تشهد فرنسا موجات من التغيرات، وتنعكس في العديد من التظاهرات، وآخرها التظاهرات تحت شعار «لنخرج لإنقاذ الأرض». هو خروج ليس للمطالبة بتأمين وظائف أو لرفع وطأة ضريبة أو لمقاومة قانون موضوع، إنه خروج من أجل الكوكب ومن أجل المناخ. حدث هذا عقب استقالة وزير البيئة الأشهر «نيكولا إيلو Nicolas Hulot»، هذه الشخصية الشهيرة والمثيرة لاحترام الشعب الفرنسي لخدمته كوزير للتعليم منذ 1993 - 1997 وقبلها عمله كمذيع يقوم بالترحال وخوض المغامرات لإجراء مقابلات مع مغامرين يخترقون المستحيل ويرفعون سقف الاحتمال البشري ولا محدودية قدرات الإنسان الجسدية والنفسية، إنه الشخصية الصدامية خارج القوالب، ولقد قدم استقالته كوزير للطاقة في نهاية شهر أغسطس الماضي نتيجة لشعوره بالهوة بين تطلعاته فيما يمكن تحقيقه لإنقاذ الكوكب وبين محدودية الواقع وما يتم تنفيذه فعلاً من تلك التطلعات. كرد فعل لاستقالة نيكولا إيلو ومن حيث لا يتوقع ظهر هذا الشاب المسمى «مكسيم ليل Maxime lolong»، رجل من عامة الشعب قام بتوجيه نداء للشعب الفرنسي من خلال صفحته في الفيس بوك بالخروج انتصاراً لكوكب الأرض وانتصاراً للمناخ. وكان من المتوقع لتلك الدعوة أن تذبل بلا صدى يُذْكَر، أو كأقصى احتمال أن تتردد بين جماعة محدودة من الأصدقاء، لكن المذهل أن الأصدقاء تلقفوا تلك الدعوة، وتنادت الأصوات وتوسعت دائرة دواماتها، وفي اليوم التالي شهدت فرنسا ما يشبه العاصفة، إذ تم خروج 33 ألف متظاهر في تظاهرات سلمية تناشد باتخاذ إجراءات جادة وحثيثة للحد من التلوث والمؤدي لزيادة التطرف المناخي والاحترار المؤدي لكوارث ليس آخرها الحرائق التي تأكل الغابات الملطفة للمناخ شرقاً وغرباً، والتسونامي الذي ضرب إندونيسيا ومحق مدينة بالو في لمحة خلال شهر أكتوبر، ناهيك عن الفيضانات التي ترافق الإعصار «جيبي» والذي أغرق مدناً يابانية خلال شهر سبتمبر الماضي، وأعقبه في أكتوبر الإعصار ميكائيل الذي ضرب فلوريدا. سلسلة من الكوارث تشير الدراسات لكونها مجرد مقدمة لما ينتظر كوكب الأرض من دمار سيستفحل وربما انتهى بالدمار الذي لا رجعة فيه لكوكب الأرض والحياة على هذا الكوكب الفريد. إنها الطبيعة تعلن أخيراً رفضها لتمادي الإنسان في ممارساته الجشعة والاستهلاكية لمواردها وطاقاتها، إنها الطبيعة تقول للإنسان: «كفى! سُخّرَتْ لك الأرض إلا أن التسخير تكليف لا إتلاف». الشاب مكسيم لولونج بدعوته لإحداث تغيير هو مثال للقوى الجبارة المغيرة التي يضمرها كل منا، وقدرة الفرد الفاعلة للتغير، يكفي أن نعرف أن مجرد إغلاقك للمصباح عند مغادرتك لحجرتك أو إحجامك عن تبديل هاتفك كل عام يساهم في حماية الكوكب من تبديد الطاقة والحد من الاحترار، سلسلة من الإجراءات الصغيرة لكن فعلها كبير. دعوته تلقتها منظمة الأممالمتحدة ووسعتها لتشمل مناداة العالم بفعل شيء إيجابي من أجل المناخ، فهل نلبي؟ Your browser does not support the video tag.