نحن كثيراً ما نقابل إساءتهم بالإحسان الذي ما يزال ينهمر انهماراً على كثير من الدول العربية من مغربها إلى مشرقها، والمؤسف أن الإساءات تتوالى بمباركة رسمية وإعلامية وشعبية، بل إنه وبفضل دويلة قطر امتدت الكراهية إلى عدد غير قليل من مواطني دول الخليج الذين ساعدناهم في أكبر أزماتهم.. لماذا يكرهوننا؟، سؤال طالما رددته في كل مرة يحصل فيها أي موقف بين بلادنا ودولة عربية، مهما صغر، علماً أننا لم نكن يوماً دولة معتدية، والمفارقة أن كثيراً منهم يهاجموننا إن دافعنا عن بلادنا ضد الحوثيين مخلب إيران في اليمن، بدعوى قتل الأطفال والمدنيين، في الوقت الذي يصمتون فيه صمت القبور إزاء فعل بشار في سورية تدمير وتهجير وقتل وتشريد ملايين السوريين، وما ذاك إلا لأن بشار وعصابته ليسوا السعودية، وحسب الكاتب محمد العصيمي «لقد انتظر السعوديون موقفاً شعبياً عربياً واضحاً ومؤثراً حين أرسل الحوثي صواريخه إلى مكةوالرياض، الحفية دائماً بالعرب واستقرارهم وأرزاقهم، لكنهم فوجئوا، ضمن حالة الكره ذاتها لكل ما هو سعودي، بمن يصفق من العرب لهذه الصواريخ الإيرانية ويطالب بالمزيد منها، فضلاً عن تجهيزها وإطلاقها أصلاً بأيد عربية آثمة ارتمت في الحضن الإيراني وسلمته رقاب دولها وشعوبها ليعبث بها، وبالتالي لا بد من الاعتراف أن هناك عاطفة عربية، حتى على مستوى المتعلمين والمثقفين، هي التي تصوغ المواقف الشعبية الضدية من المملكة وقراراتها ومواقفها»! وهؤلاء يصدق فيهم قوله تعالى: «إن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا». نحن كثيراً ما نقابل إساءتهم بالإحسان الذي ما يزال ينهمر انهماراً على كثير من الدول العربية من مغربها إلى مشرقها، والمؤسف أن الإساءات تتوالى بمباركة رسمية وإعلامية وشعبية، بل إنه وبفضل دويلة قطر امتدت الكراهية إلى عدد غير قليل من مواطني دول الخليج الذين ساعدناهم في أكبر أزماتهم، سواء ما كان على صعيد تحرير بلادهم، أم على مستوى المساعدات المادية فلم يستحوا من التآمر علينا لحساب إيرن!. لقد آن الأوان لنقول المملكة أولاً وثانياً وثالثاً. الهجوم الذي شنه بعض المغاربة علينا مؤخراً يكشف عن نسق من الحقد الغرائزي، لأن بلادنا صوتت للملف المشترك، فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وانخرط فيه كبار كنا نظن أن ما بيننا من علاقات ستنأى بهم عن الانزلاق في هذا المستنقع الغرائزي الذي ينضح حقداً وكراهية، في موجة عنف كلامية حدّ التطاول على قادتنا وشعبنا وتاريخنا، بأقذر العبارات التي لم تجد رادعاً لا من خلق ولا من دين. يفعلون هذا في الوقت الذي يتجاهلون وقوفنا مع بلادهم في قضاياها الكبرى ولا سيما قضية الصحراء الغربية المتنازع عليها!. اللافت للنظر هو أنهم يصورون هذا الموقف على أنه خيانة، علماً أن بلادنا لم تعدهم فنقضت وعدها لهم، علاوة على أنهم تركوا كل الدول التي لم تصوت لهم فلم يهاجموا دولة واحدة منها، بل إن العراق أعلنت أن موقفها كان رداً على موقف مشابه ضدهم من المغرب، وكذلك الكويت التي صوت المغرب ثلاث مرات ضد رفع الإيقاف عنهم!. السؤال الذي حير ويحير الكثيرين لماذا نحن فقط من استهدف من قبل المغاربة بالهجوم الذي استغلوا فيه المونديال ففعلوا السبع الموبقات التي يندى لها جبين الشرفاء، من تطاول وشتم وأكاذيب وسخرية وفرح ورقص وغناء ودعم للمنتخب الروسي، موقف يفضح مدى التردي الأخلاقي الذي انجرفوا إليه سواء على المستوى الإعلامي أم الرياضي أم الجماهيري، الأمر الذي يجعل كثيراً من المواطنين يتساءلون لماذا يكرهوننا؟. ولماذ يفعلون هذا ونحن دولة كبرى غنية وذات شأن وتأثير كبير في العالم، وبعض هؤلاء الشتامين يستميت كي يحصل على فرصة عمل عندنا، فماذا كان يمكن أن يفعلوا لو كنا دولة ضعيفة فقيرة لا حول لها ولا قوة؟. أقول إنه لا مبرر لهذا سوى أن كل ذي نعمة محسود، ولو كنا على شيء من الضعف وعدم التأثير لما اهتم بنا أحد. يتجاهل هؤلاء على نحو مثير للشك أن بلادهم تقدمت لتنظيم المونديال خمس مرات، ودعمتهم بلادنا في أربع منها، فتناسوا دعمنا السابق، وركزوا على هذه المرة فقط، ألا يدعو هذا إلى كثير من الاستغراب، ما يكشف عن أن هناك من يريد إفساد العلاقة بيننا وبين المغرب، وأنه أمر دُبر بليل فوجد قبولاً لديهم، ولو كان هناك عاقل لقال إنه من حقنا هذه المرة أن ندعم من نشاء، لأننا لم نتخل عن التصويت لهم أربع مرات ولم ينجحوا فهل علينا أن نصوت لهم إلى أن يشاء الله لهم الفوز؟، وهل كان عدم تصويتنا هذه المرة هو السبب في عدم نجاحهم فيما سعوا إليه منذ ما يزيد على ست عشرة سنة من المحاولات؟. وهل كان تصويتنا لهم سيجسر الهوة العددية بينهم ودول الملف المشترك. إن إمكانات المغرب ليست في مستوى تنظيم مونديال على الصعيد المادي كباقي الدول الكبرى والغنية، وفي تصوري أن تصويتنا لهم في حال نجاحهم كان سوف يحملنا تبعات نحن في غنى عنها، فالحمد لله. إن صاحب المواقف النزقة لا يفتأ يسوق الأكاذيب التي يظن أنها تقوّي موقفه، كقول أحد محلليهم السياسيين: «سيظل الشعب المغربي يذكر أن المملكة نظمت حملة لدعم الملف المنافس، واتفقت مع البحرين، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، والإمارات لدعم أميركا على حساب شقيقتهم المغرب»!. ومما يدعو إلى الضحك قول محلل آخر إن: «المغرب أمام مشهد عربي جديد مختلف جذرياً عن الماضي؛ فالأمر يتعلق بخارطة سياسية جديدة تنفصل فيها شمال أفريقيا عن منطقة الشرق الأوسط؛ وبات من الصعب الآن أن تجتمع الدول العربية وتتبادل رسائل الأخوة والتضامن»!، فيا للهول أكل هذا من أجل عدم التصويت لهم من دول المشرق العربي في لعبة كرة القدم تقدموا لها خمس مرات فلم يوفقوا؟. ومما يبعث على الضحك دعوة بعضهم إلى اتخاذ موقف حازم من الدول العربية التي خذلت الرباط وصوّتت لملف الثلاثي المشترك، ولا أدري كيف سيكون ذلك؟!. وقد أشار الصحفي المغربي عماد استيتو إلى أن «ملف استضافة المغرب لكأس العالم 2026 لم يحظ بتأييد شعبي كبير داخل المغرب التي نافست دولاً عظمى مثل أميركا وكندا والمكسيك، ولكن منذ اللحظة الأولى كان فوز الملف المشترك أكثر واقعية ومنطقية، وعلى صعيد الشعب المغربي هناك أولويات تسبق استضافة كأس العالم مثل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها المغرب»، فالحمد لله أن شهد شاهد منهم!. تحدث تلك الهجمة الممنهجة في الوقت الذي يصرح فيه إدريس الكنبوري، الباحث والمحلل السياسي المغربي إلى «أن بلاده تتفهم الموقف السعودي، وأنها تلقت توضيحات بشأنه من السلطات السعودية عبر أو خارج القنوات الدبلوماسية، والمغرب ليس من المنطقي أن يضحي بعلاقات نوعية مثل العلاقات مع الرياض بسبب التصويت على كأس العالم. وأن كأس العالم سياسة والتصويت سياسي، ولا علاقة لذلك بالأخوة أو العلاقات الطيبة»، نقول ما دام الأمر كذلك فلماذا يحدث كل هذا الهجوم المسيس ضدنا على مختلف المستويات؟. ولماذا أعلن المغرب بشكل مفاجئ، الخميس 14 يونيو، عدم مشاركته في اجتماع وزراء إعلام دول التحالف العربي في اليمن، الذي سيعقد في مدينة جدة، يوم 23 يونيو الجاري. الأمر الذي اعتبره مراقبون ردّ فعل على الموقف السعودي ودول الخليج من ملف ترشيح المغرب لكأس العالم 2026!. ختاماً متى يتحرر العرب من نظرية المؤامرة ومقولة إذا لم تكن معي فأنت ضد، بل متى يكفون عن ثقافة الكيد، فعندما لا نكون معهم في موضوع بسيط، يغضبون ويتناسون كل ما قدمناه لهم سابقاً، ويمنحون الضوء الأخضر لإعلامهم المُسيّس كي يمحو كل جميل بيننا!. Your browser does not support the video tag.