من الجميل والمبهر أن يتزايد شعور المرء بالكفاءة وأن يعي الأفراد قيمة ذواتهم ويسعون للتركيز على نقاط قوتهم، ويجتهدون لمعالجة الأسباب التي تحول دون استثمار كفاءاتهم على النحو الأمثل، لكن المفارقة تكمن في عدم امتلاك معظمنا لإجابة واضحة ومحددة حين يتم السؤال عن نقاط القوة والتميز لدينا! فهل جربت يوماً أن توجه السؤال بنفسك لبعض من تصادفهم في يومك؟ بل ربما واجهت الحيرة والارتباك ذاتها حين سألت نفسك عن أبرز نقاط القوة والتميز لديك! ومهما اختلفت الأسباب التي تحول دون ايماننا بنقاط قوتنا واليقين بقدراتنا، فإن جذورها مرتبطة بشكل أو بآخر بالأساليب التربوية التنافسية التي زرعت فينا بذور النظرة السلبية للذات عبر محاولات الوصول بنا للكمال، وأخص تحديدا تلك الممارسات التربوية العشوائية المتبعة في عملية التشجيع وما يصاحبها من مكافئات مادية وعبارات مديح عامة ذات تأثير مؤقت دون قيمة مستقبلية. بلا شك هناك دائما فرصة، وكثيرا ما استوقفتني التجارب الشابة التي استطاعت تجاوز تبعات تلك الممارسات لتذكرني بقول توماس سكوت «الحياة دائماً تقدم لك فرصة ثانيه تسمى غداً، يطيب لنا التفاؤل ويحق لنا أن نستبشر بمستقبل مبهر وغدا مزهر لأبنائنا، ولكن من حق أبنائنا أيضاً ألا نعول على الحظ والصدفة في تكوين الثقة لديهم وتعزيز النظرة الايجابية للذات في نفوسهم. قرأتُ ذات مره أن التشجيع يشبه المطر اللطيف الدافئ الذي ينهمر على الروح، وهو بتصوري يشبه إلى حد كبير عملية الايداع في بنك مشاعر الطفل ونظرته لذاته، ذلك أنه شيء يبقى ويستمر معه ولا يمكن لأحد انتزاعه منه، ويُعرف التشجيع على أنه العملية التربوية التي يتم فيها التركيز على مميزات الطفل ونقاط القوة في شخصيته، بهدف بناء الثقة وزرع مفهوم ايجابي للذات والشعور بالكفاءة. ووفقاً لنظرية الدافع البشري ل»ماسلو» ستجد أن ما يدفع الانسان للارتقاء باتجاه القمة في هرم الاحتياجات الانسانية هو الرغبة في تحقيق المزيد وليس الانشغال بإصلاح التلف كما يعتقد الكثيرون لذلك فإنك إذا اردت أن تساعد طفلك على تطوير نفسه اجعله يشعر دائماً بالمزيد؛ المزيد من الحب.. المزيد من الصبر والمزيد من الوقت، والمزيد من علامات الرضا التي تخبره فيها انه مقبول لديك كما هو بلا شروط أو أحكام، ولتمنح طفلك الشعور بالثقة عليك الايمان حقا بقدراته، واعمل جاهداً لإظهار المزيد من التعاطف واحرص على تقدير جهوده وملاحظة محاولاته للتحسن بدلا من التركيز على جودة الإنجاز ونواحي الضعف والقصور لديه.