جاء رد الفعل السعودي قوياً على التجاوزات غير المسبوقة لوزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل تجاه المملكة والمبنية في مجملها على قراءة مغلوطة وعدم فهم لما يحدث على أرض الواقع. تصريح المصدر المسؤول بوزارة الخارجية الذي أشار إلى استدعاء المملكة سفيرها في برلين للتشاور وضع الأمور في نصابها الصحيح من خلال التأكيد على أن أكاذيب غابرييل لا تمثل مطلقاً موقف الحكومة الألمانية الشريكة الموثوقة للمملكة في الحرب على الإرهاب والتطرف وفي السعي لتأمين الأمن والاستقرار في المنطقة. في مواقف كثيرة برزت شخصية غابرييل غير المتزنة سواء في الشأن الدولي أو على الصعيد الداخلي، فللرجل رأي عجيب من الاتفاق النووي الإيراني الذي يستميت في الدفاع عنه ومهاجمة كل من يعارضه، وبالتالي فقد أصبحت المملكة والدول الداعية للسلام ومكافحة الإرهاب عرضة لانتقاداته المتواصلة بشكل فاضح تجاوز حدود اللياقة في كثير من الأحيان. آراؤه العجيبة حضرت كذلك في تناوله للأزمة القطرية مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، وكذلك في ملف العلاقات التركية الألمانية وكذلك الحال مع الولاياتالمتحدة الأميركية التي يهاجمها ليل نهار في سياق لا يختلف عن مفردات لا يمكن أن تصدر إلا من رموز النظام الدموي في إيران. على الصعيد الداخلي، لا يرى الألمان في غابرييل غير تلك الشخصية المتناقضة والمهزوزة التي رسمهتا تصرفاته فمشواره السياسي ومنذ العام 2003 مليء بالسقوط والفشل حتى على مستوى انتخابات المقاطعات، إضافة إلى تأرجحه الدائم بين اليمين واليسار ما يوحي بأن النظرة الضيقة صفة ملازمة للرجل الذي أصاب حتى من تحالفوا معه سياسياً بخيبات أمل كبيرة، ولعل موقفه من قضية اللاجئين التي كان يتبناها ويزين صدره بعبارات الترحيب بهم قبل أن ينقلب عليهم نتيجة تململه من سياسات المستشارة أنغيلا ميركل أحد أهم الأمثلة على مزاجية الرجل وانفعالاته التي أخرجته من دائرة الرصانة والثبات التي عرف بها الساسة الألمان على مدار التاريخ. العلاقات السعودية الألمانية قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وهو ما غاب على ما يبدو عن شخصية منفعلة كزيغمار غابرييل الذي لا يمكن التعامل مع ترهاته على أنها موقف سياسي للحكومة التي تعي تماماً أن إخفاقات وزير خارجيتها وعدم قدرته على الحفاظ على المكتسبات التي بنيت على مدى عقود ستؤدي إلى اهتزاز صورة ألمانيا على الصعيد الدولي.