فقدان أحد الوالدين أو كلاهما قد تكون سبباً في ظهور حالات الشد والتوتر العنيفة أو مشاعر العجز أو الرعب والخوف والعصبية الزائدة والكتمان بالداخل أو محاولة الهرب من الواقع. غالباً ما تهدأ حالات الخوف والاجهاد والتوتر هذه من تلقاء ذاتها. في حالات خاصة عند بقائها لمدة طويلة بالترافق مع عدم إمكانية المعالجة الكافية يمكن لها أن تؤدي لتشكل أعراض نفسية مكثفة. عند حولي الثلث من المصابين يضاف للذكريات المؤلمة والأوهام أي الأشياء الذي يصورها هذا الشخص لنفسه وما فعله بدون رغبته لحادث الصدمة النفسية والإصابة بالأمراض النفسية، التي تعني المزيد من المعاناة. يتم المبالغة باستخدام مصطلح الصدمة النفسية في اللغة العامية، حيث كثيراً ما يستخدم هذا المصطلح بالترافق مع كل التجارب الحياتية السلبية أو المؤلمة أو التي يصورها هذا الشخص لنفسه والتي يمكن أن تنجم عنها حالات اضطراب نفسي مركب. الأحداث التي غالباً ما تؤدي إلى صدمة نفسية للطفل، هي على سبيل المثال: الاعتداء أو العنف الجنسيين، وفاة الوالدين في مرحلة الطفولة،، والإصابة بالأمراض التي تهدد الحياة في مرحلة الطفولة، الإهمال العاطفي الواضح أو الإهمال الجسدي الجلي في الطفولة. قد يتعرَّض شخصٌ ما لتجربة جداً سيِّئة بعد وفاة أحد أحبَّائه. ونحاول فيما يلي وصفَ كيفيَّة التَّعامل مع فقدان الأشخاص، والمشاعر التي قد تظهر بعدَ الوفاة أو الفِراق، وأين يمكن للشخص أن يحصلَ على المساعدة والدَّعم. تُؤثِّر تجربةُ وفاة الأشخاص على الناس بطرقٍ مختلفة. وليس هناك طريقةٌ صحيحة أو خاطئة ليشعر الأشخاص بهذه التجربة. قد يشعر الشخصُ بالكثير من المشاعر في آنٍ واحد، أو قد يشعر بأنَّه يستمتع بيومه جيداً، ثم يستيقظ في اليوم الذي يليه ويشعر بمشاعر أكثر سلبية مرةً أخرى. وقد تظهر مشاعرُ قويَّة بشكلٍ غير متوقَّع. يتَّفق الخبراء عموماً على أنَّ هناك أربع مراحل يمرُّ بها الشخص عند فقدانه أحدَ أقربائه: تقبُّل حقيقة وفاة الشخص. الشعور بالألم و الحزن. * التكيُّف مع الحياة من دون وجود الشخص المُتوفَّى. * نقص طاقة الشعور بالحزن ووضعها في شيء جديد؛ بعبارةٍ أخرى، تخطِّي التجربة. من المُرجَّح أن يمُرَّ الشخصُ بكلِّ هذه المراحل، ولكن ليس بالضرورة أن يستطيعَ الانتقالَ بسهولة من مرحلةٍ إلى أخرى. وقد يشعُر بفقدان السيطرة على مشاعر حزنه, ولكن تقلّ قوّةُ هذه المشاعر بمرور الوقت. يجب أن يُعطي الشخصُ نفسَه وقتاً كافياً، لأنَّ هذه المشاعرَ ستَخفّ. وقد يشعُر الشخص بما يلي: * الصَّدمة ونقص الحس أو التَّنميل numbness (هذه عادة أول ردَّة فعل تحدُث بعد موت أحد الأشخاص، وكثيراً ما يقول الناس بأنهم في حالة ذهول). * حزنٌ كبير يصاحبُه بكاءٌ كثير. * التعب أو الإنهاك. * الشعور بالذنب .. وكلُّ هذه المشاعر طبيعية تماماً؛ والمشاعرُ السلبيَّة لا تعني أنَّ الشخصَ سيِّئ, فالكثيرُ من الناس يشعرون بالذنب تجاه مواقف معينة في حياتهم. يُصبح بعضُ الأشخاص كثيري النسيان، وتقلّ قدرتهم على التَّركيز. وقد يفقدون أغراضَهم الخاصَّة مثل المفاتيح وغيرها, وهذا بسبب أنَّ العقلَ منشغل بالفجيعة والحزن، فالشخصُ يفقُد صحَّته العقليَّة في هذه التجربة. التَّعامل مع مشاعر الحزن يجب على من يمرُّ بهذه التجربة الحديثُ وتبادل المشاعر مع شخصٍ آخر يُمكنه المساعدة؛ حيث يجب ألاَّ يمرَّ الشخص بهذه التجربة وحدَه. بالنِّسبة لبعض الأشخاص, يعدُّ الاعتمادُ على الأسرة والأصدقاء أفضلَ وسيلة لمواجهة الموقف. ولكن قد يعجز الشخصُ عن التحدُّث معهم كثيراً، ربَّما لأنَّ علاقتَه بهم ليست قويةً، أو لأنَّهم حزينون أيضاً، ويمكن التواصل مع جهاتٍ داعمة أو أصدقاء مقرَّبين للتغلُّب على مشاعر الفقدان. يُمكن الاستفادةُ من اختصاصيّ نفسي يُعطي الشخصَ الوقتَ والحرِّية ليتحدَّثَ عن مشاعره، بما في ذلك الحديثُ عن الشخص المُتوفَّى، وعلاقةُ الشخص به والأسرة والعمل والمخاوف والمستقبل. ويُمكن التواصلُ مع الاختصاصيّ النفسي في أي وقت، حتى لو كان الشخصُ المفقود قد تُوفِّي منذ فترة. يجب ألاَّ يخافَ الشخصُ من الحديث عن الشخص المُتوفى؛ فقد لا يذكُر الأشخاص في حياة شخص ما أسماءَهم لأنَّهم لا يريدون مُضايقةَ ذلك الشخص؛ ولكن، إذا شعر الشخص أنَّه لا يستطيع التحدُّثَ معهم، فقد يُسبِّب له ذلك الشعورَ بالعُزلة. قد تكون المُناسباتُ الخاصَّة والذكريات السنوية صعبةً على من فقد أحد الأشخاص. ولذلك، يُفضَّل القيامُ بكل ما يحتاج إليه الشخصُ الحزين ليتغلَّب على ذكرى ذلك اليوم. المساعدةُ على التكيُّف تُعدُّ كلُّ تجربةِ فقد فريدةً من نوعها، لذا لا يستطيع الشخصُ أن يعرف كم ستستمِّر. وبصفةٍ عامة، قد لا تشغل تجربةُ وفاةِ شخص ما عقلَ الشخص بشكلٍ دائم بعدَ مضي حوالي 18 شهرًا، وقد تكون هذه الفترةُ أقصرَ أو أطول بالنِّسبة لبعض الأشخاص، وهذا أمرٌ طبيعي. يُمكن للطبيب أو الاخصائي الاجتماعي مُساعدة الشخص إذا شعر أنَّه لا يستطيع مواجهةَ الموقف وحده. كما يحصل بعضُ الناس أيضاً على دعم من أحد علماء الدين. ولكن، قد يحتاج الشخصُ إلى المُساعدة في الحالات التالية: * لا يُمكنه النهوض من السرير. * عندما يُهمل الشخص نفسه أو عائلته؛ على سبيل المثال لا يأكل بشكلٍ صحيح. * إذا شعر الشخصُ أنّه لا يستطيع المُضي في حياته من دون الشخص المُتوفَّى. * تكون مشاعرُ الشخص قويَّة جداً لدرجة أنَّها تؤثِّر في بقيّة حياته، على سبيل المثال لا يمكنه الذهاب الى العمل، أو هو يصبُّ جامَ غضبه على شخصٍ آخر. تُعدُّ هذه المشاعرُ طبيعيةً ما دام أنَّها لا تدوم فترةً طويلة. ويعتمد وقتُ الحصول على المساعدة على الشخص؛ ولكن، يحين وقت طلب المساعدة إذا استمرَّت هذه المشاعرُ فترةً يشعُر الشخص أنَّها طويلة جداً، أو عندما تقلق عائلةُ الشخص بسبب طول المدة. ويُمكن تحويلُ الشخص إلى اختصاصيّ مناسب يستطيع الإشرافَ على صحَّته العامة. الرعاية النفسية ما قبل وفاة أحد المقربين إذا كان شخصٌ ما يعاني من مرضٍ غير قابل للشفاء، فإنَّه وأحبابه يستطيعون الاستعدادَ لخبر الوفاة. وقد تُفيد بعضُ الأشياء العمليَّة الأشخاصَ الذين يخوضون هذه التجربة. كما يُقدم مُستشارو الصحَّة النفسيَّة رعايةً ما قبل فقد الأشخاص، ويساعدون المرضى وأسرهم على التحكُّم في مشاعرهم. ومن المُهمِّ تقديم هذه الرعاية خصوصاً للأطفال؛ حيث يزداد مستوى الشدَّة النفسية لدى الأطفال لأعلى مستوى قبلَ وفاة أحد أعضاء الأسرة, لذا من المُهم تقديمُ الدَّعم في هذا الوقت. موسوعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الصحية