يستشعر الفرد الأحوازي العربي بهويته الأصيلة، وبثقافته العريقة التي يفخر بها دومًا كباقي الأعراق الأخرى، ففي ظل نظام ولاية الفقيه، نجد هناك تمييز عنصري وقهري اتجاه عرب الأحواز، ومحاولة دؤوبة لدمجهم و"تفريسهم" من خلال سياسات قهرية واستفزازية حازمة طوال الأربعة العقود الماضية. ويوم الجمعة 30 مارس الماضي، اندلعت احتجاجات في مدن ماهشهر وكوت عبدالله بالقرب من الأحواز. وتوسعت في مناطق مثل العلوي وكيانبارس. وإذا استعرضنا الثلاثة احتجاجات الواسعة لعرب الأحواز(خوزستان)، بعد قيام نظام ولاية الفقيه سنجد أنه في كل المرات الثلاث كان شعب هذه المنطقة يخرجون إلى الشوارع من أجل الحفاظ على هويتهم العرقية ورداً على إجراء محدد من قبل وسائل الإعلام أو الحكومة. كانت احتجاجات الأيام الأخيرة في الأحواز عكس عامي 1985 و2005 وتم الإعلان عنها في وسائل الإعلام في اليوم نفسه وكان لها انعكاس باللغات المختلفة مثل العربية والإنجليزية بالإضافة إلى اللغة الفارسية وكانت احتجاجات العرب مؤخراً في الأحواز بسبب إذاعة بث بين البرامج في يوم 22 مارس، حيث أذيع في جزء من المسلسل التليفزيوني (القبعة الحمراء) أحد أكثر برامج الأطفال شعبية من القنوات الإيرانية التليفزيونية الرسمية، دمى ترتدي ملابس الأعراق على خريطة إيران، وفي الأماكن التي تعيش فيها هذه الأعراق، ولكن في جنوب غرب إيران في محافظة الأحواز، بدلاً من لصق دمية تعبر عن القومية العربية ألصق دمية أخرى ترتدي ملابس (باختياري)؛ وهي إحدى القبائل الكردية في إيران، واتهم ناشطو عرب الأحواز الإيرانيون السلطات الإيرانية بمحاولة محو هويتهم العربية. مما اعترف به المسؤولون المحليون بما فيهم ممثل المرشد الإيراني في الأحواز آية الله الموسوي جزائري وأيضاً نائبه محسن حيدري في غضون العامين الماضيين، وهو أن في الأحواز يتعرض العرب لتمييز شديد، وقد حذر في تسجيل صوتي لأحد الاجتماعات الخاصة مع السلطات المحلية والوطنية من استمرار التمييز ضد العرب وقال إن أعداء إيران سيستغلون هذا التمييز، فقد قوبلت هذه الاحتجاجات بالقمع المعتاد والضرب بيد من حديد، وتشير مقاطع الفيديو المنشورة عن التجمعات، أنه تم إطلاق الغاز المسيل للدموع، واعتقال العديد من المحتجين الأبرياء. كما أفادت بعض المواقع بوجود أنباء غير مؤكدة عن وجود قتيل من بين المحتجين. وقد كانت هناك تجمعات في بعض المدن الأخرى بمحافظة الأحواز مثل مدينة آبادان، وخرمشهر. وقد ارتدى عدد من المحتجين الأزياء العربية خلال هذه التجمعات، وقاموا بغناء الأناشيد العربية ورقص الدبكة. كتعبير منهم لاعتزازهم بهويتهم العربية، وعدم الشعور بالنقص أما العرقيات الإيرانية الأخرى. ولم يبدِ مسؤولو الإذاعة والتلفزيون أي رد فعل إزاء هؤلاء المحتجين، فما زال النظام الإيراني الثوري غير مُدرك خطورة الأمر. فتعامله في الداخل يفتقد لمنطق الدولة وأبجديات المواطنة. فيوجد دول بها تنوع من جميع أجناس الأرض، دينية ومذهبية وعرقية وفكرية ونجدها متجانسة ومترابطة لأنها ببساطة تقوم على منطقة الدولة، وحفظ حقوق المواطنة. فكان سبب خروج النساء والرجال الأحوازيين إلى الشارع، هو لإيصال أصواتهم إلى نظام ولاية الفقيه، وليقولوا نحن لدينا هوية ولن نقبل الاحتقار وانعدام الهوية، وهذه الاحتجاجات ليست الأولى، لكنها تشكل نقلة نوعية في حجم وأسلوب الاحتجاجات، فالشعب الأحوازي يطالب بحقه الأساسي في المساواة العامة مع باقي العرقيات في إيران، وتعليم الأطفال اللغة العربية، والعمل في المؤسسات البترولية الضخمة في مدنهم، والحق في التقاضي للدفاع عن حقوقه، وتوفير العناية الصحية من خلال أنشاء مستشفيات، وحقهم كذلك في توفير المياه الصالحة للشرب بعد سياسات النظام الأخيرة بتجفيف الأنهار. ختامًا: ما زال النظام الإيراني متخبطاً بالتحول إلى دولة في ممارساته سواء الداخلية أو الخارجية. *باحث في الشؤون الإيرانية Your browser does not support the video tag.