يقود التفكير السلبي صاحبه الى إصدار الآراء، وتقييم الأمور تحت تأثير الشك، والقلق، والتشاؤم، وعدم الثقة لا بنفسه ولا بالآخرين. أما التفكير الايجابي فيفتح باب الثقة والتفاؤل والايمان، واحترام الانسان بدون تمييز من أي نوع. بيئة العمل التي تنشر ثقافة التفكير الايجابي لا تستسلم للمعوقات والمشكلات، ويتم التعامل فيها مع الأخطاء كطريق الى النجاح. يستدعي التفكير الايجابي أن ننظر الى كل انسان نظرة ايجابية فإذا كان لديه نقاط ضعف فيجب أن نبحث عن نقاط القوة ونعمل على تعزيزها كما يستدعي أن نتعامل مع المشكلات بدون يأس وأن نتفاءل ونتوقع النتائج الايجابية يقال إن من يفكر ايجابيا فإنه يرى حلا لكل مشكلة بينما يرى السلبي مشكلة في كل حل. الايجابي يتطلع الى المستقبل والسلبي يركز على الماضي. تلك مقدمة أفتح بها باب البيت، والمدرسة، والجامعة، وبيئة العمل كي أطرح أسئلة حول مدى فعالية أساليبنا التعليمية والتربوية وحتى منابرنا الدينية والاعلامية في تعزيز التفكير الايجابي لدى الانسان تجاه الانسان وتجاه كافة القضايا في مختلف المجالات. لقد أصبحنا في الآونة الأخيرة تحت سيطرة تفكير لا يجد ايجابية في أي شيء، وأصبح النقد الساخر الجارح الذي يبحث عن السلبيات فقط كي يضخمها ويجعلها تحجب الايجابيات، هذا النقد صار هو المسيطر ومن يستخدم هذا الاسلوب غير الموضوعي في النقد هو في نظر البعض من يستحق المتابعة، وهو المواطن المخلص الصريح الجريء. هذه الاشادة تدفع الى مزيد من طرح السلبيات، والاثارة، والتشكيك في كل شيء. وفي اطار النقد السلبي وقيوده صار كل من يعمل ومن يوجه له النقد انسانا غير مبال وهو آخر من يعلم، ثم نحاصره بعبارة تقال للجميع (لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي) هذه العبارة صارت هي عنوان النقد ويتبعها عبارات تصل الى حد الشتم في مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت الى مواقع التصارع الاجتماعي. وهكذا يحضر النقد السلبي ويغيب النقد الذي يُخضع الأداء لمعايير مهنية وموضوعية. يمكن للناقد أن يقول مثلا ما يلي : هذا المشروع جيد، ونرى تطويره بالمقترحات التالية ثم يسرد المقترحات. هذا النوع من النقد سوف يتقبله المسؤول عن المشروع ويستفيد منه. أما اذا كان النقد من النوع الآخر الذي يستخدم عبارات مثل: (هذا مشروع فاشل يدل على التخلف الاداري، وعلى عدم الشعور بالمسؤولية ويؤكد أن الحالة ميؤوس منها) في هذه الحالة فإن المرجح تجاهل هذا النقد لأنه كلام عام غير محدد، وتهم غير مؤكدة. ويصح أن يقال عن هذا النوع من النقد إنه نقد سلبي غير بناء لأنه ينطلق أساسا من سيطرة التفكير السلبي. يستدعي التفكير الايجابي أن ننظر الى كل انسان نظرة ايجابية فإذا كان لديه نقاط ضعف فيجب أن نبحث عن نقاط القوة ونعمل على تعزيزها كما يستدعي أن نتعامل مع المشكلات بدون يأس وأن نتفاءل ونتوقع النتائج الايجابية. إن بيئة العمل التي تنشر ثقافة التفكير الايجابي لا تستسلم للمعوقات والمشكلات وقد يكون النقد غير الموضوعي أحد هذه المعوقات لكن من يعمل بجدية واخلاص ورؤية واضحة لن يتأثر بالنقد غير البناء واذا وجدت أخطاء في الجهاز الذي يشرف عليه فسوف يتعامل معها إيجابيا ويجعلها طريقه الى النجاح. وحتى تصبح بيئة العمل بيئة ايجابية فلا بد أن يتوفر فيها ما يشجع الأفراد والمجموعات على التفكير الايجابي ومن أهم العناصر المطلوبة لتعزيز هذا الاتجاه وجود الثقة. إن جو الثقة يساعد على تشجيع وتحفيز الناس على التفكير الايجابي وتقديم التوقعات الايجابية. هذه الثقة اذا توفرت في المجتمع الكبير فإنها تكون مفتاح التفكير الايجابي، ومن ثم ستكون أحد العوامل المهمة في ايجاد الفكر النقدي الايجابي الذي نحتاجه في كافة المجالات. هذا الفكر النقدي الايجابي هو النقد الذي يحتاجه الوطن في هذا الوقت وفي كل الأوقات. نحتاجه في مواقع العمل وفي البيت والمدرسة والجامعة، وفي كل الأنشطة والبرامج. هذا الفكر النقدي الذي سوف يخلصنا من خطر الانتقادات المتسرعة والانطباعات الانفعالية، والآراء العاطفية، والاستناد الى الاشاعات، وتوزيع الاتهامات بدون أدلة وبراهين. إن هذا الفكر النقدي لا بد أن يتحول الى هدف استراتيجي لبرامجنا التعليمية والثقافية والاعلامية وأظن أن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني يستطيع أن يساهم في تعزيز هذا المفهوم وتحويله الى واقع. ويمكن القول إن الاحباط يرتبط الى حد كبير بالتفكير السلبي وإن المحبط يميل الى إصدار أحكام انفعالية وطرح مبررات غير واقعية وبالتالي فان التعامل مع الاحباط يبدأ بنشر وتعزيز مفهوم واسلوب التفكير الايجابي والفكر النقدي الموضوعي الذي ينطلق من الحقائق ويبحث عن الحلول وليس البحث عن الإسقاطات في كل اتجاه.