ما زال الكتاب الورقي يتحدى التكنولوجيا، وما زالت المواسم الثقافية لا ترفرف إلا بحضوره، وهذه الأيام نعيش متعة ولذة اقتناء وقراءة الكتب في معرض الرياض الدولي للكتاب. سوف أحدثكم عن عادة غريبة وقاسية أمارسها مع نفسي حتى أجبرها على قراءة كل ما لدي في مكتبتي، فقبل معرض الكتاب في الرياض أعمل تنقيحاً وجرداً لأغلب الكتب في مكتبتي المنزلية، ثم أضع الكتب التي اشتريتها ولم أقرأها، وأشتري بعددها كتباً من معرض الكتاب، ولا أكثر الشراء حتى أقرأ ما لدي، قد يكون الذي لم أقرأه كتابين وقد يكون عشرة، وهنا عقاب لنفسي حتى تتعود على قراءة كل ما لديها، فالكتب زينة للعقول لا زينة للرفوف، فنحن أمة اقرأ، وقد كان المسلمون شغوفين باقتناء الكتب، حيث إن هارون الرشيد جعل من نقل العلوم والتراث الأجنبي إلى اللغة العربية عملاً من أعمال الدولة؛ حيث أسس «بيت الحكمة»، وكان ينفق عليه شهرياً مبالغ طائلة، وذكر الفيلسوف ول ديورانت في «قصة الحضارة» ذلك، حيث لم يضاهِ المسلمين في اقتناء الكتب إلا الصين. والكتب حياة داخلها حياة، وعظيم جداً أن نحتفي بالكتب وننتظرها بشغف مثل انتظارنا لمعارض الكتب، فهناك من له هواية ملاحقة معارض الكتب في كل مكان، وهذا شغف رائع وجميل، وهناك من يستمتع بالأجواء فقط، وهي فرصة للقاء المبدعين والكتاب ودور النشر، والواقع أن معرض الكتاب هذه السنة مختلف ومتنوع، ومليء بالفعاليات والموضوعات التي تتناسب مع جميع شرائح المثقفين والقراء، ولكن كنت أتمنى أنه مع التقدم والتطور ووجود معايير مختلفة للقارئ، أن يتم إرشاد القارئ من ناحية عمل تصنيف للكتاب، فهناك الكاتب الجيد، والكاتب الأجود، والمؤدي، والناقل، والناسخ، وكذلك دور النشر، فهناك بعض الدور لا تهتم بجودة ما تنشر، وعندما تنشر لا تهتم بالتدقيق والطباعة، وهذا شيء مؤسف؛ لأنه ينسف جهود الكاتب بكثرة الأخطاء المطبعية، فلابد من وجود إرادة لوضع معايير حتى يرتقي الكتاب العربي، وحتى يكون هناك منافسة بين الكتّاب، كان لابد لوزارة الثقافة أن تضع معايير محددة للكتّاب، ووزارة الثقافة هي بمثابة المؤسسة التي تضع أبعاداً وقوانين لكل من الكاتب ودار النشر، وهي المشرف على جميع ما يتعلق بالثقافة، ودورها حيوي، فالآن ونحن نرى التغيرات مع الخطة الوطنية، وعلى كل كاتب وأديب ومبدع ألا يبخل برؤاه وأفكاره وماذا يطمح للثقافة من أجل الارتقاء بالوطن. Your browser does not support the video tag.