أقصر الطرق إلى الشفافية أن تغلق ممرات الفساد، فتموت الشائعات قبل أن تولد ويستقر المناخ المجتمعي وتصبح الأجواء دافئة لاحتضان الاستثمارات، وتدب الحياة في مسارات التنمية، فيجني المواطن ثمار النمو.. المهم أن تحقيق ذلك يحتاج إلى إرادة جادة من القيادة.. ترى ماذا كان الحال في المملكة؟!.. هذا ما عبر عنه لسان حال عدد من الأكاديميين السعوديين ل ( اليوم): ظاهرة عالمية مزعجة من جانبه أكد الدكتور خالد الربيع الأكاديمي السعودي، أن الفساد ظاهرة دولية مثيرة للقلق العالمي، وإن كانت تتباين المجتمعات في طريقة التعاطي مع وسائل وأساليب المكافحة والعلاج، موضحاً أن ما شاهدناه فى الفترة الأخيرة من قيام لثورات عربية وانهيارات لاقتصاديات دول كبرى فى أوروربا وآسيا وأمريكا متأثرات بعوامل كثيرة وفي مقدمتها - من وجهة نظر المحللين السياسيين والاقتصاديين – انتشار ظاهرة الفساد المالى والإدارى وعدم النزاهة والشفافية، في وقت تقاس فيه درجة تقدم ونماء الدول بمدى الشفافية والوضوح ومكافحة الفساد، موضحاً أن ظهور مفاهيم وصور ووسائل حديثة للفساد وانتشارها تستلزم مراجعة وتقويماً مستمراً للسياسات والخطط والأنظمة والإجراءات والبرامج لمكافحة هذا الوباء الخطر. مشكلة معقدة قال الدكتور الربيع : إن الفساد يعد مشكلة معقدة سياسياً واقتصادياًوأخلاقياً فى آن واحد ويعتبر من أكبر المعوقات التى يمكن أن تواجة عملية التحول الديمقراطي في العديد من الدول مثلما يتدخل بالسلب في آلية السوق ويفسدها ويضر بالقطاع الخاص والأفراد ويمنعهم من التمتع بفوائد أعمالهم، يؤثر سلباً على درجة نزاهة المجتمع ككل، مشيراً إلى وجود ما يشبه حالة الإجماع بين صناع القرار فى العالم على اعتبار أن أحد العوامل الرئيسية التى تلعب دوراً هاماً فى ترسيخ هذة الأوضاع السيئة هو ضعف الشفافية ونقص المعلومات عن الأوضاع المالية والتمويلية للأجهزة الحكومية وغير الحكومية ولذلك فإن المعلومات أصبحت مسألة جوهرية وأساسية وضرورية وهامة لكافة المجتمعات المتقدمة والنامية على السواء، بمعنى أنه عندما تكون قواعد اللعبة السياسية والاقتصادية المتبعة فى تسيير شئون الدولة واضحة وظاهرة للجميع فإن ذلك سوف يساعد المواطنين جميعاً على متابعة الطرق المعتمدة لتدبير شئون الدولة. أهمية المعلومات وأوضح الدكتور الربيع أن الشفافية تعتبر ركنا أصيلا من أركان الحكم الرشيد، الذي يشمل فى أبعاده وأركانه (المساواة، حكم القانون، العدالة، المشاركة والمحاسبة، الشفافية، لافتا إلى أن هذا المفهوم الأخير يعني توفير المعلومات الدقيقة في وقتها والكشف عن الاهتمامات والأهداف والدوافع والموارد التى تحدها وتمتلكها الدولة وخلق فرص متساوية للجميع من منظمات حكومية وغير حكومية ومواطنين للاطلاع على كافة الحقائق المتعلقة بالعمل والأنشطة والبرامج والتمويل والتعاقد والمبادئ الحاكمة لهذه المنظومة الأمر الذي يؤدي عبر نشر هذه المعلومات إلى توسيع دائرة المشاركة والرقابة والمحاسبة لذلك تكتسب الشفافية قيمتها كأمر حاسم فى مكافحة الفساد وتحقيق التطور، مشدداً على أن مفهوم الفساد الشباب يعد مفهوماً مركباً له أبعاد المتعددة وتختلف تعريفاته باختلاف الزاوية التي ينظر من خلالها إليه، إذ يعد فساداً كل سلوك انتهك أياً من القواعد والضوابط التي يفرضها النظام كما يعد فساداً كل سلوك يهدد المصلحة العامة، وكذلك أي إساءة لاستخدام الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب خاصة هذا في القانون الوضعي أما في الشريعة الإسلامية فالفساد كل ماهو ضد الصلاح. يتنافس المتنافسون أشار الدكتور الربيع إلى أن ظاهرة الفساد تشمل جرائم متعددة مثل : الرشوة والمتاجرة بالنفوذ، إساءة استعمال السلطة، الإثراء غير المشروع، التلاعب بالمال العام واختلاسه أو تبديده أو إساءة استعماله، غسيل الأموال، الجرائم المحاسبية، التزوير، تزييف العملة، الغش التجاري، موضحاً أن تجارب الدول على اختلاف مستوى تنميتها الاقتصادية أو نظامها السياسي تشير إلى أن الفساد لا يرتبط بنظام سياسي معين بل يظهر عندما تكون الظروف مواتية لظهوره، ويوجد هذا بصور مختلفة ومتابينة في جميع النظم السياسية فالفساد، مما يجعل من السهل الحكم بأن الفساد يعد ظاهرة دولية وعامل قلق للمجتمع الدولي، وتتنافس الأنظمة العالمية فيما بينها في أساليب المكافحة والتصدي لظاهرة الفساد، وكانت المملكة واحدة من أهم الدول التي أبلت بلاء حسناً في ميدان المناهضة واجتثاث جذور الأسباب التي تنبت شجر الفساد، حيث تفاعلت المملكة مع الدعوات العالمية ومشاركة المجتمع الدولي في محاربة الفساد من خلال حرصها على عقد الاتفاقيات وحضور المؤتمرات والندوات وتعزيز التعاون الدولي، وبلورت المملكة كل ذلك في قالب واقعي تتجسد في وضع استراتيجية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد - الذي يعد عائقاً رئيسياً أمام جهود التنمية في دول العالم. الماضي الجميل ويرى الدكتور الربيع أن التاريخ يحمل بين طيات صفحاته شهادات موثقة بأن المملكة ربما تكون قد سبقت الدعاوى العصرية العالمية التي استنهضت همم المجتمع الدولي للحديث عن آليات لمكافحة الفساد، إذ إنه بإدارة عقارب الزمن للوراء والعودة إلى مشهد المملكة في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله وطيّب ثراه - عام 1932 م، سنكتشف بأنه كان هناك عمل دؤوب لوضع التنظيمات والتشريعات والأطر الحاكمة المناسبة لكل فترة مع تحديثها كلما استجدت الظروف وتغيرت المتطلبات، ومن بين ذلك كانت لجنة الإصلاح الإداري التي بدأت أعمالها في بداية الستينات الميلادية وتبعها إنشاء لجنة التطوير الإداري في بداية الثمانينات الميلادية، والتي نتج عنها عدد من التنظيمات الإدارية، كإنشاء وزارات وهيئات جديدة ودمج وزارات، ووكالات للتطوير داخل كل وزارة، وكذلك وزارة المالية المنوط بها دائما مسؤولية مراقبة ومتابعة إجراءات ما قبل الصرف، إضافة إلى جهات رقابية قائمة مثل ديوان الرقابة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق، وعلى هذا المنوال سار الخلف الصالح من ولاة الأمور في المملكة يتلمسون خطى مابدأه الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله بهدف دعم مسيرة التنمية الشاملة في المملكة، وتأكيد الاستمرار في مواصلة طريق مناهضة الفساد وتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة، من خلال العديد من الأنظمة والقوانين المعنية بذلك، التي تهدف إلى حماية مبادئ تلك النزاهة وتعزيزا للشفافية، من أجل القضاء على الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه. مأثورات وفي قراءة سريعة للمشاهد يتوقف بنا الدكتور خالد الربيع مع التطورات السريعة التى تشهدها المملكة على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، وكذا انضمامها للعديد من المنظمات الدولية والإقليمية وازدياد المشاريع البنية التحية في كافة مناطق المملكة ، وخاصة مع تزايد أعداد السكان وارتفاع حجم الناتج القومى، حتى أصبحت المملكة من مجموعة دول العشرين اقتصادياً وأكبر مصدر للبترول، إذ بلغ حجم ما تصدره في اليوم الواحد من البترول ما يتجاوز التسعة ملايين برميل يومياً وأصبحت ميزانية المملكة من أكبر الاقتصاديات في منطقة الشرق الأوسط، وفي سبيل الحفاظ على هذه المكانة العالمية للمملكة، تعمل حكومة خادم الحرمين الشريفين بكل جهد وجد ومثابرة، كل ذلك بتوجيهات سامية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفطه الله – ومن مقولاته المأثورة دائماً، ضرورة محاسبة المسئولين والوزراء حتى يمكن الحفاظ على مكتسبات الشعب والمال العام، وللتأكيد على ذلك جاء قرار خادم الحرمين الشريفين الحكيم بتشكيل هيئة مكافحة الفساد، والتي فرضتها الاعتبارات الخاصة بالفساد ذاته كمعوّق للنهضة والتطوير والتنمية ومعرقلة لانسياب حركة الاستثمارات، كما تقف حجر عثرة في طريق أي توجه نحو بناء اقتصاد قوي ومتين، وتفسد مناخ الخطط التنموية، ولاسيما الاقتصادية والاجتماعية، وتجعل حلم تحقيق العدالة بين أفراد المجتمع حلماً أقرب إلى السراب. التحديات ويلفت الدكتور الربيع الأنظار إلى قرار إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في 13/4/1432 ه كإحدى التوصيات التي تضمنتها الخطة الوطنية لمكافحة الفساد والتي تم تطويرها داخل أروقة مجلس الشورى مع ربطها إدارياً بخادم الحرمين الشريفين بشكل يعكس الرغبة والإرادة القوية للقيادة العليا في تحسين بيئة العمل التنظيمية والإدارية والرقابية، مما يؤكد أن حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع أجهزتها الرقابية والضبطية والوقائية أمام تحدٍ كبيرٍ لتحسين ترتيب المملكة كثمرة لخطوات الإصلاح الإدارية العديدة التي تم تنفيذها بتوجيهات كريمة وأوامر ملكية سامية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – كدليل على الرغبة الجادة في بذل أقصى جهد ممكن لاستئصال الفساد من خلال اقتراح وتعزيز الأنظمة والسياسات اللازمة لمنع الفساد ومكافحته، وأنه في سبيل تحقيق هذا الهدف وتهيئة المناخ المناسب الذي يمكن أن تعمل فيه الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتستطيع القيام بدورها على الوجه الأمثل - بما يرضي الله أولاً ثم قيادة الدولة - ينبغي أن نستوعب الدروس من تجارب دول مثل: سنغافورة وكوريا الجنوبية وماليزيا في محاربة الفساد. الثقة أضاف الدكتور الربيع أن هيئة مكافحة الفساد عملت منذ تأسيسها على استقطاب الكفاءات والموارد البشرية المؤهلة للعمل فيها , ومن ثم وضع الخطط التنفيذية , ورسم الاستراتيجيات المستقبلية التي تحقق للهيئة النهوض بمسؤولياتها على أكمل وجه بالإضافة لتدشين موقع للهيئة على الشبكة المعلوماتية بهدف تعزيز التواصل مع الجمهور، وبالإمكان قياس مؤشرات نتائج عمل هذه الهيئة، التي أخذت ثقة في نفسها بعد إشادة خادم الحرمين الشريفين بدورها، بالرغم من أن إنشاء هذه الهيئة يعود إلى وقت قريب، وحتى تظل مستمرة في الطريق الصحيح فهناك تحديات كبيرة تواجة المسئولين لاستكمال لوائحها التنفيذية من القوانين والأنظمة للوصول إلى نتائج مرضية والوصول إلى مراكز متقدمة في الشفافية و تحتاج من العمل والجهد الكثير، ومن ثم فينبغي الاستفادة من تجارب الدولة، بالإضافة لتطوير الدور الرقابي على جميع الهيئات والمؤسسات الحكومية و الجمعيات الأهلية، كما يتحتم على الوزراء والهيئات وجميع مؤسسات الدولة وكذلك الأشخاص التعاون معها و الاستفادة من خبرات الدول والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، ومتابعة المستجدات الدولية الراهنة فيما يتعلق بجرائم الفساد والرشوة وأساليب التعرف عليها وسبل محاصرتها، والعمل على تحقيق المزيد من التعاون الفعال، والمساعدة القانونية، وخاصة تبادل المعلومات والرأي والخبرات مع دول عربية وإسلامية وصديقة ، مشدداً على أنه من الضرورة التذكير دائماً بأنه لا ينبغي لأحد أن ينسى ما كان من دور للمملكة منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وتلك السنة الطيبة التي تجسّدت في سياسات الباب المفتوح، التي انتهجها من بعده خلفه الصالح من أجل استقبال المواطنين وحل مشاكلهم ، ويلتزم الوزراء والمسئولون في حكومة خادم الحرمين الشريفين بتطبيق ذلك في تخصيص يوم للمواطنين للوقوف على أسباب تأخر معاملاتهم والاستجابة لمطالبهم، ومسك الختام أن نستحضر توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله - عند إعلان ميزانية العام الحالى ، إذ طالب المسئولين والوزراء التواصل مع الإعلام والمواطنين، مما يبرهن على حرص خادم الحرمين الشريفين واهتمامه الشخصي في تحقيق الشفافية. المقياس الحقيقي من جانبه قال توفيق العلاف مدير مكتب وكالة الأنباء السعودية في القاهرة: إن المملكة قد حققت نتائج ملموسة على طريق الشفافية ومكافحة الفساد بفضل توجيهات كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، حتى غدت إحدى القوى الكبرى في مجموعة العشرين اقتصادياً عالمياً، موضحاً أن سياسة الشفافية والصدق التي يتعامل بهما خادم الحرمين الشريفين تعد نموذجاً ينبغي أن يقتدي بها كل مسؤول في موقعه، فيستشعر حجم المسؤولية ويعمل على قدرها، وأنه وفقاً لمدى نجاحه أو إخفاقه في تلبية مصالح المواطن يكون المقياس الحقيقي للحكم على صلاحية المسؤول، مشيراً إلى أن توجيهات خادم الحرمين الشريفين دائماً تؤكد على مبدأ الشفافية وأنه لا مجال للتساهل أو التهاون مع من يقصر في تقديم الخدمة، مشيراً إلى حرص خادم الحرمين الشريفين على الشفافية والذي يجسّده ليس فقط الاهتمام بما تنقله المراصد الخاصة بقياس مستوى الأداء في المؤسسات بقدر ما يعتمد على أدوات أخرى إعلامية للوقوف على مدى رضا المواطن في الشارع من سخطه على الخدمة التي يتم تقديمها له. وأوضح العلاف أن الاهتمام بفلسفة الشفافية يأتي تجسيداً لقناعة القيادة بمدى الوعي الذي وصل إليه المجتمع، وضرورة إطلاعه على حقائق الأمور التي تهمه بدقة ووضوح من أجل سد باب الشائعات، التي قد تتحول في لحظة ما إلى مادة تثير لعاب الإعلام إلى حد المبالغات وتكون الثمار أخباراً غير ناضجة أو دقيقة، ومن ثم فإن الرؤية الحكيمة لحكومة المملكة وبتوجيهات كريمة من خادم الحرمين ضرورة أن تكون هناك شفافية لقطع الطريق على التأويلات والاجتهادات التي قد تنحرف عن المسار الصحيح، مشيراً إلى أن هناك كثيراً من الشواهد التي تبرهن بوضوح على اهتمام خادم الحرمين الشريفين بتطبيق مبدأ الشفافية ومنها : توجيهاته الكريمة لسفراء المملكة بضرورة فتح أبوابهم أمام المواطنين ، وقد سجل التاريخ قوله: ( ما أسمعه عن إغلاق سفاراتنا غير مقبول وافتحوا أبوابكم وقلوبكم لإخوانكم المواطنين). وأضاف العلاف أن اهتمام خادم الحرمين الشريفين بتكريس مبدأ الشفافية قد أكسب المواطن حجة أمام المسؤولين والوزراء وكافة القيادات بضرورة أن تكون هناك مصارحة ، باعتبار أنه لا مجال لممارسة أسلوب التعتيم التي سيدفع ثمنها من يحاول أن يلجأ لها، لافتاً إلى أن إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد بتوجيهات كريمة من خادم الحرمين ساهمت في تكريس مبدأ الشفافية حتى أصبح هذا المبدأ حقيقة مؤسسية توفر المعلومة للمواطن وتجعله في موقع الحدث وعين الحقيقة دائماً. الريادة من جانبه أكد عامر الشهري باحث دكتوراة سعودي في جامعة القاهرة المصرية، أن المملكة حققت تقدماً ملموساً في مؤشرات الشفافية العالمية، بفضل الجهود التي تبذلها حكومة المملكة بتوجيهات كريمة من خادم الحرمين الشريفين –حفظه الله – حتى يكون هناك التزام بمعايير الشفافية والنزاهة والعدالة، حتى أصبحت توجهاً استراتيجياً واضحاً للحكومة، من أجل أن يستمر المجتمع متمسكاً وعاملاً بقيمه الإسلامية والأخلاقية للتصدى لأي سلوك خارج المسار السليم، موضحاً أهمية إقرار استراتيجية وطنية لحماية النزاهة، والدور الذي تقوم به هيئة مكافحة الفساد، ، باعتبارهما أرضاً صلبةً وإطاراً عاماً شاملاً وكافياً لتحقيق التقدم على أرض الواقع في المجتمع السعودي، مشيراً إلى أن جهود وإنجازات خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - في مجال تعزيز النزاهة والشفافية في المجتمع السعودية لا تقف عند مجرد إقرار الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد والبدء في تفعيلها من خلال إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد فحسب، وإنما أيضاً في قراراته السامية بالموافقة على الترخيص لإنشاء منظمات المجتمع المدني التي تُعنى بتعزيز قيم الشفافية والنزاهة، والتأكيد في خطابه الإعلامي على الحفاظ على تلك المبادئ وضرورة تطبيقها في جميع تعاملاتنا، لافتاً إلى ضرورة أن تتكاتف كافة الجهود على مستوى الأصعدة بما فيها أفراد المجتمع من أجل البناء على القاعدة الصلبة التي وفرها خادم الحرمين الشريفين في هذا الشأن، والاهتمام بالتطبيقات السليمة لها ومعالجتها، حتى تتحقق الغاية المنشودة في وطن قوي يتناسب مع دوره الريادي عربياً وإسلامياً وإقليمياً ودولياً.
غابت الشفافية وانتشر الفساد.. من المسئول؟ بات الفساد واحدا من المعضلات الكبرى التى تواجه العالم العربى مما أسهم فى إبقاء معظم بلاده فى حالة تشابك مع فقر التنمية وغياب النمو الحقيقى لأنه ببساطة يلتهم عائدات الاقتصاديات الوطنية لصالح نفر من المتحكمين النافذين والمتورطين فيه سواء فى هياكل الدولة ومؤسساتها أو على مستوى الأفراد الذين أضحوا يقتدون بالنخب السياسية والتنفيذية. ولكن ما هو الفساد؟ وكيف ظهر على هذا النحو فى العالم العربى الى الحد الذى أصبح ظاهرة مرضية؟ وكيف يمكن تقليص حضوره باتجاه بناء منظومة من الشفافية وهو المطلب الذى يتصدر الخطاب السياسى والاقتصادى والاجتماعى خاصة مع صعود ثورات الربيع العربى فى عدد من البلدان العربية ؟ لا تعريف موحد فى البداية يقول المستشار الدكتور محمد صلاح أبو رجب الخبير في القانون الجنائي الدولي ل"اليوم" : على الرغم من أن الفساد ظاهرة تاريخية وموجودة في كل المجتمعات – بشكل متفاوت – إلا أنه لا يوجد تعريف موحد له خاصة في ظل عدم وجود خطوط واضحة وموحدة بسبب تباين العوامل الاجتماعية والثقافية والدينية من مجتمع إلى آخر , وعموما – كما يضيف - يعرف الفساد اصطلاحا بأنه سلوك غير سوى ينطوي على قيام الشخص باستغلال مركزه وسلطته في مخالفة القوانين واللوائح والتعليمات بتحقيق منفعة لنفسه أو لذويه من الأقارب والأصدقاء والمعارف على حساب المصلحة العامة. ووفقا لرؤيته فإن خطورة الفساد تتمثل في الإضرار بالمصالح الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للمجتمع وينتشر الفساد بشكل كبير في الدول العربية وترجع أسبابه إلي ما يلي: أولا : الأسباب الاقتصادية: وتتمثل في سوء الوضع الاقتصادي لبعض الذين يمتلكون السلطة العامة، فضلا عن تدخل الحكومة في الأنشطة الأقتصادية ذلك لأن الأفراد يميلون إلي منح الرشاوى للمسئولين لتخطي القواعد والنظم والإجراءات العامة، كما يخفق المسئولون أحيانا في رفض تلك الرشاوى. أن غياب منظومة القيم فى العقود الأخيرة مع سوء الإدارة والافتقار الى التشريعات الصارمة جعل البعض - خاصة من العاملين فى الأجهزة والمؤسسات الحكومية - يخضع الأمور لتقديراته الشخصية بعيدا عن المصلحة العامة الأولى بالرعاية فباتوا لا يفرقون بين الحلال والحرام ويقبلون الرشاوى باعتبارها هدايا وبالذات فى مجال منح التراخيص القانونية. ثانيا : الأسباب السياسية والإدارية: وتتمثل في غياب القيادة السياسية "القدوة" وضعف الإرادة السياسية لمكافحة الفساد، خاصة لدى السلطة التنفيذية، فضلا عن غياب الشفافية وعدم السماح للمواطنين ولوسائل الإعلام الوصول للمعلومات والسجلات العامة، بالإضافة إلى وجود صلاحيات وسلطات للموظفين وللأجهزة التي يعملون بها لا تستند إلى معايير وضوابط موضوعية. ثالثا : الأسباب الثقافية والاجتماعية: وتتمثل في تأثير العلاقات الشخصية في الحياة الاجتماعية (المحاباة والمحسوبية)، وإحساس الأقليات القبائلية والعرقية بالظلم، وانخفاض مستوى الوعي لدي المواطنين ومستوي معرفتهم بأشكال الفساد وأساليب مكافحته، والخلل في المنظومة الأخلاقية والقيمية للأفراد خصوصا بعد الثورات التي حدثت في عدد من الدول العربية والتي تحول فيها مفهوم الحرية إلى مفهوم الفوضي، وضعف أداء أجهزة الإعلام بمختلف صورها. رابعا : الأسباب التشريعية: وتتمثل في التضخم وعدم الاستقرار التشريعي وعدم فعالية التشريعات اللازمة لضمان الشفافية والحكم السليم. فضلاً عن سوء صياغة القوانين واللوائح المنظمة للعمل الأمر الذي يعطي للموظف فرصة للتهرب من تنفيذ القانون أو الذهاب إلى تغييره بطريقته الخاصة التي قد تتعارض مع مصالح المواطنين. ويلفت المستشار الدكتور رجب الى أنه نظرا لتحول الفساد الى آفة عالمية، فإن مكافحته ليست مسئولية كبار الموظفين الحكوميين وحدهم، بل هي مسئولية جمع فئات وقطاعات المجتمع المختلفة، وتتمثل آليات مواجهته فيما يلي: أولاً: تبني الحوكمة الصالحة: وتتمثل أبعاد الحكم الصالح في حكم وسيادة القانون والشفافية والاستجابة والمشاركة والإنصاف والفاعلية والكفاءة والمساءلة والرؤية الاستراتيجية. ثانياً: تفعيل مبدأ المسئولية: حيث إنه يعد أحد أهم الأركان الرئيسية لقيام حكم رشيد وصالح، بعيدا عن الفساد والمحسوبية بحيث يمكن مساءلة كل من أخطأ مهما كان منصبه. ثالثاً: الشفافية: وهي تعني الوضوح التام في اتخاذ القرارات ورسم الخطط والسياسات وعرضها على الجهات المعنية بمراقبة أداء الحكومة نيابة عن الشعب وخضوع الممارسات الإدارية والسياسية للمحاسبة والمراقبة المستمرة. وتعد الشفافية إحدى السبل الكفيلة بالقضاء على الفساد والحفاظ على المال العام، بحسبانها آلية ناجحة من الآليات التي اعتمدتها جميع الإدارات الحديثة في النظم الديمقراطية للحد من هذه الآفة التي تضرب بشكل خاص القطاع العام مبينا فى الوقت ذاته أن الشفافية والفساد مفهومان يقعان على طرفي نقيض فكلما اتسعت دائرة الشفافية ضاقت دائرة الفساد. ولهذا يعتبر انعدام الشفافية انتشارا واستفحالا للفساد ومحاولة صريحة وواضحة للتغطية عليه وتمريره، فالتعامل غير الشفاف يخفي وراءه كل ما يمكن أن يضر بالمصلحة العامة والخاصة ويشوه صورة الوظيفة العامة والعمل العام. وبواسطة الشفافية يمكننا تحديد بؤر الفساد وحصرها، وبالتالي معالجتها وتسمية الفاعلين فيها فتصبح الشفافية احدى أدوات أو وسائل الوقاية من الفساد حيث يقوم من لم يكشف أمر فساده عند سماع غيره إلى معالجة أخطائه قبل أن تظهر على الآخرين. ولهذا، فلابد من إرساء مبدأ الشفافية في جميع التعاملات وجعلها واقعاً حياً ومعاشاً والسعي إلى إرساء هذا المبدأ يعتبر واجباً وطنياً يجب السعي إليه بكل مصداقية، ويجب على الحكومات العربية أن ترسي هذا المبدأ عن طريق إصدار التشريعات اللازمة. رابعاً: تحديث وتفعيل النظم والقوانين، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية في ملاحقة جرائم الفساد. خامساً: تعزيز وتنمية وعى أبناء المجتمع بأضرار الفساد، وكيفية محاربته من خلال مختلف قنوات الاتصال، والتفاعل مع الجمهور، ومؤسسات التعليم والإعلام، والمؤسسات الثقافية والدينية من خلال نشر وتبنى القيم الأخلاقية فى المجتمع وإبراز القدوات فى كل مجال، وزيادة الشعور بالانتماء للوطن. سادساً: تفعيل دور الأجهزة القضائية فى ممارسة دورها الأساسى فى كشف حالات الفساد فى مختلف أجهزة الدولة، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة إزاءها وعدم التدخل أو التأثير فى مهامها من قبل الأجهزة الحكومية الأخرى، واتخاذ الإجراءات العقابية الرادعة لكل من ثبت تورطه فى قضايا الفساد الإدارى ونهب المال العام مهما كانت شخصيته ومركزه الوظيفى أو الاجتماعى. سابعاً: إصلاح الجهاز الإداري من خلال إصلاح هياكل الأجور والرواتب، وزيادة التنافس بين مقدمي الخدمات والحد من الاتصال المباشر بين طالب الخدمة ومقدمها، والأخذ بسياسية التدوير الوظيفي، ووضع مواثيق أخلاقية وسلوكية في المنظمات العامة. وفي حديثه يرى المستشار الدكتور رجب أن الشروع فى تطبيق كل ما سبق بفاعلية يعنى بداية العد التنازلى لتلاشى الفساد والمفسدين من كل مؤسسات الدول العربية، وبداية التوجه الصحيح نحو أداء متميز فى هذه المؤسسات يواكب تطورات العصر ويحقق التقدم المنشود لمجتمعنا العربي. انتشار غير لائق ويشير الدكتور حمدى عبدالعظيم الخبير الاقتصادى المصرى ورئيس أكاديمية السادات الأسبق فى حديثه ل «اليوم» الى أن الفساد بات بالفعل منتشرا فى الأجهزة الحكومية بالعديد من الدول العربية خاصة على صعيد الخدمات التى تقدم للمواطنين وهو ما يتجلى فى تصاعد حالات الرشاوى والمحسوبية فضلا عن حالات التربح سواء فى العمل الحكومى أو العمل السياسى بالنسبة للشخصيات العامة من قبيل حصولها على عمولات بنسب محددة فى صفقات سلاح أو صفقات مالية أو تجارية أو مشروعات استثمارية. ولكن الأخطر فى هذا الشأن – الكلام للدكتور عبدالعظيم – يتمثل فى قيام الشركات العالمية متعددة الجنسيات بدفع رشاوى وعمولات لبعض كبار المسئولين العرب النافذين فى دولهم للفوز بصفقات معينة أو الحصول على عطاءات بعينها من خلال التسابق على عمليات اختراق للجان الحكومية المسئولة عن منح الموافقات على هذه العطاءات وهو ما أسهم فى خلخلة هذا الجانب وخلق طبقة مستفيدة من هذه الاختراقات الأمر الذى فاقم من ظاهرة الفساد فى المنطقة العربية. ويرى عبدالعظيم أن غياب منظومة القيم فى العقود الأخيرة مع سوء الإدارة والافتقار الى التشريعات الصارمة جعل البعض - خاصة من العاملين فى الأجهزة والمؤسسات الحكومية - يخضع الأمور لتقديراته الشخصية بعيدا عن المصلحة العامة الأولى بالرعاية فباتوا لا يفرقون بين الحلال والحرام ويقبلون الرشاوى باعتبارها هدايا وبالذات فى مجال منح التراخيص القانونية سواء فى المعاملات الداخلية أو الخارجية فتخلق الفساد المالى والإدارى الذى أعقبه الفساد السياسى وأضحى الأمر أقرب الى الظاهرة الطبيعية والعادية المقبولة من الجميع حكاما ومحكومين. فساد ال «سداح مداح» وسألت الخبير الاقتصادى الدكتور حمدى عبدالعظيم عن تقييمه لدور تطبيق سياسات الانفتاح الاقتصادى على نحو غير منضبط وآليات السوق والخصصة فى العقود الأخيرة فى تعميق ظاهرة الفساد فى العالم العربى فأقر بالدور الكبير لهذه العوامل خاصة مع بدء تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادى فى مصر على سبيل المثال فى سبعينيات القرن الفائت والذى وصف بأنه انفتاح السداح مداح على حد تعبير الكاتب المصرى الكبير الراحل أحمد بهاء الدين وأعقب ذلك تحولات هائلة ناتجة عن الرغبة فى الاندماج فى الاقتصاد العالمى بطريقة غير صحيحة وتطبيق سياسات الخصصة وبيع أصول القطاع العام بأسعار أقل من الحقيقة لتحقيق مصالح شخصيات نافذة فى السلطة وبيع الديون مقابل الأصول المملوكة للدول مثل حالة جمال مبارك والذى قام ببيع ديون بلاده للدول الدائنة فى عملية مريبة حقق من ورائها المليارات. ولكن ألم تفض ثورات الربيع العربى الى الحد من ظاهرة الفساد فى المنطقة ؟ يعلق الدكتور حمدى بقوله : على الرغم من اندلاع هذه الثورات فإن ظاهرة الفساد ما زالت مستشرية لأن البنية الاقتصادية والاجتماعية فى دول الربيع العربى لم تتغير والنظم ومنظومة القيم الاجتماعية لم يطرأ عليها أى تعديل بل تفاقمت الأمور من فرط استمرار الانفلات الأمنى وغياب هيبة الدولة والافتقار الى الرشد أو النضج السياسى وأصبح الجميع مشغولا بالخلافات السياسية دون الإقدام على تغييرات جوهرية فى الواقع المعاش. ويشدد الدكتور عبدالعظيم فى إطار تصوره للحد من ظاهرة الفساد على ضررورة إعادة صياغة التشريعات الرامية الى مكافحة الفساد وإشاعة الشفافية كقيمة فى الواقع العربى بحيث تكون محددة وواضحة وقاطعة ولا توفر فرصة للتأويل والتفسير الخاطئ حسب الأهواء ويدعو فى الآن ذاته الى أهمية استقلال الأجهزة الرقابية عن السلطة التنفيذية بحيث تؤدى مهامها وتمارس نشاطاتها بمنأى عن أى قرار أو توجيه سياسى من النخبة الحاكمة والأهم وفق منظوره هو السعى بقوة الى تعميق منظومة القيم وتفعيل أداء مفردات المجتمع المدنى من خلال قيام المراكز البحثية المتخصصة فى البلدان العربية بدراسات سياسية واجتماعية تصب فى هذا المنحى فضلا عن قيام وسائط الإعلام المتعددة والمنابر الدينية سواء فى المسجد والكنيسة الى جانب المناهج الدراسية بمراحل التعليم المختلفة بلعب دور فعال فى توسيع كراهية الفساد والتحفيز على ممارسة الشفافية وفق محددات منظومة القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية المتعارف عليها فى المجتمعات.
إذا ظهر الفساد فى أرض.. فأقم عليها مأتما وعويلا للفساد أوجهه المتعددة فهناك الفساد السياسي الذي قد يتفشى في المرافق العليا، وهناك الفساد الإداري الذي قد يتفشى في المؤسسات والإدارات العامة لكن مما لاشك فيه أن أسوأ أشكال الفساد هو الفساد الأخلاقي.وقد يكون بالإمكان إصلاح الفساد الذي تفشى في الأجهزة الحكومية بأن يتم إجراء التعديلات في الأنظمة والدساتير, وقد يكون بالإمكان إصلاح الفساد في الإدارات العامة بإجراء التغيرات، وبمساءلة ومعاقبة وبإبعاد عناصر الفساد, لكن ليس من السهل جدًّا إصلاح الفساد الأخلاقي رغم أنه الفساد الأخطر الذي من شأنه أن يُقوض المجتمعات وهو الفساد الذي يصيب النفوس والذي يتغلغل فيها أشبه بمرض عُضال قد يصعب على أمهر الأطباء معالجته والقضاء عليه. كيف ومن أين يبدأ الفساد الأخلاقي؟ ..يبدأ مثل هذا الفساد عادة عندما يقدم الشخص على ارتكاب كل ما يخالف الفضائل والمبادئ الدينية، والتقاليد والأخلاقيات وحتى القوانين...وفى إطار هذا الموضوع ما هي أنواع الفساد وخطورتها على المجتمع العربى؟ .وفيما يلي التحقيق التالي: تحديات خطيرة فى البداية يقول المفكرالإسلامى الدكتور حسن عباس زكى : عضو مجمع البحوث ووزير الاقتصاد الأسبق :إن مستقبل التنمية الصناعية فى العالم العربى يواجه تحديات خطيرة بسبب العولمة والجات .وأن معالم الإيمان يكاد بنعدم ويتلاشى فى العصر الحاضر فالصلة بين الله والعالم تكاد تنقشع بالرغم من بساطة مفهوم رسالة الإسلام التى تنحصر فى الاستسلام والانقياد لله عز وجل هذه الدعوة التى تقوم على التوحيد .فالمسلم يتكلم باسم الله ويتحرك باسم الله ويعمل باسم الله فإذا كانت الحياة كلها باسم الله فلا مجال إذن للنفاق أو الكذب أو الغش . والحضارة الغربية فى واقع الأمر حضارة مادية خاوية من أى محتوى روحى أو معنوى وهى تفرض على الدول بالقوة العسكرية حينا والتجارية والاقتصادية حينا آخر أو بالمشاركة الدولية فى إنشاء مؤسسات دولية تشرع النظم التى تكفل للدول الأوروبية والأمريكية فرض سيطرتها الاقتصادية عليها. ومن أقوى العوامل الآن قوة المعلومات والإنترنت بما تشتمل عليه من قنوات فضائية ضخمة ووكالات إخبارية ترصد دبة النملة، وصحف عابرة للقارات وتشمل أيضا العديد من الاتفاقيات الدولية التى قننت تسهيل مهمة الهيمنة الغربية على بقية شعوب العالم مثل الجات والحد من الأسلحة النووية والبيولوجية وصندوق النقد الدولى والبنك الدولى للتعمير.
ولقد ظهر الفساد بكافة صوره الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية ولم تظهر الفاحشة فى قوم حتى يعلنوا بها ، إلاّ فشت فيهم الأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم ولم ينقصوا المكيال والميزان ، إلاّ أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان ولم يمنعوا زكاة أموالهم ، إلاّ منعوا القطر من السماء ، ولولا البهائم لم يمطروا .ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله ، إلاّ سُلّط عليهم عدو من غيرهم فيأخذ بعض ما فى أيديهم.سببان للفساد وقال زين العابدين المخزومي، أستاذ الفقه وأصوله بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت، إن جميع أنواع الفساد ترتبط بسببين، الأول: ضعف الوازع الديني. والثاني: ضعف ملكة الضمير لدى الإنسان.فالدين يعصم الإنسان من الزلل، والضمير فطرة مركوزة خلقها الله في البشر تدفعه إلى ارتكاب السيئات.لذلك يجب علاج الفساد من جانبين: جانب ذاتي، وجانب مجتمعي.والجانب الذاتي يجب أن يقوم الفرد به بنفسه، أما الاجتماعي فالحكومات والهيئات الأهلية والناصحون. المال الحرام أما الشيخ منصور الرفاعى عبيد وكيل أول وزارة الأوقاف الأسبق فيؤكد أنه إذا ظهر الفساد فى أى أمة فأقم عليها مأتماً وعويلاً، وأوضح أن مظاهر الفساد تتجلى فى أولا: التسيب وعدم الانضباط وبالتالى يكون الانصراف عن العمل والإهمال فى الإنتاج والكسل فى الأداء . ثانيا: يشيع من وراء ذلك الرشوة .والرشوة دائما تحطم الكيان الاجتماعى نتيجة المال الحرام الذى يتقاضاه أصحاب النفوس الضعيفة وهنا يظهرالأمراض والعلل لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :(كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به). ثالثا:انهيار الأسر لغياب المشرفين عليها فى الميادين وأماكن التجمعات والبحث عن أى خلل ليحصلوا من ورائه على مال ومن هنا يكون الانحطاط الخلقى .وهدم القيم الاجتماعية وبذلك ينتشر الفزع والرعب لقيام بعض الأفراد للتصدى للبعض الآخر .ويكون نتيجة ذلك الجرائم والفوضى. ظالمون طاغون من جهته، يرى الدكتور حسين شحاته أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر :أن الفساد الاقتصادى معناه ضياع الحقوق والمصالح بسبب مخالفة ما أمر به الله ورسوله وأجمع عليه الفقهاء ، أى الاعتداء على حقوق الأفراد والمجتمعات وعدم الالتزام بما أمرنا الله به ورسوله ، ويترتب عليه الهلاك والضياع. ولقد ظهر الفساد بكافة صوره الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية ولم تظهر الفاحشة فى قوم حتى يعلنوا بها ، إلاّ فشت فيهم الأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم ولم ينقصوا المكيال والميزان ، إلاّ أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان ولم يمنعوا زكاة أموالهم ، إلاّ منعوا القطر من السماء ، ولولا البهائم لم يمطروا .ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله ، إلاّ سلط عليهم عدو من غيرهم فيأخذ بعض ما فى أيديهم. تحريم شرعي وأضاف أن الشريعة الإسلامية، حرمت كل صور الفساد بأدلة من الكتاب والسنة ، ولقد تناولها الفقهاء بالتفصيل وبيان العلل من تحريمها ومن تلك العلل أنها تؤدى إلى ضياع الحقوق وهلاك المال والأعيان والموارد وكل هذا يقود إلى التخلف والفقر والحياة الضنك. ويستنبط من مظاهر الفساد وصورة المعاصرة أنه ينجم بصفة أساسية بسبب عدم تطبيق ما أمر الله به ، وعدم الانتهاء عما نهى الله عنه ، أى عدم الالتزام بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية بصفة عامة ، وفى مجال المعاملات الاقتصادية بصفة خاصة. الشباب العربى من جانبه، يعتبر اللواء دكتور بهاء الدين إبراهيم مساعد أول وزير الداخلية المصري الأسبق، أن شبابنا يمرون بظروف صعبة ولكن نستطيع بالسياسات الإعلامية والتربوية الرشيدة غرس القيم الخلقية العظيمة وفي مقدمتها قيم النزاهة والشفافية لمواجهة أي فساد . ووضع برامج تربوية وإعلامية لدعم السلوك الإيجابي مبيناً أهمية دور المدارس و مراكز الشباب و دور العبادة لتحصين الشباب مطالباً بالوصول إلى ميثاق شرف لأخلاقيات الشباب العربي . وأن القيم هى التي تحكم سلوك الإنسان بشكل عام لكن البشر لا يولدون بأخلاقهم إنما هم يكتسبونها من البيئة المحيطة بهم. وطالب بتضافر جهود مؤسسات المجتمع المدني لإرشاد الشباب وتوجيههم، موضحا أن الأخلاق هي صمام الأمان لأي مجتمع وهي التي تضمن الترابط المجتمعي وتحفظه وتقويه، مشيراً إلى وجود تأثيرات سلبية للعولمة إلى جانب وسائل الإعلام فى العصر الحديث ووجود أعباء وضغوط اجتماعية أخرى.
ورث فاتورة فساد بالمليارات .. ووقع في جدلية التغيير التي تزداد تعقيدا ارتبط مصطلح الفساد بكثير من الدول العربية التي مازالت تسعى لملاحقته حتى الآن ، وفيما قدرت المنظمة العربية لمكافحة الفساد أن حجم الأموال التي نهبت وسرقت وبددت في العالم العربي خلال الخمسين عاما الماضية بأكثر من ألف مليار دولار. تحول المواطن بعد ثورات الربيع العربي إلى مرصد اجتماعي لتنمية بلاده التى أصبحت لا تحتمل المزيد من الفساد .. (اليوم) استطلعت آراء الشارع العربي حول الفساد وطرق معالجته.. غرائب الفساد من جانبه، أشار كرم منصور، محرر مصرى، الى أن ثورة 25 يناير كشفت المزيد من صفقات الفساد داخل مصر، ولكن المفارقة ان المواطن المصرى بعد الثورة أصبح يتعقب الفساد واكثر إلماماً بالحياة السياسية. مضيفاً أن معالجة الفساد يجب ان تكون من رأس السلطة الحاكمة وصولاً للمواطنين، فعندما يكون الحاكم صالحاً سيكون قدوة وخير مثال للمواطنين. وتابع كرم حديثه : رغم قيام منظمة الشفافية العالمية بحصر مجالات الفساد الاقتصادى فى نحو 10 مجالات الا انها وصلت إلى 16 مجالا فى العقارات والتأمينات وشركات الاتصالات وغيره فى عهد مبارك، وهو ما انعكس على اسلوب المواطن ذاته وتصرفاته. وفي ذات السياق، أشارت سناء المروكية ، طالبة الطب المغربية، الى أن الفساد فى الوطن العربي يعتبر من أهم الأسباب التى تحول دون تقدم أي دولة داخله، أو تمكنها من تطوير مواطنيها وبالتالي منافسة باقي البلدان الغربية اقتصاديا وسياسيا وفنيا وثقافياً .. إلخ .. واوضحت سناء، أن الفساد الذي ينخر كل مؤسسات البلدان العربية والذي يؤدي للاستيلاء على مال الغير والمال العام بدون وجه حق، لن يقضى عليه أو يحد منه إلا عبر تضافر جهود أجهزة الدولة مع المجتمع المدني ومشاركة فعالة للمواطنين. الشيء الذي لن يتأتى إلا بعد المعرفة الدقيقة لأسباب الفساد والظروف التي تؤدي لانتشاره. ومن جانبها، قالت آية مواس، طالبة الطب الجزائرية، ان الفساد فى بلادها منتشر بشكل كبير، مضيفة "المعوق الأكبر ان الناس تٌغمض أعينها عن الفساد وتحاول ان تمثل أنها لا ترى". وأشارت آية الى أن الدليل على ارتفاع نسبة الفساد، هو انتشار البطالة، وسوء توزيع العدالة القومية، والفقر. والغريب بحسب آية، انه حتى الآن لم تأت ثورة فى الجزائر على الرغم ان المواطنين باتوا قاب قوسين او ادنى من ان يأكلوا بعضهم البعض. وتابعت آية : أتألم كثيراً وانا أرى بلدى وصلت لهذا الحال بسبب الفساد المستشرى فى ضلوعها، معتقدة ان الحل يكمن فى ضرورة التغيير الحتمى داخل الجزائر، وضرورة تعقب مصادر الفساد والرشوة بكل أنواعها، بالإضافة إلى توحد جهود الشعب من اجل مستقبل أفضل. عنق الزجاجة الفاسدة من جانبه، قال مراد شريف، مدير تسويق سورى، إن الفساد المنتشر في الدول العربية يعتبر أحد الأسباب التي تقف حاجزاً أمام العملية الديمقراطية وعجلة التنمية. قائلاً "إذا أردت التكلم عن حجم الفساد المزري المنتشر في سوريا سواء على مستوى الحكومة أو حتى الشركات الخاصة، أحتاج إلى مجلدات متخمة ولن أعطي للموضوع حقه" مؤكداً أن أحد أسباب قيام الثورة السورية العظيمة هي رغبة الشعب في الخروج من عنق الزجاجة الفاسدة الني تستنزف موارد الوطن لصالح عائلة الأسد وشركائهم الذين استطاعوا منذ استلام الأسد الابن سدة الحكم السيطرة على ما تبقى من منابع الاقتصاد الوافرة للوطن، تحت شعار (الإصلاح والتطوير) والتي قادها بشار الأسد نفسه ليعتلي عرش السلطة والنفوذ والمال دون رقيب أو حسيب ... وقد أداروا عجلة الاقتصاد بغسل أموالهم في البنوك والجامعات الخاصة وغيرها من الاستثمارات الضخمة التي يصعب علينا حتى استحصالها بعد سقوط النظام . وأكد مراد، ان مكافحة الفساد تحتاج إلى تأسيس هيئات وطنية غير ربحية بالتعاون مع الهيئات الإقليمية العاملة في هذا المجال لحشد الموارد اللازمة لبرامج مكافحة الفساد وتوعية المؤسسات الوطنية والبرلمانيين والأحزاب وصانعي القرارات السياسية لإدماج تدابير مكافحة الفساد بالبرامج الحكومية للارتقاء بالوعي المؤسساتي الوطني ودعم قدرات المنظمات الأهلية والمجتمعات المدنية العربية لمناهضة الفساد على أن تكون موازية لخطط إصلاح حقيقية للقطاع العام وتعزيز تطبيق ذلك مع القطاع الخاص. مشدداً على ضرورة الاستفادة من التجارب والخبرات المماثلة في العالم، قائلا "لا يمكننا أن نتجاهل ما يدور حولنا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير والعولمة وحرية العمل والتنافس المشروع وثورة المعلومات والإعلام وتكنولوجيا الاتصالات التي ساعدت على بلورة المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحولت العالم كله إلى قرية كونية أصبح فيها من الواجب علينا العمل بجدية للوصول إلى احياء الوعي السياسي والمدني لدينا وتفعيل دور المنظمات الأهلية وحماية المال العام لمواجهة اتساع مساحة الفساد والفقر في الدول العربية".. غرائب الفساد بينما أوضحت تقوى الشتيوي، طالبة الهندسة التونسية أنه "بعد ثورات الربيع العربي أصبحنا نسمع غرائب فى نسبة الفساد التى تزيد أكثر"، مضيفة أن الثورات كشفت الأقنعة الخاصة بالفساد. وأشارت تقوى أنها اصبحت تسمع فى تونس عن انواع فساد مثل الفساد الجنسي. وتعتقد تقوى ان أسباب انتشار الفساد هو بعد الإنسان عن تعاليم الاديان السماوية. قائلة "القرب من الدين الإسلامي يجعل الإنسان واعيا بما يفعله ويتعلم من سلوكه الخلوق. والسبب الآخر برأيها هو عامل الرقابة داخل المجتمع". وأضافت تقوى انه يجب ان تكون جمعيات كشف الفساد داخل المجتمعات العربية أكثر نشاطاً فى رصد حالات الفساد والتنديد بها. مؤكدة انها بعد ثورات الربيع العربي اصبحت البلدان لا تحتمل فسادا مجدداً. ومن جانبها، قالت سارة زواغى، طالبة الإعلام التونسية، إنه في خضم الانشغال بالتحولات الدراماتيكية التي افرزتها ثورات الربيع العربي قد يكون التقارب بين مفهوم الفساد والمواطن العربي يتصدر اولوية الاهتمام لما تموج به المنطقة من تصاعد للاحداث ولكن تبدو النتيجة المنطقية لظاهرة الفساد في الركن العربي مرهونة بالقيادة العرببة الحالية التي رفعت شعار النهضة العربية وهذه النهضة يحب ان تكون مباشرة. مشيرة انه عند الرجوع الى ما نشرته منظمة الشفافية الدولية لسنة 2012 يتأكد ان معدل او نسبة مؤشر الفساد ارتفع في تونس حيث تراجعت بعد الثورة الى المرتبة 75 علما بأن تونس كانت تحتل المرتبة 59 قبل الثورة، مؤكدة انه قد يكون المشهد من هنا غامضا لكن لا مجال لانكار التحدي الاكبر الذي يجب ان تتوخاه البلدان العربية، وهو في التعارض الذي سينشأ بين جدلية التغيير وظاهرة الفساد التي تزداد تعقيدا، وهذا التغيير سيكون القانون الاساسي لان تلعب الدول العربية دورا اكبر في تفعيل اتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد وهي غير حاضرة بقوة في عديد من البلدان العربية. وأكدت سارة أنه يجب تأهيل اطارات متخصصة للتعامل مع كافة أشكال الفساد.