انتقدت برلين بشدة أمس منع أنقرة نواباً ألماناً من زيارة كانت مقررة هذا الأسبوع للقوات الألمانية المتمركزة في قاعدة «إنجرليك» التركية، والعاملة مع قوات دول أخرى أعضاء في الحلف الأطلسي لمحاربة تنظيم «داعش» في المنطقة. ولمّحت برلين بقوة إلى أنها ستدرس نقل قواتها وطائراتها من تركيا إلى بلد آخر. وكانت تركيا اتخذت خطوة مشابهة قبل أشهر، ثم تراجعت عنها، بسبب عدم رضاها عن مواقف لبرلين إزاء سياسات أنقرة، لا سيّما التي ينتهجها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ويشارك الجيش الألماني في «إنجرليك» بحوالى 260 جندياً وبطائرات استطلاع من طراز «تورنادو»، وبطائرة وقود تزوّد الطائرات وهي في الجو خلال غارات تشنها على مواقع «داعش» في سورية والعراق. وأسِفت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل لمنع تركيا زيارة نواب من لجنة الدفاع البرلمانية، مشيرة الى ان برلين أبلغت أنقرة بموقفها «عبر قنوات مختلفة». وأضافت: «سنواصل الحوار مع تركيا، ولكن علينا البحث عن وسائل أخرى لإيفاء التزاماتنا. وهذا يتضمّن البحث عن بدائل لإنجرليك، وأحدها هو الأردن». وانتقدت وزارة الخارجية الألمانية بشدة القرار التركي، معتبرة انه «ليس مقبولاً». وناقش وزير الخارجية زيغمار غابرييل الأمر مع رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم في مقديشو أخيراً، بلا جدوى. وقال ناطق باسم الوزارة إن غابرييل سيثير المسألة مع نظرائه من دول أعضاء في «الأطلسي»، في واشنطن اليوم. معلوم أن الجيش الألماني يُعتبر في الدستور «جيشاً برلمانياً»، يخضع لمراقبة وإشراف منتظمين من البرلمان الاتحادي. وقبل يوم من بدء زيارة النواب، أبلغت أنقرةبرلين أنها ليست ممكنة، من دون توضيح السبب. لكن وكالة «رويترز» نقلت عن مصادر في الخارجية التركية إن زيارة النواب الألمان اعتُبرت غير مناسبة الآن. وذكرت مصادر أن الحكومة الألمانية «تبحث الآن جدياً للمرة الأولى، في نقل القوات الألمانية وطائراتها من تركيا إلى بلد آخر»، لافتت الى أن «المعنيين سيحدّدون بدائل ممكنة في غضون أسبوعين». ويعتقد مراقبون بأن أحد أسباب الموقف التركي غير الودي، نيل ضباط وديبلوماسيين أتراك في الخارج وعائلاتهم حق اللجوء السياسي في ألمانيا أخيراً. ويخشى هؤلاء توقيفهم إذا عادوا إلى بلادهم، بحجة انتمائهم الى جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي. واحتجزت تركيا أخيراً الصحافي الألماني التركي الأصل دنيس يوجيل، لاتهامه بدعم الإرهاب، كما أوقفت قبل أسبوعين صحافية ألمانية من دون إبلاغ سفارة بلدها بالأمر، ما أثار انتقادات، خصوصاً بعد منع ممثل عن السفارة من زيارتها حتى الآن. واتهم أردوغان ألمانيا باستخدام أساليب «نازية»، بعد منعها مسؤولين أتراكاً، بينهم وزراء، من التحدث خلال تجمّعات لأتراك مقيمين على أراضيها، دعماً لاستفتاء نُظم الشهر الماضي لتحويل النظام رئاسياً.