثر ثلاثة عباقرة في تاريخ كرة القدم، فإن القائمة حتماً لن تخلو من الأسطورة والأعجوبة الكروية التي أبهرت العالم، ونجحت في تغيير تاريخ بلاده الرياضي زين الدين زيدان، الذي ساعد فرنسا على تحقيق لقب كأس العالم أول مرة في التاريخ عام 1998م. المحظوظ كروياً هو من واكب وشاهد حقبة زيدان الرياضية المليئة بالمهارات والأهداف «الأكروباتية» الخالدة منذ تلك الأيام حتى يومنا هذا، ومن لم يواكب فترة زيدان فعليه أن يعود إلى الإنترنت لمشاهدة فنون وأهداف ومتعة زيدان. وبعد وقوف الأسطورة الفرنسية على الهرم الفني لريال مدريد حقق إنجازاً تاريخياً غير مسبوق على مستوى العالم، وهو تسيد «القارة العجوز» ثلاثة مواسم على التوالي، حقق فيها دوري أبطال أوروبا، واختار العبقري الفرنسي أفضل موعد للترجل عن الكرسي الساخن، الذي لا يستطيع إلا قلة أن يتحملوه وينجحوا فيه. اختيار التوقيت المثالي للخروج جعل من زيدان أسطورة تدريبية، وحلماً لكل محبي الريال على مستوى العالم، وأصبح من سيشغل هذا الكرسي يجب أن يتفوق عليه. وما هي إلا تسعة أشهر حتى صدرت موافقة زيدان على العودة إلى تدريب «الميرنغي»، ولكن هذه المرة بضعف المبلغ المالي الذي كان يتقاضاه سابقاً، وهذه القفزة المالية الضخمة لم تكن لتتحقق لو أن «زيزو» استمر في تدريب فريقه، ولكنه الدهاء وحسن اختيار وقت الخروج، والعودة بمزايا أفضل مع وضع شروط تكفل نجاحه مرة أخرى وهو يعتلي الدفة الفنية لفريقه، الذي يعشقه منذ أن كان يرتدي شعاره لاعباً. سيتقاضى أسطورة فرنسا في عقده الجديد مبلغ 12 مليون يورو في الموسم الواحد، إضافة إلى الامتيازات المالية الأخرى في حال تحقيق الانتصارات والألقاب، وعقده الذي يمتد ثلاثة مواسم ونصف، سيبدأ هذه الفترة ليعيد التوازن لفريقه، ويحدد احتياجاته للموسم المقبل، خصوصاً أنه غير مطالب بأي شيء هذا الموسم، لخروج فريقه بخفي حنين من جميع المنافسات، وتخلفه عن برشلونة في الدوري بعدد كبير من النقاط. النجم الفرنسي الشهير قدم درساً تدريبياً على طريقته الخاصة، وعلى غرار تلك الدروس الفنية التي كان يقدمها عندما كان لاعباً ماهراً لا يشق له غبار، فعلى المدربين الذين يحققون الأمجاد ويصلون إلى قمة المجد أن يختاروا طريقة زيدان إن رأوا أنهم غير قادرين على إضافة المزيد إلى فرقهم.