بدا أن الملمح الأهم في الهدف من إقامة عديد من المشاريع التي تتخذ من التثقيف والترفيه أيقونة، تضيء مستقبل أجيالنا الجديدة، تجسّد في المشروع الحلم الذي أعلنه سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بإطلاق مشروع أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية نوعية في المملكة، بمنطقة (القِدِيّة) جنوب غرب العاصمة الرياض، التي تُعدّ الأولى من نوعها في العالم بمساحة تبلغ 334 كيلو متراً مربعاً، بما في ذلك منطقة سفاري كبرى. مازلنا نذكر النتائج التي تمخضت عن الملتقيين الأول والثاني اللذين عقدا قبل ما يقارب عشرة أعوام، وتبنتهما وزارة الثقافة، بهدف العمل على وضع استراتيجية وطنية تمكن الوزارة من تحقيق أهدافها وتلبي احتياجات ومتطلبات المثقفين، وقد تم حشد عدد غير مسبوق من الأدباء والمثقفين والإعلاميين، لإنجاح الملتقيين. كان واضحاً أن هناك خللاً في وضع مفاهيم جديدة لخطط المثاقفة والحوار، والاعتماد على خطاب ثقافي وكذلك العمل على وضع استراتيجية واضحة وطموحة لبناء أجيال جديدة تتوفر لها كل عناصر التثقيف والمعرفة والترفيه. عن مشروع القرية الثقافية التي أعلن عنها ولي ولي العهد مهندس رؤية التحول الوطني قال سموه في تصريحه لإعلانها، إن هذه المدينة ستصبح بإذن الله، معلماً حضارياً بارزاً ومركزاً مهماً لتلبية رغبات واحتياجات جيل المستقبل الترفيهية والثقافية والاجتماعية في المملكة. وهذا يأتي مستوفياً وملبياً لطموحات المثقفين وآمالهم، وقد أخذ بمقترحات الخبرات في مجال التنمية الثقافية، وتحقيقاً لأيقونة رؤيتنا المستقبلية التي تعتمد على الثقافة والترفيه في آفاق التغيير والانفتاح. وفي الوقت الذي كانت مؤشرات التنمية الثقافية متأخرة وبطيئة إلى حد بعيد، جاءت المشاريع الثقافية والترفيهية التي تتماشى مع خطط التحول الوطني، لتصحح مسارات برامج المشهد الثقافي في السنوات العشر الماضية ما يؤكد، وجود مناخ صحي للنهوض بالثقافة بما يحقق أهدافنا الصحيحة لاستراتيجية ثقافية ذات ملامح حضارية، تلبي رغبات واحتياجات جيل المستقبل ترفيهياً وثقافياً واجتماعياً لشباب المملكة. اهتمام النخب الثقافية في أي بقعة من الأرض لا يتوقف عند حدود ما يُطمح إليه من مكتسبات في الاستمتاع بثقافة مرفهة تهيئ المناخ لإنتاج أفضل وإبداع لا حدود له، يضمن لنا جيلاً أكثر وعياً ومحصناً ضد كل فكر ضال ومشوش، لأن جيل هذا العصر يبحث عن الحرية في البحث عن الثقافة واسعة الأفق، والترفيه الذي يجدد الحيوية والنشاط فكرياً ومعرفياً. وبهذا يتحقق الهدف لبناء مجتمع واع صحيح العقل والفكر، تترسخ فيه مبادئ إيجابية للتواصل الفاعل في مجتمعها، وذلك بحكم أن الثقافة هي محور اهتمام النخب الثقافية والفكرية. ويأتي هذا الاهتمام ضمن أولويات الحضارة في المجتمعات المتقدمة. هناك مفهومان للثقافة والديمقراطية، على حد قول كثير من أصحاب الرأي وذوي الرؤى المستقبلية، وهما مفهومان ملتبسان ومتفاعلان، بحيث تتداخل بينهما مفاهيم ومضامين كثيرة. ولكل منهما أفق واتساع في تصوراته ونظرياته، وكذلك في تطبيقاته.