يتبادر إلى الذهن عند ذكر القمار، صوره التي تكون في نطاق السباقات والألعاب، ولكن نطاق القمار يمتد أيضاً إلى المعاملات المالية. وتجد مسائل عديدة، وصوراً مختلفة، من المعاملات المالية، تعلل حرمتها؛ بأنها تدخل تحت ضابط القمار، وذلك مثل بعض الأساليب القائمة على المخاطرة والمجازفة المحضة بين تحصيل الربح أو الوقوع في الخسارة، التي تقع في بعض أسواق الأوراق المالية. وتكون أركان عملية القمار في هذه المعاملات متوفرة، وهي : طرفا القمار، سواء كانا أفراداً أو مجموعات، ومحل المقامرة، وهي الأسهم التي وقع عليها القمار، والوسيط الذي ينظم هذه العلمية، وعملية القمار، وهي: الأسلوب الذي من خلاله حصلت هذه المقامرة وإذاً؛ فمن المهم تحديد ضابط ما هو قمار؛ وما ليس بقمار. لأنه ليس كل مخاطرة تعتبر قماراً. وقد حُدِّد ضابطه بأنه: كل معاملة مستقبلية بعوض، بين طرفين أو أكثر، لا يُعلم فيه الغانم من الغارم حين الدخول فيها، على سبيل المخاطرة المحضة. (أصول المخالفات الشرعية في الأسواق المالية 172). وينبغي أن يلحظ في ذلك ما قرره الفقهاء من أنه: ليس كل مخاطرة محرمة، ولا كل ما كان متردداً بين أن يغنم أو يغرم أو يَسْلَم محرماً، ولكن يحرم من هذه الأنواع ما اشتمل على أكل المال بالباطل، والموجب للتحريم عند الشارع أنه أكل مال بالباطل. قال الله تعالى: ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) قال القرطبي في تفسير الآية: والمعنى لا يأكل بعضكم مال بعض بغير حق، فيدخل في هذا: القمار والخداع والغصوب وجحد الحقوق، وما لا تطيب به نفس مالكه، أو حرمته الشريعة، وإن طابت به نفس مالكه. ولا يغب عن البال أن القمار مشتمل على الغرر، وهذا موجب آخر لتحريمه غير كونه أكلاً للمال بالباطل. قال البقاعي: والقمار كل مراهنة على غرر محض. Your browser does not support the video tag.