من العدالة والإنصاف التأكيد على أن جميع من تم احتجازهم على ذمة التحقيق في حملة محاربة الفساد التي أمر بها الملك -يحفظه الله- أبرياء حتى تثبت إدانتهم، وهذا ما أكدته الدولة التي كانت حريصة على عدم التصريح بأسمائهم الحقيقية بغض النظر عمّا تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي. هذه الحملة التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تاريخية بامتياز إذ لم تشهد المملكة قبلاً حملة بهذا الحجم، حملة بدأت قوية وحازمة، استهدفت عمليات الفساد التي احتلت اقتصادنا، وامتصت خيرات بلادنا لعقود. لا شك أنها خلقت حالة من الهلع في صفوفهم، حتى أن بعضهم أصبح ينتظر من يطرق بابه ويستدعيه للتحقيق في تجاوزات مالية ظن أن لا أحد سيسأله يوماً عنها. لا المناصب ولا الأسماء مهما علا شأنها هي الأهم في هذه الحملة ولا حتى حجم الأموال التي قد يتم استردادها بل الرسالة التي أطلقتها.. الرسالة التي تقول إن لا أحد فوق القانون وإن كل من امتدت يده أو ستمتد لجيوبنا مستغلاً نفوذه وسلطته دون محاسبة أو مسائلة.. سيدفع الثمن. لعل ما يشعرك بالاطمئنان حرص الجهات المرتبطة بملاحقة المتورطين في قضايا الفساد على عدم المساس بالأعمال التجارية التابعة لهم وتجميد الحسابات الشخصية فقط بما يضمن استمرار الشركات التي يملكونها في ممارسة عملها كالمعتاد دون الإضرار بمئات العائلات السعودية التي قد تجد نفسها دون مصدر دخل إن تعثرت تلك الشركات أو أغلقت أبوابها. ورداً على من يقول إنّ هذا الحزم في ملاحقة الفاسدين سيعرقل الاستثمارات الأجنبية وسيضر بالاقتصاد الوطني اعتماداً على قاعدة "رأس المال جبان"، يجب التأكيد على أننا لسنا في حاجة لهذا المال الذي ليس بمستوى شجاعتنا وتطلعاتنا، فنحن في سعي حقيقي لتوفير بيئة الأعمال الحقيقية التي تضمن لنا نجاح مشروعات مثل "نيوم" وغيرها من مشروعات المستقبل التي لن تنجح إذا استمر هذا النوع من الفساد والمحسوبيات الذي خلف لنا الفشل في مشروعات عملاقة كانت ستغير وجه اقتصادنا وتقلل من اعتماده الكلي على النفط. لا يهمنا صدقاً كل هذه الإشاعات التي سعى أعداء المملكة للترويج لها بالتزامن مع جهودنا المخلصة لمحاسبة رؤوس الفساد، فهي واحدة من سلسلة لن تنتهي من حملات التشويش التي أصبحت مكشوفة بالنسبة لنا، ما يهمنا فعلاً.. أن نكون كمواطنين على قدر التحدي الذي يمثله سمو ولي العهد حين تصدى للفاسدين.. فكان عند ثقة مليكه وشعبه.. كما عهدناه خلال معارك الوطن السابقة في الداخل والخارج.