يعتقد الباحثون أن وضع جداول زمنية ضيقة في الأعمال قد تؤدي إلى الإصابة بأزمة قلبية. فقد أوضحت دراسة علمية حديثة أن فريق العمل الذي يعمل بجد لانجاز مهمته في الوقت المناسب أكثر عرضة للإصابة بأزمة قلبية بمعدل ست مرات عن زملائهم خلال الساعات الأربع والعشرين التالية. وقالت الدراسة السويدية التي أجريت على 3500 شخص إن نوبات قصيرة من العمل تحت ضغط أسوأ على القلب من الأحداث المثيرة للتوتر في العام السابق. ونشرت نتائج هذه الدراسة في دورية علم الأوبئة وصحة المجتمع. وكان معظم المشاركين في الدراسة قد شاركوا في برنامج استوكهولم لأمراض القلب. وتعقب هذا البرنامج عدداً من النوبات القلبية الأولية التي حدثت للأصحاء في الفترة العمرية بين 45 و 70 عاما عندما بدأت الدراسة في أوائل التسعينات. ومن خلال استطلاعات رأي ركزت على التعرض لضغط العمل والمنزل وجد باحثو معهد كاروليسكا أن ثمة علاقة بين كثرة الطلبات والمنافسة والنزاع في أماكن العمل والإصابة بأزمات قلبية. وأوضحت الدراسة أن معدل إصابة الرجال الذين مروا بأزمة في العمل خلال العام السابق، بأزمة قلبية وصل إلى 80 بالمئة، ويزداد خطر الإصابة في حالة تأثرهم بهذه الأزمة بشدة. أما بالنسبة للنساء فقد زاد التغير في الأوضاع المالية من خطر الإصابة بمعدل ثلاث مرات. وأشارت الدراسة إلى أن النساء أيضاً كن أكثر عرضة للإصابة بأزمة قلبية بمعدل ثلاث مرات بينما كان الرجال أكثر عرضة للإصابة بمعدل ست مرات في حالة زيادة المسؤوليات الملقاة على عاتقهم في العمل خاصة عندما ينظرون إلى مثل هذه الواجبات بسلبية. ومن بين هؤلاء الذين أجري عليهم الاستطلاع عانى 8 بالمئة منهم بضغط متعلق بالعمل قبل يوم من إصابتهم بأزمة قلبية. وكانت هذه النسبة أعلى كثيرا من نسبة من واجهوا أحداثا مثيرة للتوتر لا تتعلق بالعمل. وزاد وضع جداول زمنية ضيقة في الأعمال من خطر الإصابة بأزمة قلبية في غضون الساعات الأربع والعشرين التالية بأحد عوامل ستة بينما ضاعف الوضع التنافسي في العمل من خطر الإصابة. كما تشير الدراسة أيضاً إلى أن تلقي مدح من الرئيس في العمل يضاعف من خطر الإصابة لكن الباحثين قالوا إنها ربما ارتبطت بجدول زمني. وقال البروفيسور اندرو ستيبتو من مؤسسة القلب البريطانية إن التعرض لتجارب مثيرة لضغوط في الحياة قد تسبب في الإصابة بمرض القلب بطريقتين. «الطريقة الأولى نحن نعرف أنه خلال عوامل طويلة المدى مثل ضغط العمل المزمن والعيش في حياة منعزلة اجتماعياً تزداد مخاطر الإصابة بأمراض القلب التاجية». وأضاف : «ثانياً العوامل العاطفية قد تسبب أزمات قلبية في الأشخاص الذين يعانون من مرض قلب تاجي متقدم ضمنياً». واستطرد : «توضح هذه الدراسة أن التعرض لتجارب تثير توترا سواء داخل العمل أو خارجه يمكن أن يكون لها نفس التأثير على القلب». وتجري مؤسسة القلب البريطانية فحوصات لاكتشاف الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بأزمة قلبية ناجمة عن التعرض لضغط وما يحدث لهم بيولوجيا. وقال بريندان باربر السكرتير العام لمؤتمر النقابات المهنية «توضح هذه الدراسة حاجة جميع الموظفين إلى تناول العمل الذي يتوقع أن ينجزه الشخص في وقت معين وكذا ساعات العمل بجدية». ويضيف : «التقرير يوضح أن الضغط ليس مجرد قضية تنفيذية أو ادارية لكنه مشكلة جميع العاملين بدءا بسائقي الشاحنات وانتهاء بعمال الملابس». ويستطرد قائلاً : «على بريطانيا أن تتخلى عن ثقافة التصرف في اللحظة الأخيرة إلى أسلوب أكثر تنظيماً ومسؤولية بالنسبة لأوقات العمل لحماية صحة ورفاهية العمال». إلى ذلك خلصت دراسة شملت اكثر من اربعين الف حالة مرضية الى ان الالتهابات الشائعة التي تصيب الجهازين التنفسي والبولي قد تلعب دورا في التسبب في النوبات القلبية وجلطة الدماغ. وتوصلت الدراسة إلى أن حالات كالتهاب القصيبات وذات الرئة والتهاب المثانة تزيد من احتمالات الاصابة بالنوبات القلبية خمس مرات وبالجلطة الدماغية ثلاث مرات أثناء فترة المرض. ونشرت نتائج الدراسة التي مولتها عدة مؤسسات بحثية في مجلة نيوانغلاند للطب الباطني. وقد اكتشف العلماء ان احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية والجلطة الدماغية ترتفع بشكل ملحوظ في الايام الثلاثة التي تلي الاصابة بالتهابات الجهاز التنفسي، ولكن هذه الاحتمالات تسير نحو الانخفاض في الاسابيع التالية. وقال الباحث البروفيسور باتريك فالانس من كلية لندن الجامعية معلقاً على هذا الاكتشاف إن نتائج البحث تظهر أن النوبات القلبية لا تحصل اعتباطا. وقال في حديث لبي بي سي : «بعد الخمسين، نعاني كلنا من التخثر في شرايينا، ولكن في اغلب الأحوال لاتؤدي هذه الحالة إلى مضاعفات خطيرة. ولكن يبدو ان الالتهابات تسبب انفصال اجزاء من هذه الخثرة مما يؤدي إلى انسداد الشرايين الذي يؤدي بدوره الى الإصابة بالذبحة أو الجلطة». ومضى البروفيسور فالانس الى القول إنه لمن الخطأ الاعتقاد ان مخاطر الاصابة بالذبحة او الجلطة ثابتة على الدوام، بل انها متغيرة طول الوقت. وقال إن الدراسة الأخيرة تثبت ان قدرا اكبر من العناية يجب ان تتوفر للمرضى الذين يعتقد انهم يواجهون حالات التهاب - كاولئك الذين يخضعون لجراحات كبرى في البطن. وعلق الدكتور ليام سميث الباحث الرئيسي في هذه الدراسة بالقول إن الاكتشاف الجديد سيفتح آفاقا جديدة للبحث. ومضى الى القول : «إن المعلومات الجديدة التي توصلنا إليها ستنتج لنا البدء في تطوير استراتيجيات جديدة هدفها احتمالات الاصابة بالنوبات القلبية والجلطات الدماغية». هذا وقد درس فريق البحث ايضاً امكانية ان تزيد اللقاحات - كلقاح الانفلونزا والكزاز - من احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية والجلطة الدماغية، فاستنتجوا انها لا تزيد من هذه الاحتمالات. وعلق الدكتور مارك بربتون رئيس مؤسسة امراض الرئة في بريطانيا على النتائج التي خلص اليها البحث الاخير بالقول : «إن هذا البحث يثبت لنا مدى حساسية الرئة ومدى اهمية المحافظة على صحتها».