اتفق مع القول القائل: لقد تقسّم العالم إلى نمطين من البشر. أولئك الذين يعشقون التحدّث وأولئك الذين يكرهون الاستماع . لكن حكمة الخالق تعالى أعطت الإنسان فما يستطيع إغلاقه، وأعطت له أذنين يستطيع إغلاقهما بيدين أو بوسيلة إغلاق أخرى. والحديث ممل عن ظواهر غريبة جاء بها عصر الترف إلى مدننا وقرانا أيضا. وملّ الناس أخيرا عن ظاهرة الحديث عن العبث في قيادة السيارات، بطريقة مثيرة تهدد سلامة الراكب ومرافقيه ناهيك عن المارة من الراجلين ومستعملي السبيل. الظاهرة التي استشرت في مجتمعنا وربما دخلنا موسوعة عالمية في وجودها عندنا. تعارفنا على تسمية الحركة تلك " التفحيط ". أذكر في شارعنا وحده بالرياض مات خلال سنة واحدة ثلاثة شباب. ورأيتُ حالات تلف ممتلكات، وحالة أخرى ذهبت ضحيتها طفلة، لم تكن تعبر الشارع بل كانت تمشي على الرصيف وبرفقة أهلها . وشكرا جماً للدوريات الأمنية، خصوصا في الأيام الأخير بعدما أخذت صلاحيات أوسع بالقبض على الفاعلين وتوقيفهم. ولو رصدنا عددا من الأحاديث الشفهية التى تدور، وكذا الحوارات التي تُسمع، والتي لا تُسمع!، سنعلم أن تقليل تلك المآسي ليس بيد الدوريات وحدها، بل برصد مواقع الممارسة ووضع العوائق والموانع والردع الذاتي بالعامية نقول : مطبات صناعية. والمرحلة الحالية حرجة، وتحديب الشارع أقل تكلفة من نوبات الغم عند الوفيات والإعاقات والتعكير والإنزعاج أثناء تلك المجازفات المزعجة . ولا أرانا البؤرة الوحيدة لإهمال أخلاق القيادة، فعبارة ( سبيد ليميت ) أي تحديد السرعة دخلت قواميس الأنظمة المرورية والإنشائية وهندسة الطرق في العالم كله تقريبا. ولا عيب في استعمال الموانع ( المطبات الصناعية ) أو بلغة النحويين ( سنام تعويق السرعة ). المطبات تلك ليست مظهر تخلف. لنقرأ مثلا في صحيفة " إيفيننغ نيوز " البريطانية مايلي : " آلاف الجنيهات سيجري إنفاقها لوضع ( سبيد هامبز ) Speed Humps ، في الشوارع الهادئة والجميلة لمنع " الأولاد " الذين تستهويهم السرعة الجنونية .