((.. في صباح ليلة العرس نزل أمل ولم يعُد شهراً.. ولم يعُد حتى الثامنة مساء! وكُدْت أجنّ! . هذا جزء مما حكت السيدة (عبلة الرويني) عما حدث صباح ليلة الزفاف من زوجها الشاعر المشهور (أمل دنقل) في كتابها (الجنوبي) والذي هو أفضل ما كُتب عن سيرة ذلك الشاعر الذي عاش للشعر والمقاهي والتشرد والتمرد والفقر، ولم يتصوّر أصحابه أنه سوف يتزوّج يوماً، ولكن عبلة الرويني أصرّت عليه حتى تعجب أصدقاؤه من زواجه! وسبب إصرارها الحب! والمرأة إذا أحبّت أرادت، وإذا أرادت فهي شديدة الإصرار والعناد، وقفت ضد إرادة أهلها وصديقاتها.. كلهم يرون أنّ (أمل) شاعر مبدع لكنه لا يصلح ربّ أسرة، بل هو نفسه يعترف بذلك ويحاول حمايتها من الوقوع في الفخ: * (إنني لن أستطيع الزواج منك فأنا لا أملك شيئاً.. * سنتزوج!! * ستشقين معي فأنا لا أملك قوت يومي! * أشقى أكثر بدونك وأنا أملك قوت غدي !.. * كيف يمكنني الزواج بك في ظل ظروفي الاجتماعية؟ ألم تدركي بعد أنّي لا أستطيع رؤيتك كل يوم لأن علاقة الحب هي بالأساس علاقة اقتصادية لا أقدر عليها! ..) هكذا دار الحوار ! والأغرب أنها -كما تقول- وقعت في حبه من أول لقاء معه.. ذلك الجنوبي الأسمر المبدع في الشعر.. سُمي (الجنوبي) لأنه قدم من جنوب الصعيد كان أول لقاء صحفي لعبلة الرويني مع أمل دنقل في (مقهى ريش) وأول ما رآها قال لها: هل تخجلين من الحبوب المنتشرة على وجهك؟!.. وخجلتُ بالفعل وارتبكتُ من السؤال حتى بادرني فقال: (إني أحب هذه الوجوه!) الجنوبي 82 * على أي حال كانت عبلة هي الفرح الوحيد في حياة أمل وفي شعره، هذا الرجل الذي مات شاباً: (أَيدومُ لنا البيتُ والمرحْ نتخاصمُ فيه ونصطلحْ دقّاتُ الساعة والمجهول تتباعدُ عني حين أراكِ وأقولُ لزهر الصيف أقول لو ينمو الوردُ بلا أشواكِ ويظلُّ البدرُ طوالَ الدهر لا يكبرُ عن منتصف الشهر آه يا زهر لو دمت لنا.. أو .. دام النهر..)