على مدى سنوات، وفي كل مرة يبلغنا شهر رمضان المبارك، تتحفنا القنوات الفضائية على اختلافها بما تخبئه لنا من مفاجآت صادمة، تحولت بسببها هذه المناسبة الروحانية إلى بورصة درامية وبرامج رخيصة، ومبتذلة، في أغلب الأحيان. ومع أن هذه العجالة قد لا تكفي لاستعراض كل ما هو مسطح ومبتذل ومقزز من تسونامي البرامج الرخيصة، إلا أن أحد هذه البرامج، يدعوك بقوة للتوقف عنده كثيراً، وهو مغامرات المدعو «رامز» الذي يستفز ويصدم المشاهد، في استعراض مادي فج، حتى في اختيار ملابسه الصارخة والمزركشة، وما أن يختفي من مغامراته السخيفة في الجو، حتى يظهر لنا من تحت الأرض، أو من تحت الصفر، كما أسمى برنامجه لهذا العام، وهو مسمى يليق به تماماً. عشرات الملايين من الدولارات يصرفها القائمون على هذا البرنامج، باستئجار الطائرات والبواخر والفنادق والمنابر، والمجسمات الاستعراضية، فضلاً عن التصوير في أماكن بعيدة ومكلفة، وهو برنامج يفتقر إلى جودة الفكرة والإبداع وروح الفن الحقيقي. وينحدر بالذوق العام، ويمتهن الشخصية العربية ويهينها، ويخلو من الفائدة الاجتماعية، حيث يعمل على تسطيح الفكر، واللعب بالعقول بطريقة مؤسفة بعيدة كل البعد عن روح الشهر الفضيل، وحتى عن المرامي الأخلاقية والإنسانية للفن والترفيه. رامز في «تحت الصفر» يقودنا هذه المرة إلى الثلج، ليصدمنا بمغامرات صبيانية، يشترك فيها ممثلون يعتقدون أن فهلويتهم يمكن أن تغطي على فقرهم الفني، ممثلون يحاولون إجادة دور اللعبة المكشوفة لكل مبصر ذي بصيرة، بحركات بهلوانية تنم عن نصب واحتيال، وإقحام وإعادة اللقطات بشكل باهت ومستهجن. وبغض النظر عن النظرة الفنية والنقدية لمثل هذه البرامج المتدنية والرديئة باعتبارها لا تقدم أي مفيد، على الصعيد الفني والإنساني والاجتماعي، فإن ما يزيد الطين بلة هو أن هذه الاستعراضات السمجة، تأتي بثوب فج وغير مناسب، في وقت غير مناسب أيضاً، «بلطجة» سخيفة بدون أي فكرة أو نص أو سيناريو. وإذا كان لنا أن نقول شيئاً في مسرحيات الصراخ والتهريج: لقد آن الأوان لقنواتنا الفضائية، أن تتلمس واقعنا بمسؤولية، وأن تحرص على وجود المشاعر الأخلاقية والإنسانية التي يجب توفرها في تلك البرامج التي تهطل فوق رؤوسنا في كل عام لتسهم في استخفاف العقول، وتنمية مشاعر الأنانية بطريقة فجة. Your browser does not support the video tag.