لم تكن زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأميركية زيارة عادية، إنما كانت بمثابة تأكيد على رؤية سموه لمملكة يريدها أن تبقى على وتيرة خط الصعود والتقدم من خلال تلك البرامج واللقاءات والتعاقدات، التي قام بها من أجل استثمار العديد من الجوانب المهمة في المملكة، والتي لم تلمس الجانب السياسي منها أو الاقتصادي الاستثماري فقط، إنما ركزت كذلك على صناعة حقيقية لثقافة جديدة تقدم للمملكة بقالب جديد يحمل فكراً جديداً ورؤية تغير من المشهد الثقافي في المملكة، فيبدو من ذلك الحراك الذي سعى إليه ولي العهد أن المملكة على موعد مع ثقافة تزخر بالكثير من البرامج والمشروعات التي ستغير من ملامح الثقافة الراكدة القديمة، وتضيف فكراً جديداً على الأجيال القادمة التي تستعد اليوم حتى تتشبع بتلك الروح القادرة على مواكبة أهداف الدولة بوطن لا يسلح فقط بالحنكة والموقف الثابت والقوة السياسية إنما بفكر جديد يأتي من ثقافة بدأت تتغير وتنمو تزامناً مع انطلاقة الاستثمار في الوطن والإنسان. روح جديدة يرى الدكتور أحمد عمر آل عقيل الزيلعي عضو مجلس الشورى وأستاذ التاريخ الإسلامي والآثار الإسلامية بجامعة سعود أن التاريخ سيسجل لعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أنه عهد يتميز بالتجديد والتحديث والسير بخطى حثيثة إلى كل ما يحمله روح العصر من وسائل التقدم العلمي والتطوير التكنولوجي مع الحفاظ على الأصالة بما فيها من ثوابت دينية، وتقاليد مرعية للشعب السعودي الأصيل، وفي مقدمة متطلبات التحديث المنشودة الأخذ ببعض وسائل الترفيه البريء الذي لا يتعارض مع تلك الثوابت والتقاليد، ومن حسن الحظ أن ينبري لهذا التحديث الذي يشكل نقلة نوعية على مختلف الأصعدة، شاب ممتلئ بالحيوية والنشاط، يعمل ليل نهار دون كلل أو ملل ذلكم هو صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد الذي شمر عن ساعد الجد والاجتهاد منذ أن تولى مسؤولية البناء والتطوير في عهد والده الملك سلمان - حفظه الله - حيث نلحظ أن مشروع سموه وطموحه الذي لا يحده حدود لم يترك جانباً من جوانب التطوير والتحديث الذي يحتاجه مجتمعنا إلا وسلكه بما في ذلك الارتقاء بالثقافة بأصالتها ومعاصرتها، وبالترفيه البريء الذي تعد السينما الهادفة أحد مكوناته، خصوصاً أن بلادنا شهدت بواكير السينما، ولكن توقفت مثلما توقف غيرها من وسائل الترفيه البريء خلال العقود الثلاثة الماضية التي أسميناها الصحوة. وأشار الزيلعي إلى أنه لم يعد خافياً على أحد أن السينما قادمة لا محالة، وأنها مطلب لقطاع كبير من أجيالنا الحاضرة، ومن سيتلوهم من أجيال في مستقبل مملكتنا الباسلة - إن شاء الله - ولا يختلف اثنان على أن السينما صناعة، وأن الولاياتالمتحدة الأميركية هي التي تسيدت هذه الصناعة في العالم، وأنه من الطبيعي أن تستفيد المملكة من الخبرة الأميركية في صناعة السينما كتقنية وليس محتوى، فالمحتوى عندنا - ولله الحمد - نختاره بما لا يتعارض مع ثوابتنا وقيمنا، وأما التقنية فلا شك أن أميركا هي صاحبة الصرح المعلن فيها على مستوى العالم، وما من شك أن خطوة سمو ولي العهد هذه تدل دلالة أكيدة على أن سموه يريد أن ينطلق انطلاقة قوية، وعلى أسس علمية ومنهجية في هذه الصناعة التي يؤمل لها أن تكون أحد مقومات اقتصاد بلادنا غير المعتمد على النفط، وهذا ما يسعى إليه ولي العهد بخطى حثيثة، منطلق من رؤية المملكة 2030، فكل مواردنا الثقافية بما فيها تنشيط السياحة بمختلف مقوماتها كلها ستسهم دون شك في زيادة موارد بلادنا الاقتصادية، وفي توفير فرص عمل لآلاف من أبنائنا وبناتنا. مشروعات حية ويرى الدكتور زامل أبو زنادة عضو مجلس الشورى السابق ورئيس قسم العلاقات العامة بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة أن زيارة سمو ولي العهد للولايات المتحدة الأميركية تمثل روحاً جديدة ورؤية جديدة، فولي العهد يبذل جهوداً غير مستغربة على شاب في عمره، وهذه الجهود والبرامج المكثفة التي يقوم بها من زيارات لحكام ومؤسسات مدنية إلى المؤسسات الاقتصادية فهو يمثل استغلالاً أمثل للفريق المرافق لسموه من أجل فتح قنوات جديدة مع الولاياتالمتحدة الأميركية سواء كان ذلك في الثقافة أو الاقتصاد أو التقنية، ففي كل يوم نرى سلسلة حلقات رائعة ومنتجة ومحفزة ومنفتحة على آفاق جديدة، فهذه سلسلة متكاملة من الآداء والإنجاز، ونجد ذلك منعكساً على نواحٍ عدة، ومنها النواحي الثقافية، فحينما نجد أكبر الشركات المتخصصة في هذا المجال تتفق مع المملكة للبدء في مشروعات حية فهذه حالة صحية، وذلك ما لاحظناه أيضاً على مستوى الطيران والسلاح ووسائل التقنية والسياسة والمكاشفة؛ لذلك فنحن نلمس الصورة المشرقة والجميلة التي يسعى إليها ولي العهد، والتي تدلل على روح الشباب وجاهزية الشباب وطموح الشباب، فمثل هذه المبادرات ترسم صورة جديدة للمملكة العربية السعودية لشعب متطلع ومنفتح، فعلى الرغم مما تعيشه المنطقة من جبهات إلا أن هناك تطلعاً وطموحاً وروحاً وثابة تريد أن تحقق الكثير على الأرض. وأوضح أبو زنادة أن ذلك ترك أثراً كبيراً على وعي الشباب وتطلعاتهم المستقبلية، ففي مجال الثقافة الكثير من الشباب الذي أصبح يتطلع إلى فتح دور للإنتاج والأفلام، فقرار افتتاح السينما في المملكة غير الكثير، فهناك أعداد كبيرة لاستخراج رخص الإنتاج، فالشباب شعر أن الوطن فتح له الفرصة للإنتاج والابتكار والإبداع وإظهار ما لديهم بعد أن كانوا في موقف المتفرج من الوكالات الأجنبية التي بدأت اليوم ترحل وجاء دور الشباب للبدء بفرص استثمارية في قاعات السينما والإنتاج، وذلك ما سينعكس بشكل كبير على ثقافة ووعي المجتمع، فكلما زادت ثقافة المجتمع كلما زاد وعيه وتقدمه، ومن خلال مبادرات ولي العهد استطاع أن يخلق الاستثارة بداخل الشباب والشابات حتى يتجهوا جميعاً إلى الإبداع والابتكار والأفكار الجديدة. الإرث التاريخي فيما أكد الدكتور عالي القرشي أستاذ النقد والأدب الحديث بجامعة الطائف أن زيارة ولي العهد للولايات المتحدة الأميركية فتحت آفاقاً جديدة للشباب السعودي، وفتحت آفاقاً جديدة للتغير في المملكة، ليس بقصد أن نكون تابعين لأحد، لكن المسألة يبدو أنها تجاوزت ذلك إلى أن يكون الأمر الإفصاح عن طاقات الشباب السعودي والمرأة وإبداعات الإنسان في هذه الأرض؛ ليكون قائداً للتغيير في بلاده، فكأن ولي العهد يقول: «التغيير لا يأتي من هرم القيادة فقط ولكن من بناء الإنسان، واستغلال الإنسان لطاقاته وقدراته، وإظهارها أمام الآخر بكل أبعاد هذا الإنسان من حضارية وإرث ثقافي، مبيناً أن هذا الحراك من سموه يتطلب أن يعي الجيل القادم تاريخهم وإرثهم الثقافي، فلا يكونوا مجرد مستهلكين للآخر، وإنما يثقون بأنفسهم وإرثهم التاريخي ويسعون لإظهاره؛ لأن الله سبحانه حبانا بإرث تاريخي، لم يحبوا أحداً غيرنا بمثله، وهذا يتطلب الكثير من الاستشعار بالمسؤولية تجاهه. Your browser does not support the video tag.