تُرى لو خرج مخترع عربي إلى الشارع العام المليء بالناس وهو عارٍ تماماً يصيح: وجدتُها وجدتها!.. هل تتسامح المجتمعات العربية معه وتتساءل ما الذي وجد؟ أم تمسكه وتقذف به في مستشفى المجانين؟! ذلك هو مافعله (أرخميدس أبو الهندسة 287 — 212 ق.م) والذي يُعتبر أيضاً واحداً من أعظم ثلاثة في علوم الرياضيات مع كل من (نيوتين) و(فردناند إينستن)، وأشهر قدماء العلماء في إرساء قواعد الميكانيكا والفيزياء.. أراد (أرخميدس) وهو شاب أن يتحقّق من عدم غش الذهب في المصوغات دون كسرها، وظل يفكر في ذلك بعمق، حتى أنّ من يراه يظنه (مُصاباً بالوسواس) لسرحانه وتحريكه يديه وشفتيه وقدميه بلا سبب، وتكليمه نفسه (مما يذكرني بقول الطبيب النفسي يحيى الرخاوي: "تكلم الكرسي أو الطاولة مافيه مشكلة لكن إذا كلمك الكرسي فتعال لي بئا!") مع أن ما أصاب أرخميدس سببه العبقرية وشدة التفكير في حل تلك المعضلة.. في منزله استرخى (أرخميدس) في حوض ماء كبير ليريح أعصابه، فلاحظ أن منسوب الماء يرتفع عندما يغمس جسمه فيه وأن جسمه يخف وزنه داخل الماء، فقفز من الحوض وخرج إلى الشارع عارياً يصيح: (وجدتها وجدتها- أوريكا أوريكا باليونانية) فقد وجد القاعدة وهي أن وزنه يساوي وزن الماء الذي أزاحه جسده، وتحقق من أن حجم الماء المزاح يساوي حجم الجسم المغمور، وبالتالي فإن حجم أي مشغولة ذهبية (على الزعم) لابد أن يُساوي نفس حجم الماء المزاح بغمر وزن ذهب مساوٍ لوزن المشغولة المزعوم أنها ذهب خالص، وخرج بقاعدة (الطفو) وتقبله مجتمعه بقبول حسن رغم خروجه يصيح عرياناً!! وسألوا بلطف ماذا وجد؟ فذكر ذلك وأثبته! واكتشف بعدها قواعد وقوانين كثيرة تُعد من أساسيات الهندسة والفيزياء والميكانيكا إلى اليوم! الشاهد في الموضوع أن المجتمعات والجهات المسؤولة ينبغي أن تتعاون مع كل مخترع ومكتشف مهما بدا اختراعه في البداية غريباً غير مألوف، أو عبّر عنه بشكل مرتبك أو ضد العرف في البداية، حتى يتم التحقق من صدق اختراعه بالتجارب المتعددة.. إننا في المملكة متفائلون جداً بظهور عدد من السعوديين الموهوبين في الاختراع والاكتشاف مع خطة التحوُّل الوطني الرائعة التي تُشجع الموهوبين على الاختراع والاكتشاف وارتياد عوالم المعرفة الجديدة التي هي الرهان على ازدهار مستقبلنا بإذن الله عزّ وجل.