بعد أن صدرت الموافقة على استخراج تراخيص لدور السينما في المملكة وهو الحلم الذي انتظره الكثيرون منذ عشرات السنوات توقع عدد من المختصين والكتاب بأن تكون هذه بداية لتأثير ثقافي وفكري كبير على أفراد المجتمع، فالسينما لم تكن يوما مجرد صالة عرض يتم فيها استعراض أحداث فيلم!، إنما كانت السينما ولاتزال صناعة فكرية مؤثرة على المجتمع من خلال تلك الرسائل التي تنشرها، ومن أجل ذلك يمكن لنا اليوم أن نجزم بأننا أمام تحول فكري ومجتمعي كبير سيغير من خارطة تعاطي أفراد المجتمع مع الحياة، من خلال تشكيل قاعدة من الاحتمالات لفنون ستتربع قريبا على منصة الاهتمام في السعودية وستكون بوابة للعبور من خلالها إلى إبداع مفتوح على جميع الثقافات والإمكانيات مع توجهات إلى تعليم جميع تلك الفنون وكذلك الاستثمار فيها والاستفادة من كوادرها الموجودة، فما الذي يمكن للسينما أن تفعله في المجتمع السعودي أكثر من كونها بداية جديدة لاحتضان الفنون المختلفة التي جاء الوقت حتى نتعلمها ونتعايش معها من جديد بشكلها الراقي والعميق. العصر السينمائي يرى محمد العصيمي بأن أثر صدور تراخيص لدور السينما في المملكة سيكون كبيرا على جميع المستويات سواء على مستوى التفكير أو التثقيف أو الترفيه لكافة فئات المجتمع للأسرة والشباب والصغار والكبار لأن السينما معروفة لدى دول العالم بأنها مصدر من مصادر الوعي والتثقيف والترفيه الراقي، فالمجتمع السعودي بصدد أن يحصل على حقه في مطالعة وسيلة من وسائل التثقيف والترفيه وهي وسيلة راقية تجمع الناس بشكل راقٍ ولا تغير -كما يطرح البعض- من الواقع شيئا فما سيشاهده الناس في صالات السينما هو ما شاهدوه منذ سنوات على شاشات التلفزيون من الأفلام الأجنبية أو العربية، وكما أوضح الإعلان من قبل وزارة الثقافة بأنه سيتم مراعاة جميع الاعتبارات الدينية والاجتماعية والعادات والتقاليد في هذه الصالات والأفلام وهذا ما يجري في جميع المجتمعات العربية وليس فقط المجتمع السعودي، ولذلك نحن بصدد الدخول والتفاعل مع وسيلة إعلامية تثقيفية وترفيهية راقية جدا ستمكن الناس من الترفيه عن أنفسهم في أوقات الفراغ ومع أسرهم مجتمعين في مكان واحد وهذا ما كنا ننتظره. ولاشك بأن فتح المجال لتراخيص السينما في المملكة والدخول في العصر السينمائي في المجتمع السعودي سيؤدي إلى فتح مجالات عمل وتغييرات تثقيفية وفنية كثيرة في المجتمع وذكر العصيمي بأنه من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تشجيع الكثير من المنتجين السعوديين لإنتاج أفلام سعودية تعرض في صالات السينما في المملكة وقد تعرض في صالة السينما خارج المملكة كما يحدث في الكثير من الأفلام المصرية التي نحرص على متابعتها في صالة السينما في دول الخليج، فنحن اليوم سنفتح مجالا للإنتاج السينمائي السعودي بقصص سعودية وبممثلين سعوديين ومخرجين ومنتجين وهم موجودون ولكن كانت أعمالهم معتمدة على إنتاج سينمائي خارج المملكة والآن يمكنهم الإنتاج والإبداع داخل المملكة، مبينا بأننا نطالب بعد صدور هذا القرار أن تفتح معاهد وأكاديميات للفنون كما نحتاج إلى افتتاح أكاديمية للإنتاج والإبداع السينمائي فإنتاج فيلم يحتاج للكثير من التفاصيل تبدأ من القصة والسيناريو والإخراج والديكور والتصوير وهذا يفتح مجال عمل وتوظيف للشباب والبنات الموهوبين في هذا المجال لذلك نتوقع خلال السنوات المقبلة أن نرى العديد من الأكاديميات للفنون ومن ضمنها أكاديمية دراسة الفنون والإنتاج والإخراج السينمائي. أما عن توفر الأماكن المناسبة لافتتاح السينما في مناطق المملكة فتوقع العصيمي أن نكون جاهزين لأن أي عمل يرتبط بالقطاع الخاص أو عالم الاستثمار فإنه ينجح لأن من يتولاه أشخاص يستثمرون في هذا المجال وهذا الاستثمار يؤدي إلى التسريع بالمشروعات المتعلقة به وإخراجه على أحسن صورة، مؤكدا بأن الكثير من المولات والمباني مهيأة لإنشاء قاعات سينما ولذلك لن يكون صعبا بأنه خلال ثلاثة شهور سنجد على الأقل في بعض المدن الرئيسية بأن هناك صالات افتتحت وعلى أعلى طراز لأن الإمكانيات متوفرة والمستثمرين -كما يعرف بعضهم- متحمسون للاستثمار في هذا المجال فالوقت لن يكون معوقا رغم قصره أمام رجال الأعمال أن ينطلقوا في افتتاح قاعات سينما على أحدث طراز. الاستهلاك السينمائي ويرى د. سعود كاتب «الأكاديمي والمتخصص في الإعلام»:» بأنها خطوة جميلة ومهمة لأن السينما وسيلة من وسائل الإعلام والثقافة وتستخدمها جميع الشعوب، ولذلك لا يوجد أي مبرر من القلق لوجودها لأن التكنلوجيا تطورت وأصبحت في منازلنا أكثر من سينما لأن التلفزيون أصبح اليوم بديلا كاملا للسينما، فما ينزل في دول الغرب يمكن لنا أن نشاهده حينما نطلبه أيا كان نوع هذا الفيلم ومن أنتجه ولذلك لا يوجد هناك ما يسبب الخوف والقلق فوجود السينما هو خطوة منتظرة ومهمة، مبينا بأننا بحاجة في الفترة المقبلة إلى صناعة سينما سعودية وليس مجرد استهلاك للسينما لأن السينما اليوم أصبحت وسيلة للتعبير وقوة ناعمة تستخدمها الكثير من الدول، فعلى سبيل المثال حينما نتأمل هوليود نرى بأنها قوة ناعمة لدى أميركا غزت بها العالم ونشرت الثقافة الأميركية، فاليوم السينما موجودة في جميع الدول المحيطة بنا، وللأسف بعض هذه الدول سخرت صناعة السينما الخاصة بها لمهاجمة المملكة ولذلك حتى نكون جاهزين للرد فأننا بحاجة إلى صناعة سينما مماثلة والفترة الأخيرة شهدت وجود الكثير من الشباب والشابات السعوديات الذين وصلوا إلى أخذ جوائز في محافل عالمية سينمائية لذلك علينا أن نستفيد من هذه الخطوة الرائعة وننتقل منها إلى المرحلة التالية بأن نبدأ في صناعة سينما سعودية قوية ومؤثرة وتصل للعالم. ولأن السينما لها ذلك التأثير الكبير الذي بدأ لدى الدول الأخرى منذ وقت مبكر فأشار سعود إلى أننا نرى تأثيرها على مختلف المجتمعات، ولذلك فنحن بحاجة لأن يكون لدينا صناعتنا ولا نكون فقط مستهدفين من خلال السينما الغربية، فتأثير السينما على الداخل تأثير قوي ومؤثر؛ لأن كل فيلم يحمل رسائل ومضامين فإذا كان المحتوى جيدا سيكون التأثير جيدا. ولأن صناعة السينما صناعة متكاملة فأكد كاتب على ضرورة تدريس مختلف الفنون فحينما نتأمل تخصصات الجامعة نجدها تقتصر في هذا المجال على الصحافة والإذاعة والتلفزيون والصحافة الإلكترونية إلا أن السينما لابد اليوم أن تكون جزءا من تخصصات الإعلام كما يجب أن يكون هناك مؤسسات تدعم صناعة السينما سواء مؤسسات المجتمع المدني أو عمليات الدعم لدى المبدعين من الشباب والشابات فنحتاج في المرحلة المقبلة إلى التجرد والاهتمام ولذلك نتطلع أن ندعم صناعة السينما بدءا من الجامعات وامتدادا إلى ما يلي ذلك: الانفتاح المنظم وترى د. عبلة مرشد: «بأن صدور قرار الموافقة بمنح تراخيص لدور السينما له انعكاسات إيجابية وتنموية كبير خاصة في ظل ضبطه بمعايير أخلاقية وثقافية تناسب مع مجتمعنا كما نص القرار فله أثره في الخروج من الانغلاق الفكري والثقافي الذي تأطرت بداخله كثير من شرائح المجتمع مما جعلها مختلفة عما حولها من المجتمعات إلى انفتاح منظم فكريا وثقافيا يعزز من مستوى فكرنا وقبولنا بالغير المختلف بالاطلاع على ثقافة الآخرين من خلال إعلام هادف وترفيه موجه وبأسلوب ممتع وقريب من الإدراك والوجدان. أما مجتمعيا وتنمويا سيتيح القرار آلاف الفرص الوظيفية لشبابنا من الجنسين. أما على الصعيد الاقتصادي فإن الدخل المتوقع من هكذا فعاليات يتجاوز الخيال والذي يصل بالمليارات والتي كانت تصرف للخارج وفي ذلك إنعاش لاقتصادنا وتوجيه لاستثماراتنا نحو الداخل الوطني، من جهة أخرى فإن وجود هكذا فعاليات يتيح للأسر والعوائل والشباب أماكن منظمة مراقبة للترفيه المضبوط والمقنن بدلا عما يمارس خلف الستار. ضرورة دعم السينما من جهته قال رئيس جمعية الثقافة والفنون بجدة عمر الجاسر: إن قرار السماح بالتراخيص السينمائية يعد خطوة جميلة ستدعم صناعة الأفلام في المملكة، وهي خطوة تمنيناها طويلاً. وطالب الجاسر بأن تدار صالات العرض السينمائية بأيدي شركات سعودية بحتة تدار من الجنسين، وأن يتم تشجيع الأفلام السعودية والخليجية، ولا مانع من الأجنبية، ولكن تكون الأولوية للفيلم السعودي الخليجي. وطالب الجاسر وزارة الإعلام بضرورة دعم صناع السينما وتشجيع أصحاب الصالات من الجنسين لإنتاج أفلام راقية وأفلام سعودية حقيقية لعرضها في دور العرض في أوقات مناسبة ومن ثم تصديرها للخارج، لإظهار مدى إبداع صناع السينما من الجنسين في المملكة بحكم أن السينما تعد أهم وسيلة ناعمة لنقل الثقافات وتصحيح مفاهيم كثيرة عن البلد، مؤكداً بأن مثل هذه الخطوة ستعد قفزة رائعة في خلق وتوليد الوظائف لشباب وشابات الوطن. الخبر مبهج بينما قال الفنان إبراهيم الحساوي:»أشكر صناع القرار على هذا القرار والخبر المبهج لكل السعوديين وليس صناع الأفلام فقط، فمثل هذا القرار يعد خطوة في الاتجاه الصحيح اقتصادياً واستثمارياً وثقافياً وعلى مستوى الوعي والترفيه أيضاً، فلدينا شباب مهيئون لمثل هذه الخطوة ومهيئون لتمثيل دور العرض والآن حان الوقت ليظهروا بجهدهم ومواهبهم التي تنافس العالم بها. وطالب الحساوي بأهمية استحداث قسم للفن يخرج جيلاً إضافياً متخصصاً في صناعة الصورة وسينمائيين ومخرجين ومحترفين في فنون الصوت والإضاءة مواكبة لهذا التطور ولهذا القرار أسوة بقسم الإعلام وما أنتج من إعلاميين على مستوى الصحافة والإذاعة لتمكينهم من الإبداع ومن شغل وظائف جديدة. وقال الحساوي أشيد هنا بجامعة عفت التي تخرج سنوياً طالبات متخصصات في صناعة الأفلام والسيناريو، وفوز أفلام طالبات هذه الجامعة في مهرجان أفلام السعودية بأكثر من جائزة يؤكد وجود الموهبة والإبداع لدى شباب وشابات الوطن التي تحتاج للصقل والتدريس والاهتمام بتوفير تخصصات تواكب هذا القرار. مؤكدا بأن السينما ستحقق بهذا القرار نقلة حضارية للسعودية من خلال الوصول للآخر وتبادل الثقافات باعتبار أن السينما قناة تواصل بين الشعوب. السينما خطوة أولى من جهته قال الأكاديمي المتخصص في الإنتاج المرئي وجماليات الشاشة مسفر الموسى:» لدينا موارد بشرية خارقة في مجال صناعة السينما فالكثير من الشباب لدينا يمارس هذا الفن بالهواية منذ زمن بعيد، وقد بدأت صناعة السينما من بداية ظهور المهرجانات التي كانت تقام حول السعودية وتمكن الشباب السعودي في فترة من الفترات الدخول لهذا الفن كهواة وبدأوا بعمل أفلامهم القصيرة ومحاولاتهم السينمائية في بداية الألفية الجديدة 2005 وفي 2006 بدأ الشباب السعودي ينافس على المراكز الأولى، في 2010 و2012 بدأ الشباب السعودي يحتكر المراكز الأولى في المهرجانات؛ وكل هذا تحقق بجهد ذاتي وفردي ساهم في نجاحه انخفاض تكاليف الإنتاج ووفرة المهرجانات الخليجية والعربية للأفلام والبعثات التي بدأت لصناعة الأفلام. وأردف: أن إيجاد معاهد متخصصة في الصناعة السينمائية والإنفتاح على التطبيقات المتطورة للسينما كمسار آخر لصناعة السينما. وقال الموسى إن هذا القرار سيحقق إيجابيات متعددة منها خلق الفرص الوظيفية والاستفادة من الطاقات البشرية الهائلة في هذا المجال وبالتالي توليد مسارات اقتصادية جديدة غير موجودة أو معطلة في المجتمع السعودي، بالإضافة إلى أن هذا القرار سيحقق فوائد أخرى على الجانب الاجتماعي من خلال تشبيع الهوايات وايجاد حراكات ثقافية متنوعة لجذب الشباب وتعزيز اهتماماتهم وأما على المستوى الثقافي فقد ظل صوت السعودية خافتاً في السينما رغم أهميته في ترويج الثقافات بين البلدان والتصدير للسياحة من خلال المحتوى الذي يبرز بعض المناطق وسيكون هذا القرار صوتاً لترويج وإيصال ثقافة البلد بشكل جيد. وهنأت عدة قطاعات للإنتاج السينمائي هذه الخطوة، من بينها «ڤوكس سينما»، التي قالت: «إن إعادة افتتاح دور السينما في المملكة. مبينة أن التقدم الملحوظ الذي تحققه القطاعات الإبداعية في جميع أنحاء المملكة سيساهم بشكل فعال في دعم «رؤية المملكة 2030». وقالت: نحن بدورنا نتطلع إلى العمل من أجل تحقيق التواجد، وتقديم خدمات عالمية المستوى في المملكة خلال الفترة المقبلة. د.عمر الجاسر: لا بد أن تكون الأولوية للفيلم السعودي د.مسفر الموسى: الإيجابيات خلقت الفرص للطاقات البشرية كاتب: على مؤسسات المجتمع المدني أن تدعم صناعة السينما إبراهيم الحساوي: هذا القرار يعد خطوة في الاتجاه الصحيح العصيمي: ننتظر فتح أكاديميات للفنون تزامناً مع صالات السينما